حمارة خالتي” ،،، كفر كلا – لبنان! ” الحمار والجحش ” وهي قصة حقيقية ومسجلة رسميا في الأمم المتحدة . في أحد الأيام من سنة 1962 وقبل ان يوضع السياج الفاصل بين كفركلا /لبنان، وفلسطين المحتلة، دخلت حمارة خالتي واختفت وغابت عند “الاسرائليين” لمدة سنة تقريبا .. ثم عادت بعد فترة لوحدها تجر وراءها عربة محملة بالدراق والاجاص، وبقيت متجهة الى منزل خالتي. تبعها الاولاد واخذتها خالتي وزوجها. لكن سرعان ما جاء الدرك مع المختار ورئيس البلدية وقوات الطوارىء التابعة الامم المتحدة وداهموا المنزل مطالبين خالتي بتسليم الحمارة لأنها كانت تحمل في أحشائها جحشا من أب “اسرائلي”.. طبعاً رفضت خالتي…
قصص قصيرة
” المعطف الأحمر “! فاطمة تقي في ذلك العام منذ ما يقارب الستين سنه من الاعوام كانت ستبلغ من العمر عشرة سنوات ، فكر والدها الفخور بابنته البكر ان يهديها المعطف الأحمر الذي كانت قد رأته معروضا في احدى أفخر وارقى ” ” المغازات” في المدينه واعجبها جدا وكأنه قد فصل للتو على مقاسها تماما وعلق هناك قبيل حلول الشتاء خصيصًا لها ، وقد صار لها كما ارادت وتمنت في يوم ميلادها ، علاوة على ان والدها قد زين ياقته ” بدبوس ” فضي أنيق على شكل حمامة السلام ” لقد كان معطفًا جذابا مبهجا لافتًا فلم ترتديه اثناء الدوام…
فاتورة الكهرباء…!!(قصة قصيرة حقيقية)أ. د. ربيعة برباق /. الجزائركنت قاب قوسين أو أدنى من الأمية، حين أحضر أبي فاتورة الكهرباء الأولى في حياته، كان يتأمل في حروفها اللاتينية التي لا يعرف منها سوى شكلها المختلف.لقد طال مكوث الفاتورة في يده وطال مكوث عينيه في الفاتورة.كنت اراقبه ببراءة وقد أصابتني عدوى الحيرة التي في عينيه، حين نظر إلي مطولا كأنه ينتظر مني حلا لمشكلة ما.طوى الفاتورة ووضعها في جيبه للحظات ثم أخرجها مرة أخرى، وتأملها مرة أخرى بالحيرة نفسها، ونظر إلى بالنظرة نفسها، كأنه ينتظر مني فك رموزها.ولكن هيهات. فلم أكن أرتاد كتابا ولا مدرسة، فلم أكن سوى فتاة حدد المجتمع…
المكان….! رنا الصيفي أصل قبله.. عصير الليمون الحامض يفي بالانتظار.ماذا لو؟ هامشُ ممكنٍ أتركه مفتوحا على احتمالاتٍ مثل «حدسك يتوهّم»… «قد يكون مختلفا»… «إعطِ نفسك فرصة».لكنني أمقت الاحتمالات.. لا يقين فيها.لا بدّ مع ذلك من أن أجتنب «التهوّر، والسبق إلى الحكم قبل النظر، وألا أُدخل في أحكامي إلّا ما يتمثّل أمام عقلي في جلاء»، فلأنتظر إذن عملا بنصيحتك يا ديكارت.المقهى مغمّ. شبه فارغ باستثناء طاولة مشغولة في الداخل. أستغرب. أهو التوقيت أو اليوم من الأسبوع أو أسعار الطعام الباهظة؟ التدفئة خفيفة في الجزء الخارجي المسقوف حيث أختار الجلوس. إنارة خافتة تخنق. أجول بنظري في المكان محاوِلة تشريح عقل مهندس ديكوره…
