توقفت جرافات الاحتلال عن التجريف يوم الأربعاء الماضي، على أثر “انتفاضة الأرض” التي خاضها أهلنا بالنقب بكل جرأة وعنفوان، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية ونشاطات برلمانية مشبوهة .
جرح البعض واعتقل نحو مائة متظاهر/ة، سطروا ملحمة جديدة شبيهة بمعركة الغاء “قانون برافر” الاستيطاني سيء الذكر إياه.
وقفت مجموعة من محامي أبناء النقب تدافع عن المعتقلين الذين دافعوا عن ارض النقب ، بغض النظر عن ملكية أصحاب الأرض الخاصين، انها ارض فلسطين التي يدافعون عنها .
ارض فلسطين المحتلة برمتها من البحر الى النهر، بقي منها في النقب وحده نحو 800 الف دونم تحت سيطرة أهلها وملكيتهم التي تعود الى ما قبل قيام دولة الكيان الصهيوني كما صرح احد المتظاهرين.
تدعي دولة الاحتلال انها ارض مصادرة، سجلتها في دوائر “الطابو” الصهيونية ” كارض مختلف عليها ” .. وهي ما تبقى للفلسطينيين داخل ما يسمى الخط الأخضر من ارض، بعد مصادرة معظم أراضي الجليل والمثلث والساحل، ارض واسعة، ذات شأن يجب الدفاع عنها بكل ما اوتينا من قوة ومنع غول المصادرة والاستيطان من الاستيلاء عليها، ابتداءً من مواجهة التحريش وزرع الأشجارلانهم يهدفون من وراء ذلك عدم استعمالها من أصحابها ليقيموا عليها المستوطنات الصهيونية لاحقاً ، عندما تتوفر أي شرذمة سكانية يهودية مهاجرة تقبل العيش في النقب الصحراوي .
لذلك نرى بشعار قلع الأشجار في أراضي سعوة والاطرش وباقي القرى غير المعترف بها الجاري تطويقها وتقليص مساحتها (بعكس وعود قائمة المنفوخ منصور عباس عندما دخل الحكومة الصهيوفاشية) ، الذي توعد به شباب النقب امس وأول امس في خضم المواجهات مع شرطة وجيش الاحتلال الذي جاء لقمع المتظاهرين الذين يدافعون عن ارض الآباء والاجداد ، شعاراً ثورياً ووطنياً ، تماما كما رفع اهل النقب في تسعينات القرن الماضي شعار التمسك ب “البدونة” ورفض حياة “الحضر” التي هدف من خلالها العدو الصهيوني تجميع العرب البدو في مجمعات سكنية كبيرة على شاكلة مدينة “راهط “، كي تفرغ الأرض من أهلها ومن ثم مصادرتها . وهو نفسه المشروع الجاري حتى الآن بطرق متعددة .
لقد سعت وما تزال دولة الكيان بشتى الوسائل وشتى ” القوانين ” التي سنها “الكنيست” منذ عام 1953 وحتى اليوم ، للاستيلاء على ارضنا العربية الفلسطينية ، في الجليل والمثلث والمدن المختلطة والنقب ، حيث امتد مشروعها الاحلالي الى الأراضي المحتلة عام 1967 ، وهي تصادر اليوم القدس الكبرى ومعها 65% من أراضي الضفة الغربية ، وترفدها بنحو 700 الف مستوطن يهودي في الضفة الغربية ، كي تتمم عملية الاجهاز على كل ارض فلسطين التاريخية ، وتحول دون أي إمكانية لتقرير المصير حتى لجزء من شعب فلسطين وعلى جزء من ارضه ، كما تعلمون …
اذن معركة النقب هي نفس معركة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده على ارض وطنه المحتل فلسطين .. المعركة على ارض الوطن من البحر الى النهر .
