على هامش ما جرى!
د.موفق محادين.
من هم الشيعة.
يقدر عدد الشيعة، بفرقتهم الاساسية، الاثني عشرية، والفروع التي خرجت منها، بين 400 و 500 مليون شيعي في العالم.
من العرب: العراق، لبنان، الاحساء، البحرين، والكويت، أما التفرعات الأخرى فأكثرها انتشارا في تركيا وسوريا واليمن.
ومن مراكزهم غير العربية: ايران، الباكستان، الهند، اذربيجان.
وحسب الدكتور حسين مروة في “النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية” فإن التشيع، من حيث هو موقف في الإسلام، نشأ مع نشوء مسألة الخلافة فور وفاة صاحب الدعوة الإسلامية، ثم جعل هذا الموقف يتبلور ويتفاعل مع أحداث الحياة العربية- الإسلامية، حتى نشأت وتفرعت عنه مواقف سياسية، وفكرية: كلامية وفلسفية.
وبحسب دراسة أحمد البحراني (التأويل) فإن التأويل الشيعي مقابل مدرسة الرأي والفلسفة الإغريقية التي ازدهرت في مرحلة المأمون تعرض لتكيّف أفقده هويته ولم ينتبه لملاحظات الإمام جعفر الصادق التي ذهبت إلى أن ما حدث من تعقيد لغوي هو إخراج الفقه من دائرة استنطاق النص إلى دائرة التقول في النص (ص289) وقد جرى ذلك على يد الطوسي ثم المحقق الحلي تحت دعوى الخروج من الرواية إلى الدراية (ص280).
ويشار هنا إلى أن المثلث اللاحق: النجف، قم، مشهد قد تباين حول الموقف من الفلسفة، فكان مركز النجف أقرب إلى الوسط ، وقم أقرب إلى قبول التوظيف الفلسفي، فيما كانت مشهد أقرب إلى التحفظ..
ومهما اختلفت فرق الشيعة، في التاريخ، من حيث المبدأ والاجتهاد، ومن حيث المحافظة على الارتباط بالأصول الإسلامية أو الإنقطاع عن هذه الأصول، فإن هناك أمراً مشتركاً بينها في الأغلب هو قولهم عن الخلافة بالنص مقابل الخلافة بالعقل عند المعتزلة، وبالشرع عند الحنابلة والموقف من “شخص” علي بن أبي طالب.
عقائد الشيعة أصولا وفروعاً، وهي:
1- معرفة الخالق.
2- معرفة المبلّغ.
3- معرفة ما تعبد به، والعمل به.
4- الأخذ بالفضيلة ورفض الرذيلة.
5- الاعتقاد بالمعاد والدينونة.
فالدين علم وعمل (وإن الدين عند الله الإسلام) والإسلام والإيمان مترادفان، ويطلقان على معنى أعم يعتمد على ثلاثة أركان: التوحيد، النبوة، والمعاد.
ويطلقان أيضاً على معنى أخص يعتمد على تلك الأركان الثلاثة وركن رابع وهو العمل بالدعائم التي بني الإسلام عليها وهي خمس: الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج، والجهاد.
ولكن الشيعة الامامية زادوا (ركناً سادسا)، وهو: الاعتقاد بالإمامة.
ومن المبكرين الذين شايعوا الإمام علي أبو ذر الغفاري و محمد ابن الخليفة أبي بكر و عبد الله ابن الخليفة عمر وسلمان الفارسي والمقداد بن عمرو وعمار بن ياسر وفروة بن عمرو وخالد بن سعيد بن العاص وابي بن كعب والبراء بن عازب وقيس بن سعد بن عبادة وخزيمة بن ثابت وغيرهم.
ومن شعراء العرب المشهورين حسب أبو الحسن النوبختي في كتابه (تاريخ الشيعة) الفرزدق، الكميت الأسدي، السيد الحميري، دعبل الخزاعي، ديك الجن الحمصي، ابي تمام، البحتري، الامير ابي فراس الحمداني
الشيعة الإثنا عشرية:
شجرة العائلة
تبدأ شجرة العائلة عند الفرقة الجعفرية بالإمام الشهيد علي بن أبي طالب المتوفي (660ه) وقد أنجب 14 من الذكور و16 من البنات من تسع نساء…
ومن بين أنجاله الكبار الحسين المتوفي 680م والحسن المتوفي669م. ومحمد من زوجته (الحنفية) وقد تبناه الكيسانيون كمهدي…
ومن سلالة الحسن وخاصة إبنه عبدالله ما يعرف بالأشراف ومنهم أشراف المغرب ( الادراسة والسعديون والفيلاليون) وكذلك أشراف الحجاز.