مرض نفسي! اضحوي الصعيب أصيب طبيب نفسي بمرض نفسي نتيجة لمعاناته الطويلة من سماع القصص المحزنة لمراجعيه، واصبح بحاجة ماسة لمن يعالجه، فقصد طبيباً نفسياً ليعرض عليه حالته. جلس امام الطبيب كما يجلس كل مريض متهيئاً لسرد الاعراض وهي كآبة كثيفة تتولاه بعد مغادرة المريض فيحاول التخلص منها باستقبال المريض الاخر مثلما يقوم طبيب الابدان بتعقيم يديه وادواته بين مريض ومريض. لكنه لا يشعر بالراحة التي يشعر بها طبيب الفسلجة حين يغادره مريض ويطل آخر، فالمريض الجديد بالنسبة لهذا الطبيب المريض همٌ آخر وضيق في الصدر وكآبة تنكأ الكآبة التي سبقتها ليحمل كآبتين.كان الطبيب المعالج مكبّاً يسجل المعلومات العامة لمريضه…
العبور….!مريم الشكيلية في الحقيقة إنني أحيانا أخرج من رتابة الورق والأحرف الكتابية التي أتسكع في شوارعها كلما أصبحت مؤثثة بالكلمات.. أجر نفسي من بين تلك السطور الضوئية التي تبدو في الغالب مزدحمة بكل شيء.. عندما أخرج إلى الواقع الحقيقي أعود تلك المرأة التي تكون أكثر هشاشة من الداخل، إنني أعود إلى أول السطر وإلى تراكمات الحياة والتفاصيل العالقة فيها. أتعجب من نفسي أحيان هل ممكن أن أكون امرأتين تتناوبان على الظهور؟!أقبع تحت الورق كأنثى ناسكة ترتل في محراب الأبجدية حرفاً حرفاً، وتحت ضوء الشمس تحفر الواقع بنصل حاد، وأترك توقيعي في نهاية كل عمل كأن الحياة لا تقبل إلا من…
رسائل من نافذة القطار…!مريم الشكيلية لم يكن لديّ الوقت لأن أفتح نوافذ عربة القطار من شدة الازدحام حولي.. لم أتمكن حتى من توديعك بتلويح يدي من النافذة.. ولكن كان كل جزء مني يودعك حتى تلك العبارات التي علقت فوق صدر كتاباتي كانت الآن وفي هذه اللحظة تتحرر من أسطري وتتطاير في الهواء كطائر حر.. هذه اللحظة ملايين الكلمات تهطل في داخلي كالسيل حتى إنني الآن أستطيع أن أكتب بعينيّ تفاصيل صغيرة كتلك الورقة التي سقطت من جيب أحدهم، دون أن يشعر كانكماش وجهك الذي تحاول عبثا أن تخفيه بقبعتك…هل يصلك هذا الهدير الكتابي الذي يعلو مع صفير القطار؟ هل يمكنك…
ساعة عصاري! هاني بكري يذهب إلى النيل، يهم بالجلوس على كرسي الكافتيريا البلاستيك فيتذكر أن وكالة ناسا هي من اخترعت هذا الكرسي بهذه الوضعية المريحة. شكرا ناسا، كتر خيرك. فرصة جيدة للراحة والتأمل، الساعة ساعة عصاري رائقة، والماء، والخضرة، والوجه الحسن، لأن الوقت لا يخلو، وإذا خلا الوقت لا يخلو البال، وإذا خلا كليهما، خلا الجيب. تقترب منه زوجته هامسة: ألا تقل لي كلاما حلُوا؟ لا، هذي ساعة صمت وتأمل. فتجيبه لا، المفروض أن لا تكف طوال جلستنا عن الكلام الحلو؟ بغض النظر عن طبيعة الكلام الحلو الذي لا يعرف كينونته، ولا مادته الخام، هل هو من نوعية أذكريني عند…
هيا لنرقص…! وفاء العمير ــ جفاف يندلع في روحي. قالت له، وهشيم أحسّه في كل مفاصلي. ليست شمس يوليو الحارقة هي السبب، أشعر كما لو كنتُ أرضا قاحلة، أو نهرا بلا مياه، ثمة عدد لا يحصى من الأشواك الحادة تخزني في أعماقي. والوقت مثل سلاسل حديدية صارمة، تطوقني في عنف وصمت، وتشتد حولي في سكون ووحشية. ـ لم أعد أرى ابتساماتك تضيء شفتيك. قال بقلق. ـ تسللتْ جميعها، الواحدة خلف الأخرى من فوق شفتي، حصل ذلك في غفلة مني، لم أعرف كيف بدأ الأمر، هجرنني في ذعر. تهدج صوتها، تهدده عاصفة من البكاء. حين لاحظ ذلك نهض من مقعده، شامخا…
