قُل لهم إنّهم قُطّاع طُرق..!
لينا الحسيني
كان من المقرّر أن ينزل الوفد الكوبي في أفخم فنادق نيويورك، تمهيدًا لحضور الدورة الخامسة عشرة لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتّحدّة في سبتمبر من عام 1960.
رفض فيديل كاسترو الاقتراح، وفضّل اختيار فندق “شيلبورن” الواقع بمحاذاة البعثة الكوبية في نيويورك، لدواعٍ أمنية ولرفضه ارتياد فندقٍ لطالما ارتاده دكتاتوريو العالم ومنهم باتيستا.
طلب مدير الفندق من الوفد الكوبي إيداع مبلغٍ من المال وقدره 20 ألف دولار كضمانة ضد الأضرار المحتملة، خوفًا من أن تشنُّ الجماعات المعادية للثّورة ّالكوبيّة هجومًا بالحجارة على الفندق.
اعتبر فيديل كاسترو العرض ابتزازًا وإهانة للوفد الكوبي، فطلب من المترجم المرافق بالتحدث إلى مدير الفندق وإخباره برفضهم الدفع، وأردف: “قل لهم إنّهم قطّاع طرق”. ثمّ أمر بشراء الخيام، وقال: “إذا لم نجد فندقًا، سننصب الخيام في حديقة الأمم المتحدة”.
خوفًا من الفضيحة، اختار له المنظمون فندقًا بديلاً في وسط المدينة، لكنّه فاجأ الجميع باختيار فندق “تيريزا” في هارلم أحد أفقر أحياء نيويورك، الذي يقطنه السّود والمضطهدون.
استُقبل الوفد الكوبي استقبال الأبطال لدى وصوله ليلاً الى الفندق، وتعالت الهتافات المرحبة وصيحات “يعيش فيديل” “فيديل.. فيديل..”
يومها، قال مالكولم إكس لفيديل: “عندما يكون العم سام ضدّك، فأنت بالتّأكيد على صواب”.
ألقى فيديل خطابًا تاريخيًا مدّته أربع ساعات و29 دقيقة، تناول فيه التّمييز ضد الأقليات، وحق الدّول الفقيرة في التنمية، وندّد بظلم النّظام العالمي السّائد كما لم يحدث من قبل في قاعة الأمم المتّحدة.
بعدها، إنتقل قادة وشخصيات العالم إلى فندق تيريزا للقاء فيديل. كان من بينهم رئيس وزراء الاتحاد السوفياتي نيكيتا خروتشوف برفقة وزير خارجيته أندريه غروميكو، رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو، الرئيس المصري جمال عبد الناصر…
برّر فيديل للأمين العام للأمم المتحدة قراره بارتياد فندق متواضع في هارلم بقوله: “ذهبنا إلى فندقٍ متواضع، حيث يقيم المضطهَدون، لأنّ الثورة الكوبية هي ثورة هؤلاء المضطَهدين، المتواضعين”
لقد كان لهذا الأمر تداعيات كبيرة في الولايات المتّحدة، لأنّ ما فعله فيديل لم يجرؤ على القيام به أحدٌ من قادة العالم.
2021-10-01