هذه هي الحقيقة بدون رتوش وبدون تشويه من جماعة ” الحكومة والكنيست” العرب وامثالهم بالسلطة الدايتونية برام الله ، الخارجين عن القبول بهذا التعريف للصراع بين شعبنا الفلسطيني ودولة الكيان الصهيوني ، التي تستخدمهم مثلما تستخدم كل الوسائل التي يتمكن الكيان من تنفيذها بالقوة او بقوة القانون الذي يسنه “كنيست” دولة الاحتلال .
يجب عدم الرهان على هؤلاء حتى لو عبّروا عن مواقفهم الخجولة ضد المصادرة في النقب او في أي مكان آخر ، لانهم أعضاء فاعلون في نفس المؤسسات التي تصادر الأرض العربية . فمصادرة ارض الوطن برمته ومصادرة حق تقرير المصير لشعب ارض هذا الوطن ، ليس مسألة مصادرة ارض هنا وهناك فقط ، انها استيلاء على وطن كامل وسلب حق شعب كامل من تقرير مصيره ، هي اذن مسألة تحرير ارض من الاستعمار الاستيطاني وتحرير حق شعب في تقرير المصير بمفهومها الشامل ، دون التخلي عن أي معركة مهما كانت صغيرة ، لانها جزء من المعركة الكبرى .
للدلالة على الفرق بمفاهيم الدفاع عن الأرض ، مسألة وطن ام تطوير نمط العيش ، صرح المنفوخ منصور عباس اول امس على شاشة التلفاز الصهيوني، حيث اصبح مدلل هذا الاعلام الصهيوني، انه يرفض ويدين ما قام به الشبان في النقب من “اعمال شغب” ( مواجهات التجريف ) ، تماماً كما تتحدث الشرطة والاعلام الصهيوني ، ” لأن هذا على حد قوله يضر في مصلحتهم ويمنع تسوية قضية أراضيهم مع دولة اسرائيل” !!! طبعاً هو يدعي ان الجرافات التي أعلنت انها أكملت عملية التجريف وأوقفت العمل، تم بفضل مساعيه مع اطراف الحكومة واستخدامه لتكتيكات تصويتية بالكنيست لردع الحكومة .. وعلى نفس المقلب ، سمعنا في وسائل الاعلام ان حكومة بينيت تقترح إعطاء دونم ارض لجنود جيش الاحتلال من البدو كي يبنوا بيوتاً لهم على ارضهم المصادرة ، ربما لاحداث شرخ في المجتمع النقباوي .. لكن معركة الامس افشلت كل مآربهم ومؤامراتهم وستفشلها بالمستقبل !!!
ان معرفتنا باساليب قادة الصهاينة الذين خدعوا كل العالم ، اعترفوا بالقرارات الدولية ثم نسفوها برمتها على ارض الواقع ، سيعودون بعد تثبيت حكومتهم الى العمل على تحريش الأرض التي جرفوها هذا الأسبوع . هكذا اسقطنا “قانون برافر” الذين عادوا لينفذونه ببطء وهدوء في النقب ، وما أراضي الأطرش الا عينة من هذا التنفيذ لهذا القانون .
فمن اسقط سن قانون برافر هو النضال الشعبي ، ومن أوقف جرافات الامس في سعوة – الاطرش هو النضال الشعبي الذي يمثل200 الف فلسطيني يعيشون بالنقب ، الذين يمثلون كل الشعب الفلسطيني ..
انها المأثرة الشعبية التي سطرها اهل النقب الوطنيين وليس المتخاذلين على ارض النقب الاشم .. سطروها بالمواجهات بصدور عارية لقوات الاحتلال والمصادرة ومعهم عتاة اليمين الفاشي ، حيث قدموا الجرحى والاعتقال .. ولم يراهنوا على ” زلم ” أروقة الكنيست والحكومة والاعلام العبري الصهيوني المعادي ..
النقب يبقى عربياً فلسطينياً شامخاً متحدياً رغم انف مشاريع التطهير العرقي وتوطين الغزاة التي بدأت مع بن غوريون مؤسس دولة الاحتلال ، مروراً بمساعده شمعون بيرس وانتهاءً بحكومة بينيت عباس ….
كلمة الراية الاسبوعية
2022-01-15