رسالة اتأخرت في البريد بين كندا وكولومبيا! مساء الخير يا أسماء أكتب من شقتي الصغيرة في أوتاوا بوسط المدينة. الليل حل سريعا. تذكرت أني حين انتقلت إليها في يونيو الماضي، منذ عام وبضعة أسابيع، كنت أشعر بالوحشة في الليل. رغم أني على بعد خطوات من شارع البارات والحانات والمطاعم الشهير – اسمه Elgin، يضحكني الاسم لأنه ينطق “الجن”. شياطين الليل تحاصر المكان والوحدة أيضا. في رسالتك الأخيرة التي صاحبت هدية عيد الميلاد، تحدثت عن الصداقة، وكيف يمكن للأصدقاء\الصديقات أن يكونوا مرايانا، نرى فيها وفيهم أنفسنا بشكل أو بآخر. هي فكرة مثالية في رأيي. نتوق إليها ولا نصدقها. لا أرى نفسي…
مكالمة هاتفية! وصال العلاقأنهيت المكالمة وغرقت في صمت معتم لبضع ثوانٍ. إنها تلك الثواني التي تكمن بين الحقيقة والوهم، حين يتوقف بك الزمن ولا تقوى على فهم ما تشعر به من ألم وخذلان.. أهكذا تنتهي حكايته! كيف له أن يرحل الآن! ما زال لديّ الكثير، الكثير لأخبره به! وما سيحدثني عنه أكثر! عليّ أن أراه مرة أخرى! كيف يكون الهاتف آخر ما سأتذكره عنه؟ كيف لي أن أختزل كل ذكرياتي بنبرة صوتٍ؟ لا عناق، ولا قبلة على الجبين، لا أدمع مالحة ولا ضحكات مدوية!أخذت أبكي، فأوقف زوجي السيارة وأخرج الأولاد منها ليتركني وحيدة، حينما بدأت بالصراخ بأعلى صوتي! لم يكن…
قصص قصيرة جداًزهراء غريبخيبةفّر نبضه خارج أسوار القلب نحو سفينة سار معها دون انتهاء وعند الإرساء اكتشف أنها لم تبحر مطلقاً في الماء. انعتاق– كيف تنجو؟– أواجه مخاوف التخلي بالتخلي.. كمن يتنبأ بوشك تعرض قلبه لركلة ما؛ فيغادر بنبضه بعيداً. ثمنسيكلفك هذا الحب قلباً كاملاً. غروبخاوية؛ الشتاء يذرف قلبي في انتحاب الأفق. انزواءيقفل نبضي عائداً إلى العزلة؛ حبري ينزف في العتمة ويتلعثم بالأضواء. ميلادتلك السماء حطّت سحائبها في قلبه حتى الشروق. اتحادكنا نتشارك المغيب في ضوئنا الداخلي. لاجئيتكور الثلج على أضلاعه المنسية، والبياض يحيل صمته إلى لواعج تيه، في حين أن الغمام التي تتدفأ بحقه في الحياة تبوح لاحتضاره بأن…
النسيان…! قصى قصيره فاطمه تقي مرت من امامي وتلاقت نظراتنا ، فعرفتها وتذكرتها ، انها هي لم تتغير كثيرًا رغم تقدم العمر ، وقفت امامها أتمعن فيها ، علها تتذكرني وتناديني باسمي وتقبل علي لتعانقني بحرارة ، الا انها لم تفعل ، بل قالت ؛ عفوًا ، من انتي ؟ هل تعرفيني من قبل ؟ فادركت حينها انها لم تعرفني ولا تتتذكرني مطلقًا ، فناديتها باسمها ” فلانه ” فتعجبت ! فقلت لنفسي ربما انا من تغيرت كثيرا فاصبحت شخص آخر يصعب التعرف عليه ، فكيف يمكنها التعرف علي وهي لم تراني منذ اكثر من ثلاثين عامًا على مرها اختلفت…
