تعريب: لينا الحسيني يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن، صعوبات هائلة قبل خمسة أشهر من الانتخابات الحاسمة في نوفمبر، والتي يمكن أن تنهي ولايته، ليس من الناحية القانونية ولكن واقعيًا في حال فوز الجمهوريين بالأغلبية في مجلس النواب وببعض المقاعد الإضافية في مجلس الشيوخ. إطلاق النار العشوائي بشكل شبه يومي، وانتشار الميليشيات المسلحة في جميع أنحاء البلاد، يضع البلاد فعليًا في”المرحلة القانونية للفاشية”. من ناحية أخرى، يتّسم الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة باتساع رقعة الفقر والارتفاع الحاد للأسعار، خاصة أسعار الطاقة والغذاء، بفعل العقوبات الاقتصادية العبثية الموجهة ضد روسيا والتي كان لها تاثيرات ارتدادية أغرقت الاقتصاديات في معظم أنحاء العالم في التضخم. ما انعكس على نسبة المؤيدين للسياسة الحالية (39٪)وفقًا لآخر استطلاع أجرته وكالة أسوشيتيد برس. عدا عن الشكوك حول قدرة بايدن العقلية على الاستمرار في منصبه؛ فالسياسة الخارجية كارثية، تعمل على تصعيد الصراع (لصالح بلطجية المجمع الصناعي العسكري)؛ بدلاً من السعي إلى تسوية دبلوماسية للأزمة في أوكرانيا. أضف إلى ذلك التناقض الجنوني للسّياسة تجاه الصّين، الذي حذّر منه هنري كيسنجر وأعرب قادة الحزب الديمقراطي عن استيائهم، في مواجهة ما يخشونه من عودة “ترامب المعاد شحنه”. كل هذا ، كما نقول، يشكل الخلفية المشؤومة لقمّة الأمريكتين. لماذا يدعو رئيس يعاني من مثل هذه المشاكل الهائلة إلى اجتماع كهذا؟ بسبب القراءة المبسطة التي تمتلكها الحكومات الأمريكية حول هذا الجزء من العالم، والتي تنوي السيطرة عليه كما فعلت في معظم القرن العشرين. ليس لديهم أدنى فكرة عن التغييرات التي حدثت في المنطقة، والتي غيّرت نظرة حكومات المنطقة حول الولايات المتّحدة. إنّ استبعاد واشنطن لكوبا وفنزويلا ونيكاراغوا، عن قمة الأميركيتين، هو محاولة لإدخال حكومات أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في حروبها ضد روسيا والصّين. لقد فاتهم أن العملاق الآسيوي هو الشريك التجاري والمالي الأوّل أو الثّاني لجميع دول المنطقة تقريبًا، وحتى الحكومات التي تميل بشدة إلى اتباع توجيهات واشنطن، فإنها لا تحصل على الرضى إلا إذا عضّت يد الصين التي تطعمها. لهذا السبب، كما قال الرئيس نيكولاس مادورو في مقابلة أجريت معه مؤخرًا، القمة ليس لديها أجندة، ولا خطط، ولا مشاريع، ولا شيء! موضوعه الوحيد هو إدامة استبعاد كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا، ولا شيء آخر. إن دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ستطالب بتعريفات جديدة، بشأن علاقتها مع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. سيتولى ذلك الرئيس الأرجنتيني الناطق باسم الدول المستبعدة. يجب على واشنطن أن تضع حداً لممارستها البغيضة للتدخل وزعزعة الاستقرار في دول المنطقة، والتي تمت المصادقة عليها ألف مرة في وثائق رُفعت عنها السرية من قبل حكومة الولايات المتحدة. القائمة لا نهاية لها ومعروفة. أكثر من ذلك: عرّفت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي نفسها على أنها “منطقة سلام”. كيف نفسّر وجود 76 قاعدة عسكرية حسب القيادة الجنوبية موجودة في بلادنا؟ قواعد للقتال ضد من، وأين جيش العدو للولايات المتحدة الذي يبرر وجود العديد من القواعد؟ لا توجد قوات مسلحة من أي بلد خارج القارة في المنطقة. لا توجد هنا قوات روسيّة أو صينية أو إيرانية. لذلك، إذا لم تكن هناك قوى منافسة، فهل تم إنشاء هذه القواعد لضمان الوصول الحصري إلى مواردنا الطبيعية الاستراتيجية أو للسيطرة على شعوب المنطقة في حال قرروا السير في اتجاه لا يتوافق مع مصالح أميركا الشمالية؟ لم تتوقف القمم المتتالية عن مطالبة بلداننا بانفتاح تجاري مع تمجيد فضائل التجارة الحرة. ومع ذلك، يعتبر الاقتصاد الأمريكي، في العديد من البنود التجارية، حمائيًا بشدة، حيث تستخدم الحواجز الجمركية وغير الجمركية و “حصص الاستيراد” كأدوات تنظيمية للبلدان الأصغر. لماذا يطلبون منا باستمرار تطبيق وصفة فشلت غير قابلة للاستئناف؟. ينبغي مطالبتهم الآن، دون أي تأخير، بإنهاء الحصار الإجرامي المفروض على كوبا، وهو أطول حصار في التاريخ العالمي. حتى أمبراطوريات المغول، الإمبراطوريات البيزنطية، والرومانية، والفارسية، والأثينية لم تفرص حصارًا دام 62 عامًا على بلد صغير مثل كوبا لإخضاعها. إنّ الحصار جريمة ضد الإنسانية، ويجب إنهاؤه دون مزيد من التأخير. ويمكن قول الشيء نفسه عن عمليات الحصار والاعتداءات المستمرّة على فنزويلا ونيكاراغوا. إنهم يتسببون في معاناة السكان، ويقوضون الأسس الأخلاقية للنظام السياسي داخل الإمبراطورية. إنّ شبح الفاشية المرعب في أمريكا يقترب. بحيث تصبح جريمة الحصار، ديالكتيكيا ، سمّا يفسد ويدمر روح من يرتكب هذه الجريمة. أتيليو بورون- عالم في الاجتماع والسّياسة وأستاذ جامعي وكاتب ماركسي من الأرجنتين.