حركة تحرير فلسطين.. فتح ام حتف!
اضحوي الصعيب *
يتساءل كثيرون كيف ان حركة فتح، كبرى فصائل المنظمة، قبلت بالاتفاق الاستسلامي مع اسرائيل وتخلت عن دورها التاريخي في قيادة الثورة الفلسطينية، فلم نسمع عن اعتراضات او انشقاقات غداة التوقيع على اتفاق اوسلو؟. اذن لا بد من وجود اشياء لا نعرفها جعلت اولئك الفدائيين يقتنعون بالانتقال من البندقية الى السياسة، فحتى عصابات الجريمة لا تتخلى عن مسارها بسهولة ويتمرد بعض افرادها ويواصلون الاجرام. والحقيقة لا توجد أسرار او ألغاز في الموضوع، وكل ما في الامر ان الفرضية التي ينطلق منها المتسائلون غير صحيحة.. فرضية ان اعضاء فتح كانوا يقاتلون عندما صدرت لهم الاوامر ليلة 13 ايلول 1993 بالتوقف وإلقاء السلاح. آخر معركة لفتح مع الاحتلال كانت صيف 1970، بينها وبين اتفاق اوسلو 23 عاماً.. فماذا كانت تعمل المنظمة طوال ذلك الزمن السرمدي؟ هل هم احجار بقيت على حالها ربع قرن بانتظار استئناف النضال؟. لا انهم بشر يحملون شعارات تحرر. فالمؤمن بالقضية غادر منظمةً لا تقاتل وذهب الى المقاتلين بين الحركات الاسلامية. ومن يغادر يحل محله آخر يرضى سلفاً بعدم القتال. هكذا رحل المقاتلون وحل محلهم المنتفعون والانتهازيون وحتى الجواسيس والعملاء. ثلاثة وعشرون عاماً كانت تكفي لتبديل هوية المنظمة كلياً. انها المدة المطلوبة من جانب (القيادة) الفلسطينية لترويض الشعب الثائر على مشاريع الاستسلام المعشعشة في رؤوس اولئك القادة المنحرفين.
قد يجادل البعض في ان المنظمة كانت تقاتل بعد عام 1970 ويستدل بالهجوم الاسرائيلي على لبنان عام 1982 وما شهده من معارك بين المنظمة وقوات الاحتلال، غير ان ذلك الحدث لا ينفي وانما يؤكد ما نقول، فبعد بضعة اسابيع فقط من بدء العملية الاسرائيلية كانت المنظمة تعلن الاستسلام مقابل سلامة قادتها الخونة، وترحل الى ما وراء البحار. ذلك القتال لم يكن دفاعاً عن فلسطين لأنه جرى في العمق اللبناني، ولم يكن دفاعاً عن لبنان لأنه توقف بمجرد تأمين سلامة عرفات واعضاء قيادته الذين اعترفت بهم اسرائيل فيما بعد ممثلين حصريين للشعب الفلسطيني، ولن تجد لو نقبت في كل الارض (خصوماً) ألين من هؤلاء، حتى ان الرئيس الاسرائيلي شيمون بيرس قال عندما بدأت المفاوضات بين الطرفين في التسعينيات: نفاوضهم وكأننا نفاوض انفسنا.
عندما تشكلت حركة تحرير فلسطين في ستينيات القرن الماضي اراد مؤسسوها اختصار اسمها تمشياً مع التقاليد الثورية الرائجة في تلك الحقبة. وحيث ان الدارج أخذ الاحرف الاولى من كلمات العنوان افرز لهم المختصر كلمة (حتف) وهي فأل شؤم لانطلاق ثورة، فعكسوها لتصبح (فتح) وتفاءلوا بها. الا ان قلب الحقائق يشوّه الاشياء، واصرّت الاقدار على انها حتف.
( اضحوي _ 1718 )
2024-05-02