قمة صينية_سعودية ، ومصر تنضم رسمياً الى بريكس!
رنا علوان
بدأت مجموعة (بريكس) بأربع دول ، وهي لبرازيل، وروسيا، والهند ، والصين ، وبعدها بنحو عام تقريباً انضمت جنوب أفريقيا ممثلة القارة السمراء ، ليكتمل عقد دول (بريكس) الذي يعبر اسمها عن أول حرف من كل دولة من الدول الخمس ، وهي مجتمعة تشكل 41 % من سكان العالم ، أي أكثر بتسع مرات على الأقل من سكان الولايات المتحدة ، وتُشكل مساحتها نحو 29 % من مساحة العالم ، وهي كذلك دول أعضاء في مجموعة العشرين التي تمثل أقوى اقتصادات العالم
وتعود فكرة (بريكس) الى عام 2000 ، حيث ذكرت للمرة الاولى في ورقة نشرت لبنك (غولدمان ساكس) وناقشت فيها أهم الدول ذات الاقتصادات الناشئة ، ولكنها طرحت للنقاش بين هذه الدول في 2006 ، وتبلورت وانطلقت بعد ثلاثة أعوام من ذلك ، ليصبح ناتجها القومي زهاء 28 تريليون دولار ، بعد ان كان عند التأسيس لا يتعدى العشر تريليونات ، ما جعلها تنافس مجموعة الدول السبع
( الولايات المتحدة ، بريطانيا ، فرنسا ، اليابان ، ألمانيا ، كندا ، وإيطاليا ) فالناتج القومي لمجموعة الدول السبع هو 32 تريليون دولار
وبالفعل ، إن ما حدث هو تفوّق بريكس ليصل إلى نصف الناتج القومي العالمي وما يزيد ، أي أنه فاق اقتصاد مجموعة الدول السبع بكثير ، فمع كل انضمام للمجموعة يزيد مؤشر التفوق ، كما أن عدد سكان (بريكس) البالغ 3.2 مليار نسمة (وهم في ازدياد مُستمر حتى الساعة ) أكثر من ثلاثة أضعاف عدد سكان مجموعة السبع البالغ 987 مليون نسمة ، واليوم اعلنت مصر العربية انضمامها بشكل رسمي الى المجموعة
والتقى الرئيس الصيني شي جينبينغ اليوم الجمعة (9 ديسمبر/كانون الأول 2022) مع قادة عرب في السعودية في قمتين وصفتا بأنهما “معلم” في تاريخ العلاقات الصينية-العربية والعلاقات الصينية- الخليجية
والتقى شي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ، بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وجرى توقيع “اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين المملكة والصين”، حسبما أفادت وكالة الأنباء السعودية ، كما اتفقا على عقد اجتماع لقادة الدولتين كل عامين
كما حضر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس حكومة تصريف الإعمال اللبنانية نجيب ميقاتي والرئيس الفلسطيني محمود عباس وقادة آخرون الخميس إلى الرياض بالاضافة الى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش
وذكرت وسائل إعلام سعودية أن الزيارة شهدت توقيع اتفاقيات بنحو 29.3 مليار دولار في مجالات عدة ، وكان البيت الأبيض حذر من “النفوذ الذي تحاول الصين تنميته حول العالم”
وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين الأربعاء “نحن مدركون للنفوذ الذي تحاول الصين توسيعه حول العالم”. وأضاف أن “الشرق الأوسط هو بالتأكيد من هذه المناطق التي يرغبون في تعميق مستوى نفوذهم فيها”. وتابع “نعتقد أن العديد من الأمور التي يسعون إليها ، وطريقة سعيهم إليها، لا تتلاءم مع الحفاظ على النظام الدولي الذي تحكمه قواعد” محددة
وتابع كيربي “لا نطلب من الدول الاختيار بين الولايات المتحدة والصين ، لكن كما قال الرئيس مرّات عدّة ، نعتقد أن الولايات المتحدة هي بالتأكيد في وضع يتيح لها القيادة في إطار هذه المنافسة الاستراتيجية”
أما العراق فقد قال مستشار الحكومة ، للشؤون الاقتصادية الدكتور مظهر محمد صالح ( إن مشاركة العراق لها أهمية خاصة كونها مُناسبة لرؤية حكومة السوداني الاقتصادية الجديدة ، مع العرب والصينيين) ، والتي ستفسح مجالا كبيرا للتعاون والاستثمار المشترك بين جميع الدول المشاركة في هذه القمة
وأضاف صالح أن رؤية الحكومة العراقية تعمل على الانفتاح الاقتصادي الصيني ، حيث انها تتمتع بأدوات اقتصادية ومعلوماتية وتكنولوجية وثقافية
وأشار إلى أن العراق بحاجة في الوقت الحالي للنهوض بواقعه الاقتصادي وذلك عبر تعزيز موقعه العالمي ، وزيادة نموه الاقتصادي ، من خلال التقارب مع الصين ، من أجل ضمان توزيع الموارد وتوظيفها
وقال إن حكومة السوداني تسعى للاستفادة من التكنولوجيا الصينية هذه ، فتوسيع العلاقات التجارية مع صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم مطلب مهم لنا ، مشيرا إلى أن العلاقات بين بكين وبغداد تعززت في السنوات الأخيرة
إن مجموعة بريكس ، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا ، هي “نموذج للدبلوماسية الحقيقية متعددة الأطراف التي تلبي حقائق القرن الحادي والعشرين” كما وصفها لافروف ، كما إن “بريكس تجسد التآزر بين الثقافات والحضارات التي تمثل مناطق مختلفة من الكوكب”، لانه يقوم على المساواة والاحترام المتبادل والعدالة
ومن الواضح أن حلول العديد من مشاكل عصرنا ، لا يمكن إيجادها إلا على أساس جماعي ، اعتمادا على توازن المصالح والمعايير القانونية الدولية المعترف بها بشكل عام”
لكن هناك من رأى ، أن مجموعة (بريكس) رغم أهميتها الحالية على المستوى الدولي ، ليست حتى الآن على قلب رجل واحد ، فالخلافات بين دولها عديدة وتحديدا بين أكبر دولتين فيها وهما الصين والهند ، ( فالصين قلقة من متانة العلاقات بين الهند والولايات المتحدة ، والهند ليست سعيدة بالشراكة بين الصين وباكستان في طريق الحرير ) كما أن نفوذ الصين في هذه المجموعة لا يمكن إغفاله ، فهي تشكل 70 في المائة من الناتج القومي للمجموعة ، وأقرب دولة لها هي الهند بـ13 في المائة فقط! ومع أن انضمام دول جديدة إلى المجموعة قد يزيد المجموعة قوة ، فإنه قد يضعف موقف الدول الحالية ضمن المجموعة ، حتى مع وجود شرط الإجماع لانضمام أي دولة للمجموعة !
هذه الخلافات قد تكون حاسمة في مستقبل المجموعة ، لا سيما إذا ما استغلتها القوى الغربية في التفريق بينها ، وخاصة اميركا المتربصة للصين وما يجري بينهما من حرب باردة
2022-12-10