محاولات….!مريم الشكيليةمنذ يومين وأنا أحاول أن أخرج من فوة قلمي حرفاً تلوى الآخر لأصنع عقد نص يطوق عنق الورق الأبيض… إنني أتحايل على أبجديتي أن تطل من نافذة الحبر إلى حقول الأسطر الفارغة لعلها تخرجني معها إلى ضجيج العالم من جديد… لقد وعدتك أن تكون أحرفي متوشحة اللون الزهري، وأن تكون مفرداتي كلها ربيعية لأربعة فصول، وأن تتفتح كلماتي المرصوفة على الورق كزهر عباد الشمس كأنها تحتفي بمواسم اللغات الخمس… وعدتك أن تتلاشى الأحرف الضبابية من على المنضدة وقصاصات الأوراق المصفرة كخريف أيلول…، وبأن يذوب الشمع عند آخر قطرة دمع تدحرجت من على سفح سطر.. وكم أجد في هذه اللحظة…
كرسيٌّ هزّاز..! د. شذى جرّاريعيش عبد الهادي وحيدًا مع والدته، المرأة الصالحة التي تحاول باستمرار تهذيب سلوك ابنها العاثي فسادًا بوسائل التواصل الشيطانية المتقِن استخدامها.حاولتْ غير يائسة لجْمَهُ، رغم أنها لم تكن تدرك كلّ ما تقترفه يداه.كان عبد الهادي بارًّا بأمه حنونًا، يحبّ قضاءَ عطلة نهاية الأسبوع مع أولاد أخوته في بيت العائلة، يلاعبهم كطفل، وما إن يغادروهما وحيدين حتى يعود لكرسيه الهزّاز، وجوّاله بيده، يتنقل من وسلية تواصل إلى أخرى، لا على سبيل التثقّف أو التسلية، ولكن ليخلعَ عباءة التقوى التي ألبسته إياها أمه، ويلبسَ بزة الشيطان!– هداك الله يا ولدي، ستفوتك الصلاة!هو لا يعصي لأمه أمرًا، يؤدي الفريضة…
ما الذي أغضب ابنة نجيب محفوظ مني ؟ د. أحمد الخميسي هدى ابنة الكاتب العظيم نجيب محفوظ، الشهيرة بأم كلثوم، زعلانه مما قلته عن والدها، الروائي الكبير، في برنامج” أطياف” الذي تعده وتقدمه د. صفاء النجار الأديبة والاعلامية المعروفة. البرنامج الذي أطل علينا منذ نوفمبر العام الماضي وأثار العديد من القضايا الثقافية المهمة في لقاءات وحوارات مع الشاعر الكبير أحمد حجازي، ود. حسين حمودة الناقد المعروف، وخالد داغر رئيس دار الأوبرا وغيرهم من أهل الثقافة والفكر. أعربت أم كلثوم عن غضبها في حوار مع الأستاذ محمود مطر بالعدد الأخير من مجلة الاذاعة والتلفزيون الصادر 15 مايو. ويقول أستاذ مطر…
المسافر على جبل الجليد…! قصة قصيرة.. ياسين لمقدم مرت طوالا على تقاعده من الخدمة الحكومية ثلاث سنوات عجاف، لم يستغلها قط في شيء نافع أو ممتع رغم ما له من أجر شهري مريح وبضعة آلاف من الدراهم وفرها على طول عمره الوظيفي. أقصى ما كان يقوم به هو التمدد على ظهره لساعات طوال ومغالبة آلام التهاب مفاصله بتقليب شاشة هاتفه الذكي في ارتحال مكرور بين هرطقات المؤثرين وقصاصات الأخبار والمغامرات الطائشة على اليوتيوب، والرد على سباب المعلقين في احتدام صراع دونكيشوتي عربي. التهاب المفاصل الذي أصابه بالتدريج منذ عقده الخامس يظهر أثره جليا على استحالة استقامة أنامل يده وأصابع قدمه…
