بقلم ياسر رافع مصر عرفت أسرع محاكمة في تاريخها الحديث تحديدا قي يوم 14 يونيو عام 1800م وأستمرت ثلاثة أيام وأصدر الحكم بالإعدام على القاتل ومن عاونه يوم 17يونيو عام 1800م. وكان المقتول هو الجنرال ” كليبر” خليفة ” نابليون بونابرت” قائد الحملة الفرنسية، والقاتل كان البطل ” سليمان الحلبي”. وبعد 222 عام بالتمام والكمال وفي نفس شهر يونيو وفي ذكرى تخليد بطولة ” سليمان الحلبي” تقع جريمة قتل طالب جامعي إسمه ” محمد” لزميلته الطالبة ” نيرة”. وتنعقد محاكمة سريعة للقاتل نتج عنه الحكم بتحويل أوراقه لفضيلة المفتي لأخذ رأيه الشرعي في إعدام القاتل. عفوا : ما العلاقة بين المحاكمتين غير أنهما مشتركتان في عامل السرعة ومختلفتان في الدوافع؟ المحاكمتان بينهما قواسم مشتركة رغم إختلاف الدوافع منها أولا : أن السرعة جاءت بسبب حجم الجريمة وليس في طبيعة الجرم ذاته. حيث الأولى كانت لقتل حاكم مصر المحتله الفرنسي ” كليبر”. والثانيه بسبب صدمة المجتمع من جريمة لفتاة تقتل أمام عدسات الكاميرا ثانيا : نفذت أحكام القانون الفرنسي على ” الحلبي” وهي كانت جديدة لدرجه أدهشت المصريون آنذاك. وهو ما تم في قضية ” نيرة” بعد تثبيت أركان القانون والإحتكام له في مصر ثالثا : إعتراف ” الحلبي” بقتل ” كليبر” ومعه السكين التي نفذ بها، بل وأعترف على من ساعده وموله. وهو فعل مثله ” محمد” قاتل ” نيرة” حيث إعترف ومعه السكين تفصيليا ورفض الدفع بإهتزازة النفسي وقت الجريمة وأصر على إعترافه رابعا : وقر في يقين المحكمة بأن القاتل قديما وحديثا مذنبين ومقرين بإرتكابهما فعل القتل وبناءا عليه حكم عليهما بالقتل كيف تساوي بين محاكمة ” بطل” قتل ” محتلا” وبين شاب قتل فتاة يحبها؟ عفوا.. لم أساوي بينهما ولكن كنت أشرح واقعه تاريخية تشابهت بينهما الوقائع وسرعة المحاكمة لأعرج سريعا على رد فعل الشارع المصري على المحاكمتين. عندما قتل “الحلبي” الحاكم الفرنسي المحتل فرح الناس لمقتل كبير الفرنساويه ولكن كان هناك من كان ينظر إليه أنه قاتل مأجور ويعيب على الفرنسيين عقدهم محاكمة عادلة لقاتل كما ذكر ” الجبرتي” عند وصف المحاكمه ” ألفوا في شأن ذلك أوراقا ذكروا فيها صورة الواقعة وكيفيتها وطبعوا منها نسخا كثيرة باللغات الثلاث الفرنساوية والتركية والعربية… لتضمينها خبر الواقعة وكيفية الحكومة (إصدار الحكم)، ولما فيها من الاعتبار وضبط الأحكام من هؤلاء الطائفة (الفرنسيين) الذين يحكمّون العقل ولا يتدينون بدين، وكيف وقد تجارى على كبيرهم ويعسوبهم رجل آفاقي أهوج وغدره وقبضوا عليه وقرروه (جعلوه يعترف)، ولم يعجلوا بقتله وقتل من أخبر عنهم بمجرد الإقرار بعد أن عثروا عليه”. وكان مع رأي الجبرتي كبار المماليك المتعاونين مع الفرنسيين. وللأسف ورغم شيوع الواقعه عبر الوسائل الإعلامية وحالة التضامن مع ” نيرة” القتيلة والمطالبة بأخذ حقها من القاتل، ظهر علينا من ينكر سرعة المحاكمة تقليلا من قدرة القضاء على دراسة الحادث ومحاولات رخيصة للطعن في شرف القتيلة رغم إعتراف القاتل وثبوت اليقين لدى المحكمه بأن ” محمد” هو القاتل. ولا ندري لمصلحة من كل هذا. ” الحلبي” تحول إلى بطل شعبي رغم محاكمة قانونيه وإعترافه، ورغم الطعن فيه من قبل المتعاونين مع المحتل. كذلك ستتحول ” نيرة” إلى أيقونه لغدر المجتمع الذي بعد 222 سنه لا زال بينه من لا يحسن الحكم ولا التقدير يخالفون العداله الناجزه وشرع الله وحق المجتمع رغم إعتراف القاتل. إنني أرى ( الحلبي ونيرة) في كفه و ( كليبر ومحمد) في كفه أخرى ميزانهما مجتمع غائب بثقافته الشعبية عن قيمة العدالة وتطبيق القانون إما تعمدا أم جهلا. #الحلبي_بطلا #نيرة_أيقونه