جورج جبور عن طلال سلمان!
طلال سلمان. صحفي قيَّم التحرر والإنسانية ومعهما المهنية العالية.
أ. د جورج جبور.
لم تكن ولادة جريدة جديدة سهلة في سوق لبنان المزدحم بالجرائد. إلا أن ذلك القادم الجديد باسمه المميز ” السفير ” سرعان ما وجد نفسه في الصدارة.
بعد سنوات قليلة من صدورها أصبحت جريدة السفير مرجعية لقيم التحرر والإنسانية.
لم تظلم الخبر الذي يرد كما تفعل كثير من الجرائد ذات التوجهات التحررية . تعطيه حقه وتموضعه ضمن منظومة قيمية حريصة على المهنية.
تقرأ فتزداد علما، وفي الوقت نفسه تترسخ فيك قيم تشعر بأنها تجمعك مع الجريدة المغرية الحسناء.
ذات يوم تلقيت منه رسالة شخصية تسألني كتابة مقال بمناسبة 25 عاما على انتقال الرئيس جمال عبد الناصر إلى رحمة الله.
سررت ثم ترددت ثم أقدمت. كتبت ما يريحني.
لكل منا أبطال في الحياة العامة نحرص على تبرئتهم من الأخطاء.
يشعر قاريء السفير بأن الرئيس عبد الناصر لا يمس ، كذلك آمين سره الصحفي المتميز محمد حسنين هيكل .
لكن عبد الناصر اختار انور السادات نائبا وحيدا له. اختاره منفردا لم يطلع على اختياره أحدا ممن حوله.
ثم اطلع هيكل.
ثم نسب هيكل إلى عبد الناصر انه قال إن تعيينه السادات نائباً له قرار لمدة قصيرة جدا.
ثم كان ما كان.
في المقال الذي طلبه مني الصحفي المهني طلال سلمان تحدثت بالتفصيل عن تفرد عبد الناصر وعن صمت هيكل على قصة ” التعيين لايام”.
بعثت بالمقال ومعه رجاء خاص: لا تشعر يا ا. طلال انك ملزم بنشره لأنك انت من طلب. مارس حقك رئيسا للتحرير في عدم النشر. نحن أصدقاء. ولن يؤثر على صداقتنا مقال لا ينسجم مع خط ” السفير”.
ظهر المقال في مكان بارز يوم 28 ايلول 1995.
كانت حياة كثيرين حافلة مع ” السفير ” في السنوات التي صدرت فيها . عملت كأنها إشارة طريق لسفن تخشى أن تضيع في خضم السياسة العربية المثقلة بالسياسة الدولية.
كانت حاملة قيم.
والجرائد حاملة القيم تحمل معها بذرة الابتعاد عن المهنية الإعلامية.
إلا السفير.
هكذا في ما اعرف عن جرائدنا العربية.
بمناسبة وفاة البطل الإعلامي الكبير الاستاذ طلال سلمان أحببت أن أضيء على جانب مهني مشرق يستحق عميق الاحترام.
دمشق. صباح 26 آب 2023