على أن الشيعة يهتمون أكثر بسلالة الحسين ( زين العابدين ثم محمد الباقر ثم جعفر الصادق ثم موسى الكاظم وشقيقه إسماعيل ثم علي الرضا ثم محمد المتقي الجواد ثم علي الهادي ثم الحسن العسكري ثم محمد المهدي).
وبتفصيل أكثر:
-يعرف الإبن الأكبر للحسين، زين العابدين بالسجاد (لكثرة صلاته).
-أما جعفر الصادق وهو الإمام السادس الذي تنسب له أدلجة الإمامة وتأسيس المذهب الجعفري وبالإضافة لإستمرار التسلسل الاثني عشر عبر إبنه موسى الكاظم، فإن إبنه الثاني إسماعيل كان مصدراً لأول انشقاق كبير في الفرقة حيث تنسب له الإسماعيلية وفروعها المختلفة من الفاطميين إلى القرامطة، جماعة الحسن الصباح والدروز والعلويين، كما سنرى.
-وبعكس الخليفة العباسي المنصور الذي أخذ موقفا معادياً للشيعة فإن المأمون عين الإمام الثامن علي الرضا ولياً للعهد عدة سنوات وكانت زوجته إبنة المأمون.
-أما آخر الائمة فهو محمد المهدي المختفي عام 878م والذي يعرف بصاحب السرداب.
الشيعة الإثنا عشرية أو الجعفرية:
تستند هذه الفرقة إلى الإمام السادس جعفر الصادق (765م) الذي أسس لفكرة أن الإمام هو حجة الله على الأرض، وقد عمق هذه الأفكار إبنه الإمام موسى الكاظم 799 وحفيده الإمام علي الرضا (818م) ثم العهد الصفوي (1503) (أتراك شيعة وليسو فرسا ومجوسا عن طريق الفقيه علي الكركي من جبل عامل (نسبة إلى قبيلة عاملة اليمنية التي استقر جزء منها في شرق الأردن قبل الانتقال إلى لبنان).
وقبل الثورة الإيرانية (1979) نجحت هذه الفرقة في تأسيس أكثر من دولة في المغرب والمشرق، على حد سواء:
– الدولة البويهية في بغداد945م.
-دولة الأشراف الذين ينسبون إلى إدريس بن عبدالله بن الحسين.
– الدولة الفاطمية.
-الدولة التي أقامها إسماعيل الصفوي(تركي شيعي 1505م) وقد جرى الإعلان عنها في تبريز بالاستعانة بـ 120 داعية من جبل عامل وكرك الأردن والقطيف (معين الرفاعي، إشكالية الدولة الاسلامية، ص383).
محطات أخرى في تاريخ الشيعة:
الأولى: تبجيل الإمام الحسين بن علي:
لا تقل أهمية الإمام الشهيد الحسين عن أهمية والده، بل أن الندب الشيعي هو ندب على الإبن أكثر مما هو على الأب مما يذكر بالظاهرة المسيحية شديدة الصلة بالثقافة النهرية أما تاريخ الندب نفسه منذ استشهاد الحسين في كربلاء (60هجري) فيعيده إبن قتيبه في كتابه الإمامة والسياسة إلى المختار بن عبيد الثقفي.
وتقول كتب التاريخ أن قائد حركة التوابين سليمان الخزاعي سار بجنده إلى قبر الحسين واعترفوا بخطيئتهم عن خذلان الإمام وكان ذلك بعد فوات الأوان وتحديدا في سنة (64ه) أي بعد كربلاء بأربعة أعوام وقد رفع التوابون آنذاك شعارا مرتبطا بالرمز الشخصي للإمام الحسين وهو “يا لثارات الحسين” وكان عليهم فيما بعد أن يخوضوا المواجهة الفاصلة مع جيش الأمويين في عين الوردة سنة(64هجري- 683م).
