هل هناك وسطاء فعلاً ؟

هاني عرفات
الكوميديا السوداء وسط تراجيديا التطهير العرقي ، تتمثل فيما يسمى بالوساطة ، ليس لأن دولتين من ثلاثة دول وساطة ، هما دولتان عربيتان ، حيث موقعهما الطبيعي ، يجب أن يكون إلى جانب إخوتهم المظلومين لا في الوساطة. بل يكمن في أنّ هذان الوسيطان يصمتان تماماً ، عندما يصرح الوسيط الثالث وهو في الحقيقة طرف مشارك لدولة الاحتلال ، بأن الفلسطينيين هم السبب في كل أزمة ، رغم معرفتهم التامة ، وفقاً للحقائق والأرقام ، الصادرة عن مؤسسات دولية ، والتي تؤكد بوضوح نكوص إسرائيل عما تم الاتفاق عليه.
في الحقيقة، أن سبب وجود هذان الدولتان في الوساطة ، يتمثل فقط في أن الخصم و حليفه لا يريدان التواصل مباشرة مع المفاوض الفلسطيني ، و يحتاجان إلى (موصل حراري) فقط. مما يوحي بأن المفاوض الفلسطيني ، يفاوض كل هؤلاء مجتمعين.
هذا ليس مهماً وأصبح معروفاً للجميع ، المهم هنا هو ما صرح به طرامب ، بأن الهدنة سوف تنتهي ، إذا لم تفرج حماس عن كل الأسرى يوم السبت، وما أعقب ذلك من تصريحات نارية اسرائيلية.
من يعرف الرئيس الأميركي جيداً ، يدرك أن هذا الرئيس يبعبع أكثر بكثير مما يفعل ، هذا هو سلاح الدمار الشامل الذي يملكه. وهناك من ترتعد فرائصه لهذه البعبعة و يَنِيخْ لها، و كما تعلمون فإن من ينيخ يسهل امتطاءه لاحقاً.
المفاوض الفلسطيني محق في موقفه ، لأنه يعرف توابع الرضوخ للانتهاكات. و لأنه يعرف أن النكوص عن الاتفاق الان، غير ممكن ، لأسباب كثيرة أحدها معارضة الجيش الاسرائيلي لاستئناف القتال الان. بالإضافة إلى الوضع الداخلي الإسرائيلي ، و لأن إسرائيل لديها بدائل أخرى محتملة لتحقيق أهدافها .
المبعوث الاميركي ستيڤ ويتكوف في طريقه إلى المنطقة الآن ، وكما هي عادة المبعوثين الأمريكيين إلى المنطقة، مهمتهم الاولى هي ، ممارسة مزيد من الضغوط على الفلسطينيين. المطلوب الآن أن يقول( الوسيطان العربيان) جهاراً نهاراً من الذي تراجع عن تعهداته تجاه الصفقة ، وأن لا يتركا الميدان الإعلامي لطرامب ليقول ما يشاء.
المعضلة تكمن في الخاصرة الضعيفة للفلسطينيين ، بالتحديد في الوضع الداخلي المهلهل والمعيب وكذلك محيطهم العربي.
2025-03-10