كشف المَستور في الأرشيف المَحظور (1)!
د.وسام جواد.
كلما تابعتُ قراءة ما رُفع عنه الحجب في الأرشيف السوفيتي، كلما زاد الشعور بالإحباط، وشحبت الوان تلك الصورة الجميلة، التي رسَمتُها قبلا، ورسمها الملايين في مخيلتهم عن النظام، الذي اعتبرناه نموذجيا، وإعتقدنا بأنه الأمثل والأجمل، مقارنة بصورة النظام الرأسمالي البشعة، التي تُذكرنا دائما بالجرائم الوحشية ضد البشرية.
واذا كان المنتصر من يكتب التاريخ كما يقال، فإن كل ما سمعناه وقرأناه عن الثورة البلشفية وبناء الاشتراكية، الذي انهار قبل ان يكتمل، قد قاله وكتبه ونشره الطرف المنتصر( البلاشفة ) على حساب الطرف المنكسر( المناشفة ).
فهل كل ما قيل وكُتِبَ ونُشِر كان صحيحا ودقيقا، أم أن هنالك الكثير مما لم نعرفه، ولم نسمع عنه قبلا ؟.
ولغرض الاطلاع على الكثير من الحقائق، التي أُخفيَت عمدا، واستحال نشرها في الفترة السوفيتية عن حملات الاعتقالات والتصفيات والاغتيالات في صفوف القيادات السياسية والعسكرية بعد الثورة البلشفية، وخصوصا في الفترة الستالينية، التي سادتها أجواء الاضطهاد السياسي والقسوة في الاحكام ضد منتقدي النظام، وجدتُ من المفيد ترجمة ونشر بعض ما احتوته ملفات الأرشيف السوفيتي، التي بقيت سرية وممنوعة لعشرات السنين، وشكلت أهم أسباب انهيار أعظم تجربة تطبيقية لبناء الاشتراكية.
1- ما كتبه لينين عن ستالين :
بعد أن ساءت حالة قائد الثورة فلاديمير ايلتيتش لينين، أملى على زوجته كروبسكايا رسالة قرأتها في المؤتمر الثالث عشر للحزب الشيوعي البلشفي (آيار 1924)، جاء فيها :
ستالين فظ للغاية، وهذا العيب، يمكن تحمله في الوسط والتواصل بيننا نحن الشيوعيين، لكنه يصبح غير مُحتمل في منصب السكرتير العام . لذا، أقترح على الرفاق أن يفكروا في طريقة لنقل ستالين الى مكان آخر، وأن يعينوا شخصًا آخر، يختلف عن الرفيق من جميع النواحي. أي ان يكون أكثر صبرا، وولاءا، وتهذيبًا وانتباهاً لرفاقه ..إلخ. وقد يبدو هذا الظرف تافهًا، لكنني أعتقد أنه من وجهة نظر الحماية من الانقسام، ومن وجهة نظر ما كتبته آنفاعن العلاقة بين ستالين وتروتسكي، فإن هذا ليس أمرا تافهًا، أو أنه شيء تافه، يمكن أن يكتسب أهمية حاسمة. ( المصدر: Ленин В. И. Письмо к съезду // ПСС. — Т. 45. — С. 346 ).
2- رغم الوضوح في رأي لينين حول جوزيف ستالين، إلا أنه لم يقدم المرشح البديل . وقد رد ستالين على الرسالة بالآتي
” حسنًا، أنا فض حقًا.. يقترح عليكم لينين أن تجدوا شخصًا آخر، يختلف عني فقط في أنه على قدر أكبر من التأدب. لا بأس، حاولوا أن تجدوه ..
فصاح أحد الحضور من أصدقاء ستالين : لا بأس، لن تخيفنا فظاظتك، فكل الحزب فظ بروليتاريا ..
ثم أعلن ستالين عن استقالته، لكن الحضور رفضها بشدة، فاقترح كامينيف التصويت، الذي انتهى لصالح بقاء ستالين بالإجماع واعتراض شخص واحد – تروتسكي. المصدر : (Троцкий Л. Д. Завещание Ленина. // Горизонт 1990, № 6 с. 38-41).
وهكذا انتهت فترة قيادة لينين ( 1924-1917 ) لتبدأ الفترة الستالينية، التي أستمرت قرابة ثلاثة عقود ( 1924-1953 )، شهدت خلالها روسيا والاتحاد السوفيتي، الكثير من الأحداث الايجابية والسلبية في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية، التي سيجري تناولها لاحقا.
( يتبع ).
2021-07-04