هذيان…! ذكرى لعيبي وحيداً في المدينة أسيرُ بخطواتي المتآكلة، لم يتبقّ منها إلا الخطوة الساهية، جعلوني مثل آنية من خزف يعلوها غبار السنين، أنا مغفـّل طول الوقت، وغبيّ أيضا، لم أعِ لماذا كانت تريد أن يوجد معنا إينما نذهب ونجيء! هذا ما قاله أسامة حين أجبروه على ارتداء ذلك القميص الأبيض ذي الأكمام الطويلة، ثمّ اقتادوه إلى المصحّ في الطرف الآخر من العاصمة. زوجته سعاد لم تنبس ببنت شفة، جلست في الصالة والسعادة تغمر قلبها، ألم وفرح لا نعرف أيهما زائف.. سعاد تشعر أخيرا بأنّها تحرّرت من عبودية أسامة، ذلك الزوج الذي أحبّها حدّ الجنون، ارتبطت به رغم أنها لم…
علوان….! وصال العلاق كان يمر في شارعنا كل يوم، أشعث متسخاً بدشداشته الرثة، ويرتدي سترة فضفاضة تكاد تبتلعه. لم يغير هندامه مع اختلاف الفصول: دشداشة مهترئة وسترة كبيرة، لا بد أنها تعود لشخص آخر؛ قد يكون أحد أفراد عائلته، أو شخصاً غريباً أشفق عليه وأراد أن يقيه برد الشتاء الذي ينخر العظام بلا رحمة. كان يمشي حافي القدمين، وابتسامته الخاوية لا تفارق شفتيه أبداً! لم أسمعه يتفوه بكلمةٍ قط، وكأنه يخبئ كل أسرار الكون بين شفتيه المطبقتين، يمر كل يوم، مطراً كان أم صحواً.. يمضي إلى آخر الشارع ويواصل سيره إلى المزرعة الصغيرة عند منعطف الطريق المعبد، ويختفي بين الشجيرات..…
نـافــذة…! قصة قصيرة د. أحمد الخميسي أقلق في الفجر، ذلك أن النوم يضطرب في مثل سني. أفتح عيني. أسمع صوت طرف قدمي وهي تزيح الغطاء وترفعه، صوتا خافتا كأنه تنهد. أنهض. أتخبط في طريقي إلى الحمام وأسمع وقع خطواتي في فراغ البيت وسكونه. أنصت إلى خرير المياه من صنبور الماء بينما أغسل وجهي. أمضي إلى المطبخ. أقف أمام البوتجاز مصغيا إلى هسيس الماء في الإبريق على النار. أسير إلى صالة البيت حاملا قدح الشاي في يدي. أجلس وحدي إلى المنضدة. لا يكسر الصمت سوى رنين الملعقة بين جنبات القدح الزجاجي. أتطلع إلى الفراغ أتسمع صوت الذكريات. لم تعد لدي أحلام،…
لقاء في كوبنهاغن! ذكرى لعيبي كنت صغيرة، لا تتجاوز أحلامي فضاء طفولتي، وعندما كبرت، ضاقت بي سماء وطني، حالي مثل حال آلاف العراقيين الذين تضيق بهم فسحة العيش الكريم، ليس بسبب جفاف ضرع دجلة والفرات، وليس بسبب يباب حقول البصرة وبساتينها، وليس بسبب نفاد حقول نفط الرميلة ومجنون، لا.. السبب أكبر وأقوى من أن نعي، ونفهم لماذا نترك أوطاننا، نترك التربة التي وارينا فيها أحباءنا وأصدقاءنا، وبعضا من أعضائنا التي بُترت رغمًا عنا. كبرتُ، وأحلامي ما زالت طرية، ندية، ربما لأنني لم أتناول سكاكر الحلوى وأنم بأمان، وربما لأني ولدت وفي يدي لعبة مسدس من البلاستيك، وربما لأن أول صوت…
