إبرام اتفاق الملف النووي الإيراني أصبح مطلباً اميركياً /اوروبياً بالدرجة الاولى!
رنا علوان
إن ولادة العالم الجديد ذي الأقطاب المتعددة بات واقعاً ملموساً ، لم يعد بإمكان أحد إنكاره ، وخاصة بعدما تبين للجميع مدى التحجيم الحاصل للهيمنة الغربية وخصوصاً الأميركية التي تسعى جاهدةً لتحقيق اي شيء يعيد لها هيبتها المنكسرة
فضلاً عن أن الغرب هو اليوم بأمس الحاجة للحصول على التوقيع وحسم المفاوضات قبل حلول الشتاء ، في المُقابل نجد إن إيران التي تجاوزت مرتبة الفائز في هذا الملف بتحالفها مع الدب الروسي ، لم تعد ترضى بأي تسويات سوى ما يتناسب ومصلحتها
فمن يعي حقيقة المعادلات الدولية والاقليمية ، ويُحسن قرائتها ، يدرك تمام بأن ما تمخض عن ولادة لهذا العالم الجديد ذي الأقطاب المتعددة ، قد رجح كفتي موازين القوى لصالح إيران وحلفائها ، فلم تعد العلاقة الندية هي المطلب ، بل أصبحت أبعد من ذلك ، لذلك نجد إيران اليوم تماطل في ابرام الاتفاق غير آبهة لذلك
وقد قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بأنه ” من دون حل قضايا الضمانات (الخاصة بقضية المواقع غير المعلنة) ، والحديث عن الاتفاق (بشأن البرنامج النووي الإيراني) هو بلا جدوى”
ويأتي هذا التصريح بينما تدرس طهران الرد الأمريكي على مقترحاتها بشأن المسودة الـ”نهائية” التي قدمها الاتحاد الأوروبي بشأن إعادة إحياء الاتفاق
وفي مقال نشرته الفايننشال تايمز لممثل الشؤون الخارجية في الإتحاد الأوروبي جوزيف بوريل ، تحت عنوان ” الآن هو الوقت لإنقاذ اتفاق إيران النووي “
استعاد الكاتب إبرام الاتفاقية منذ سبع سنوات بين إيران والدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع الأمم المتحدة والممثلية العليا للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية في الاتحاد الأوروبي، ووصفها بـ [ الصفقة الدبلوماسية التاريخية ]
وقال إن الخطة المشتركة أتت نتيجة سنوات من الجهود الدبلوماسية المكثّفة بشأن برنامج إيران النووي ، وأضاف إن إجراءات تنفيذ الاتفاق بشكل كامل ، تأثرت بشدّة مع قرار الرئيس الأمركي السابق دونالد ترامب ، الانسحاب من الاتفاقية عام ٢٠١٨
وتابع بوريل قائلاً إن ” ردّ إيران كان تصعيد أنشطتها النووية وإن قرار ترامب أدّى أيضاً إلى الحدّ من مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية ” كما لفت إلى أن الشعب الإيراني تأثر بعدم رفع العقوبات بشكل كامل
وأشار إلى أنه وبصفته منسق “خطة العمل المشتركة الشاملة” أطلق عملية دبلوماسية جديدة في نيسان/أبريل ٢٠٢١ ، مستغلاً تغيّر الإدارة الأمريكية
وقال بوريل : ” وضعت الآن على الطاولة نصًا يتناول ، بالتفصيل الدقيق ، رفع العقوبات بالإضافة إلى الخطوات النووية اللازمة لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة “، هذا وقد أضاف إلى أن الاتحاد الأوروبي يناقش مع إيران مخاوفه التي تذهب ” أبعد من قضية النووي ، مثل حقوق الإنسان وأنشطة إيران الإقليمية”
وأكّد أنّ الصفقة المطروحة على الطاولة ، تعكس “تصميم جميع المشاركين في خطة العمل المشتركة الشاملة على ضمان استدامتها ، بما في ذلك التزام الرئيس جو بايدن والتأكيدات الأمريكية في هذا الصدد”
وختم قائلاً [ إن رُفض الاتفاق ، فإننا نخاطر بحدوث أزمة نووية خطيرة ، إنها مسؤوليتنا المشتركة لإبرام الصفقة ]
إن تصريح بوريل هذا يدل على مدى مكابرة فريقه أمام التغيرات التي حدثت ، وكيف أصبحت إيران بتحالفها مع روسيا هي الاقوى في هذه المفاوضات
ناهيك عن الواقع الملموس ، فإيران التي كانت تُصدر (٦٠٠_٣٠٠) الف برميل نفط يومياً ، أصبحت تُصدّر اليوم ( مليون ) برميل نفط يومياً ، بسعر لامس عتبة ال ١٠٠ دولار للبرميل الواحد وما دون للبرازيل ، فضلا عن الغاز
وتخصب اليوم بنسبة ( ٦٠ % ) دون تخفيض النسبة ضمن شروط ، وترفض مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية ، حتى أنها أزالت كاميرات المراقبة ، وهذا دليل على عدم مُبالتها لأي عقوبات جديدة
أما أميركا التي تتجه لخوض انتخابات نصفية في ( تشرين الثاني من هذا العام ) فهي بحاجة ماسة لتحقيق حدث يُعزز هذه الانتخابات ، وليس أمامها افضل من تسوية الملف النووي الإيراني ، وما سيترتب عليه من أثار
2022-09-20