الثانية:بناء الأيديولوجيا الخاصة بدور الإمام ابتداءاً من الإمام جعفر محمد بن محمد الباقر مروراً بإبنه موسى الكاظم وحفيده علي الرضا، وانتهاءً بولاية الفقيه التي قدمها الفقيه علي الكركي بناءً على طلب من السلطان إسماعيل الصفوي 1501م. وحسب روايات أخرى هناك من يعيدها إلى المحقق الكركي المتوفي عام 1533، أو إلى محمد الجزيني المتوفي 1766، أو إلى أحمد الكاشاني المتوفي عام 1820 (معين الرفاعي، إشكالية الدولة الإسلامية، ص 557\509).
ويشير مصطلح المرجعية إلى إكتساب خبرات معرفية في العلوم الفقهية بمستوى يستطيع معه المرجع أن يستنبط الحكم الشرعي الأقرب للصحة من وجهة نظر دينية، أما صلاحيات المجتهد فهي تنحصر في الاستنباط من الدين وليس الأصول والمجتهد مسؤول لتنبيه الأمة عما لم تنتبه إليه من المخاطر التي تهدد مصيرها ووجودها أو ما هو على علاقة بمستقبلها.
والمجتهدون وحدهم المتمتعون بسلطة تفسير القرآن والشريعة. في حين أن على علماء السنة الالتزام بأحد المذاهب الأربعة وهي الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي هذا بعد أن أغلق باب الاجتهاد.
وهناك أيضاً المقلد الذي عليه أن يطيع القرارات التي يصدرها المجتهد الذي يقلده في القضايا المرفوعة إليه وفي جميع المسائل الشرعية ومن هنا تمتلك فتاوي المرجعيات الدينية سلطة موجهة لجمهور الشيعة.
الثالثة: الموارد المالية وإدارة العتبات:
بالنسبة لتمويل المراكز الدينية يدفعها كل شيعي صادق العقيدة. ومن هذه الرسوم:
-الخمس
-الزكاة وتعطى للفقراء ويتولى توزيعها العلماء.
-رد المظالم وهذا يدفع من مستلمي رواتب الحكومة أو من دخل مشابه من الدولة، وهذا ناجم من اعتقادهم بأن الحكومة إنما تحصل على أموالها بوسائل غير شرعية كالضرائب.
-ثلث الإرث ويدفع للمجتهدين.
-الأوقاف الدينية على شكل أراض وبيوت وغيرها هذا إلى جانب إستثمارات المجتهدين في السوق.
الشيعة الزيديون:
افترقوا عن الإمامية الاثني عشرية، بقولهم بالخروج على الحاكم وبوسع المهتمين في هذا الأمر العودة إلى كتاب الملل والنحل للشهرستاني المتوفي (548ه) أي قبل تشيع إيران نفسها.
ويمكن تلخيص ما كتبه الشهرستاني حول هذا الموضوع في التقاط التالية:
1- تنسب الزيدية إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، بعكس الشيعة الإثني عشرية. وتذهب روايات إلى أن زيدا خرج على شقيقه الباقر لتهاونه مع الأمويين، فيما خاصمه شقيقه، الإمام الباقر (الإمام الخامس)، لاعتناقه أفكار المعتزلة ورفع السلاح على طريقة الخوارج، ولقوله بمبدأ الشورى واقترابه من القدرية (هادي العلوي ة، شخصيات غير قلقة في الإسلام)
2- تجيز الزيدية الإمامة في البطنين (الحسن والحسين من أبناء الإمام علي بن أبي طالب). وفيما تحصره الشيعة الإثنا عشرية في سلالة الحسين فقط ومن الأئمة الذين سار الزيديون خلفهم أبناء الحسن: إبراهيم وعبدالله.
3- أما زيد بن علي بن الحسين نفسه فكان تلميذا لشيخ المعتزلة: واصل بن عطاء الذي أفتى لإمامة المفضول وقد قتل الإمام زيد في الكوفة على يد الخليفة الأموي، هشام بن عبد الملك (تختلف المصادر في مكان دفنه ومنها من يرده إلى قرية قرب الكرك).
2021-07-05