يبدو العنوان مثيراً، ويراه الغالبية مستحيلاً، حسب الفرض القائل بالتكامل الاقتصادي وانشاء بنك عربي واطلاق عملة عربية موحدة. وهو ما تجده الرجعية العربية تهديداً لسلطاتها القمعية التعسفية.
تعالوا لنرَ الحقائق على الارض..
الملاحظ ان هناك تململاً عربياً بسبب هيمنة الدولار، بعد ظهور بريكس قبل اكثر من عقد تقريباً، مع منظمة شنغهاي، وبروز الانظمة التبادلية الجديدة (التبادل التجاري بالعملات المحلية واليوان) في الاشهر القليلة الماضية، ونظام المدفوعات الروسي “مير”. وقد ظهرت هذه التغييرات كقوة اقتصادية وتبادلية في نهاية العام 2022 وبداية العام الحالي بصورة صادمة. وهذه مجتمعة ساعدت على رفع حرارة التململ العربي. فنحن نجد الآن مثلاً ان عدد من الدول العربية ترغب الانضمام الى اتفاقية دول بريكس.
فقد انضمت مصر في 30 مارس/ آذار الماضي إلى اتفاقية بريكس، إضافة إلى أن دولاً عربية ستنضم إلى النظام المالي الروسي “مير” في 16 مايو/أيار المقبل. وهو ما أكده الدكتور أحمد سعيد أستاذ القانون التجاري الدولي، وعضو جمعية الاقتصاد السياسي، والجمعية العربية للعلوم القانونية.
ويعتقد د.احمد سعيد أن اجتماع جامعة الدول العربية المقرر بالمملكة العربية السعودية الشهر المقبل سيتم خلاله الإعلان عن الانضمام لنظام الدفع الروسي الصيني، عبر التمويل من بنك التنمية الآسيوي باليوان، لتمويل المشتريات العربية في الفترة المقبلة من روسيا والصين باليوان.
هل سيتحول اليوان الى هيمنة اخرى؟
وكيف يمكن ان نتجنب هذه الهيمنة؟ اي نتجنب السقوط في نفس االهاوية التجارية/ المالية التي سبق أن عانت منها اقتصاديات المنطقة بسبب الدولار وفرض نظامه للديون الذي تعالج فيها الخزانة الامريكية ازمات الاقتصاد الامريكي (عبر بيع سندات وأذونات الخزانة)؟
تؤكد الدكتورة “سمر عادل” الباحثة في الاقتصاد الدولي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، “إن ذلك ممكناً”، لكن ليس لدى العرب الآن هذا التوجه، فضلاً عن أنه يتطلب عقوداً. بسبب ريعية ونصف ريعية الاقتصاديات العربية.
اذن كيف؟
لابد للدول العربية كخطوة مركزية أن تتجه نحو إنشاء “بنك عربي موحد وعملة عربية موحدة”. غير ان هذه الخطوة المركزية التي ستنقذ البلدان العربية إلى الأبد من هيمنة القطع الاجنبي (دولار او يوان او روبل او غيرها).
الامر يتطلب خطوات تأسيسية هي الخطوات التي قالت عنها الدكتورة سمر تحتاج الى عقود على اسوأ تقدير مع انها يمكن ان تتم بـ10 سنوات فقط لو توفرت الرغبة وكفت الرجعية العربية عن وضع العصي في عجلة هذا التوجه.
وتبدأ هذه الخطوة بايجاد “فكرة التكامل الاقتصادي العربي”. أي أنه يجب في البداية الإعلان عن إنشاء “اتحاد اقتصادي عربي”، وهي فكرة غير مطروحة حاليا، ويتطلب حدوثها تنحية المخاوف والاختلافات السياسية بين الدول العربية. علما ان هذا الاتحاد يتطلب المرور بعدد من المراحل كالتي لجأ إليها الاتحاد الاوربي التي منها؛ إلغاء الجمارك بين الدول العربية، وأن تلجأ هذه الدول الى براغماتية اقتصادية.
وفي الحقيقة ان المنطقة مؤهلة تماماً للقيام بذلك من ناحية الثروة وقوة المال، مع الموارد البشرية، والموارد الطبيعية في البلاد العربية مجتمعة، وهذه جميعها تشكل فرصاً هائلة للنمو، وتكوين قوة اقتصادية منافسة دولياً. وقد اشار الكثير من الاقتصاديين الغربيين، وابدوا تعجبهم من عدم لجوء الدول العربية الى التكامل الاقتصادي الذي سيضعهم بموازاة الدول الكبرى بامكانياتها الاقتصادية الحالية وقواها البشرية المنتجة وعقولها المنتشرة عبر العالم كله.