العُبُور….! ذكرى لعيبي يتغير كلّ شيء في ليلة واحدة، تستيقظ صباحا، فلا تعود كما كانت. إحباطات متكرّرة، خيبة أمل مفجعة، وسماء كأنها تهرب إلى عتمات الغيوم. القرارات تسرق دواخلها، مثل لصّ (أمين) لتدرك أنّها مسروقة؛ لكن تحت علمها. تلملم بقايا حياتها وترتب بقيّة الدفء من ملابس مركونة.. والحقائب تنتظر! يرّن الهاتف، يتكرّر الرقم في اليوم التالي، وبين حالة اليأس والكسل تردّْ: ـ كيف حالكِ؟ ـ إنني ألازم سرير العبودية، خروجي عذاب ـ وبقاؤكِ؟ ـ أيضا.. المسافات تحكمها أوجاع النفس والأمس! تخاف كلّ شيء، حتى (هو) تخافه، لأول مرّة في حياتها تشعر بأنها وحيدة، وأنها (هي) وليست غيرها! الوحدة التي ينأى…
لقد مسنا الضر..! ليزا روز غاردنر عرفتُ قلوبآ تنزف تحت حصارُ مٌبكي.. وهربت امامنينا لتبحث عن اجزائنا المفقودة تحت التراب.. يد هنا و عين هناك.. و بين ذا و ذاك.. سمعنا ضحكات الرضع التي عانقت القنابل العنقودية لتسافر إلى أجواء الجنة المنسية .. فهل يا ترى وصلوا الممزقين، و الخائفين ، بين جحافل المرضى و الاموات إلى فردوس السماء… و مع الانفجار المخيف ، صرخت فوق جبال نقمْ أٌم بائسة محروقة الجلد و الروح تصيح بكل جوارحها الاة .. “” و غمغمت قائلة قد عانينا في الارض يا الله” و يواصل الوجع طعناتة الحادة مع أنين آهاتها لتتجسد في جسد…
قصة الرجل السافل! عزيز نيسين ذهب رجل إلى قرية من القرى التركية النائية، وعندما وصل إلى القرية، استقل سيارة ليتنزه، وبينما هو في نزهته لفت نظره بيتاً جميلاً من طابق واحد وقد تجمهر حوله عدد كبير من رجال ونساء وأطفال القرية .. فقال للسائق بيت من هذا ؟.. فوجد السائق يتذمر ويقول : بيت الزفت السافل ربنا ياخده !! أنه الرجل الذي أرسلته الحكومة ليرعى شؤون القرية .. فقال الرجل : وما أسمه ؟.. فقال السائق : ليذهب إلى الجحيم هو وأسمه .. إننا ننعته بالرجل السافل الحقير .. سافل بمعنى الكلمة . وأندهش الرجل، فهو يعلم أن السائق رجل…
صور الزعماء..!عادل علي عبدالغفار الفراتي يملك موهبة فطرية بالرسم. لم يذهب للمدارس الخاصة ولم يتعلم عن طريق الانترنيت، ففي تلك الايام اغلب الناس لا تملك تلفاز. كما انه لا يملك ورق لكي يرسم عليه، فاتخذ من حيطان غرفة بيتهم المجصصة كجنفاص للرسم. لم يعارضه والديّه بل بالعكس رحبوا بالفكرة بأن يرسم صورة زعيم الفقراء على الحائط. بعد اسبوع اكتملت الصورة وكانت جميلة حقاً. صورة بالالوان وتبرز فيها ابتسامة الزعيم وتلمع النجوم على كتفيه و بقيافته العسكرية. وقد اصبحت تلك الغرفة مزاراً للجيران: تعالوا شوفوا شلون ولدّنا رسم صورة الزعيم!! ومكثتْ تلك الصورة حتى انقلاب الصديق على صديقه ، فخاف اهل…
يبزغ الفجر وعيون المدينة غافية على ضفاف الفرات ومواويل الهور وأحزان القصب، نخلات تتسامق بسعفاتها، وحبات تراب تعانق رحمها، حبّ الوطن الجميل وحبّ الأهل كما لو كنت أحبّك منذ الخلق الأول، بل منذ العماء الأثيريّ البعيد.سنوات عجاف تمرُّ عليها، ابنة سحر الأهوار وقمم الجبال واخضرار حقول ولادة، زوجة رجل راحل أبدا في معالم التغيير ومضاربها. لم تستوعب حماقة الزمن وبلاهة التائهين في دروب اكتظّت بمتظاهرين ضدّ أحكام الكون! تجلس القرفصاء في إحدى زوايا الدار الباردة، جدران متشقّقة، أسقف آيلة للسقوط، أرضية رطبة، لوحة معلّقة تآكل إطارها، لم تسقط رغم بلى الخيط الذي يشدّها وصدأ المسمار الذي يحملها! لعلّها الذكرى الباقية…
سأعيش سعيدة ذكرى لعيبي كان «الخبيث» قد تمكـّنَ منّي؛ لكن لم أستسلم لليأس… ذهبت لإجراء الفحوص اللازمة قبل التدخّل الجراحيّ، وجدتُ طبيبي المعالج والدكتورة هناء في انتظاري. دخلتُ باسمة، بادلاني الابتسامة ذاتها التي اعتدتُ عليها، وفي غضون نصف ساعة تقريبا أنهيت جميع الإجراءات. جلستُ في ردهة منفصلة عن غرفة الطبيب أنتظر نتائج التحاليل والسونار، أمسكتُ بمجلة كانت فوق الطاولة المركونة في زاوية الردهة، أو كما تسمى صالة الانتظار، تصفّحتها رغما عني، فقلبي عند أبنائي، وعقلي في مختبرالمركزالطبيّ، يداي ترتجفان، وعيناي لا تبصران ما تحتويه صفحات المجلة، شعرت بالملل، فأرجعتها إلى مكانها. نادت إحدى الممرضات باسمي، ولا أعرف لماذا أشعر هذا…
تعب في الركبة…! قصة قصيرة د. أحمد الخميسي كانت لدي منضدة صغيرة تفسخت قوائمها وأردت إصلاحها، وذات يوم وأنا في طريقي إلى البيت شاهدت إعلانا بالبوية على حائط بيت :” أبو السيد. نجار. منزل رقم كذا .. تليفون رقم ..”. قلت لنفسي:” ممتاز”. اتجهت مباشرة إلي العنوان المذكور، وهناك رأيت امرأتين ممتلئتين جالستين تحت شرفة الطابق الأول تثرثران. واحدة تبيع فطيرا مشلتت والثانية لا تبيع فطيرا، مكتفية بالجلوس ووضع يدها على خدها. سألت عن أبو السيد النجار، فردت البائعة: وحضرتك مش عاوز فطير؟. قلت : لاء. شكرا. فانصرفتا إلي الثرثرة. قلت: النجار موجود؟. قالت: لاء .. اتصل به. قلت :…
هذيان….! ذكرى لعيبي وحيداً في المدينة أسيرُ بخطواتي المتآكلة، لم يتبقّ منها إلا الخطوة الساهية، جعلوني مثل آنية من خزف يعلوها غبار السنين، أنا مغفـّل طول الوقت، وغبيّ أيضا، لم أعِ لماذا كانت تريد أن يوجد معنا إينما نذهب ونجيء! هذا ما قاله أسامة حين أجبروه على ارتداء ذلك القميص الأبيض ذي الأكمام الطويلة، ثمّ اقتادوه إلى المصحّ في الطرف الآخر من العاصمة. زوجته سعاد لم تنبس ببنت شفة، جلست في الصالة والسعادة تغمر قلبها، ألم وفرح لا نعرف أيهما زائف.. سعاد تشعر أخيرا بأنّها تحرّرت من عبودية أسامة، ذلك الزوج الذي أحبّها حدّ الجنون، ارتبطت به رغم أنها لم…
أين السماء..! قصة وفاء شهاب الدين همس بصوته الدافيء قائلاً” اشتقت إليكِ متى تعودين؟” ارتجفت لهمساته موجات الأثير ولم تسكن إلا حينما أجابت” شوقي إليك فاق الحد ..لكنني لا أدري متى أعود فأمري مرهون به.. قال بضعف غريب”أريد أن أراكِ قبل أن أموت ..يا مملكتي.. ردت” لا تذكر الموت أمامي فذاك يشعرني أنك بشر.. قال:ــ تذكري دوماً أنني أحبكِ.. قالت:ــ ومن يحبك بهذا الكون أكثر مني ؟ خرس الهاتف فانقبض قلبها فلم يختم حديثه لها كعادته بـ” إلى لقاء”، تناست رعشات انتابتها حين صمت وابتسمت حين لاحت لها ـ من بين الذكريات ـ ملامحه التي تضوع من خلالها ابتسامات العطر،…