الحرية لفلسطين: رسالة عالمية ضد الصهيونية!
علي محسن حميد
الرسالة بسيطة وواضحة ومع هذا تتكالب الصهيونية السياسية العالمية وامريكا عليها لإجهاضها. إن من يؤمن حقا بالحرية فردا أو دولة لايواجه من يطالب بها بالقتل ولايقبل أن يتمتع بها دون غيره .الحرية أساسية للحياة كالماء والهواء وللبشر جميعا وحجبها بالاحتلال يتناقض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. تتهم إسرائيل الفلسطيني المطالب بها بالإرهاب وغير الفلسطيني بمعاداة السامية واليهودي بكاره نفسه.هذه التهم طالت طلاب الجامعات الغربية الذين وضعوا دولة الاحتلال ودولهم الداعمة لها
التي تتبجح باحترام حقوق الإنسان في الزاوية. تاريخيا كان الطلبة في طليعة مقاومة الاستعمار والعنصرية .عندما حقق حزب الوفد في مصر في معاهدة عام 1936 بعض مطالبه الرئيسية من بريطانيا ومنها إنهاء نظام الامتيازات السيء الذكر الذي أطبق على رقبة الخلافة العثمانية أيضا وأنهت أهم سياسات الهيمنة البريطانية على مصر ممثلة بسلطة المندوب السامي وإحلال سفير محله ساد ارتياح لدى النخب ولكن الطلبة رفضوها وتظاهروا مطالبين بالاستقلال التام.
الطالب السياسي الذي غاب اليوم عن الفعل كان له دور في كل مايتصل بقضايا وطنه وفي مصر وقتذاك كان الطلبة يقضون في التظاهر وقتا أكبر من الوقت المخصص للدراسة. وفي اليمن كان طلاب صنعاء وتعز هم أول من قام باحتجاج علني ضد النظام الملكي في صيف عام 1962.وأثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 كان الطلبة والعمال العرب في طليعةالمتضامنين مع مصر.وفي حرب فيتنام كان للطلبة الامريكيين دور ضاغط على حكومتهم رغم أن النتيجة النهائية حسمتها فيتنام عسكريا بهزيمة ساحقة لامريكا عام 1975 .
إسرائيل اليوم تغوص حتى الركب في دم الفلسطينيين كصليبيي القرن الحادي عشر غزاة القدس الفلسطينية. غزة هي فيتنام إسرائيل التي تعيش ورطة سياسية وعسكرية حقيقية برغم قلة ذات اليد العسكرية الفلسطينية. ماحدث في غزة في 7 اكتوبر 2023 تتحمل إسرائيل وحدها مسؤليته وهو نتيجة صلفها وتحديها لإرادة شعب لايريد سوى الحرية وتحرير بعض أرضه بعد أن قبل تحت الإكراه الدولي والعربي اغتصاب معظمها. ترتكب دولةالاحتلال حماقات جربها غيرها وفشل ومنها الاستعمارين الفرنسي والبريطاني في الجزائر والجنوب اليمني وتوأمها في جنوب افريقياالعنصرية. إسرائيل فشلت فشلا ذريعا بزعمها انتمائها للقيم الحضارية لما ترتكبه في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان من جرائم ولإصرارها على أن تظل إلى الابد دولة محتلة لفلسطين والجولان السوري ومزارع شبعا .كيان مثلها لن ينصاع لإرادة شعب فلسطين إلا بالمقاومة. لقد جرب الفلسطينيون التفاوض قبل أكثر من ثلاثين عاما وقبل ذلك خدعتهم امريكا عندما حثتهم على قبول القرار 242 عام 1988 ثم خدعتهم ثانية بضماناتها حول الوضع النهائي للقدس وغيرها في مؤتمر مدريد عام 1991. ومن باب تأكيد المؤكد فإن إسرائيل لو التزمت بما تعهدت به بتطبيق قرارات الأمم المتحدة لتحقق لها وللمنطقة الاستقرار. هذا ما يدفعنا إلى القول بأنها بداية ونهاية خُلقت لزعزعزة استقرار المنطقة العربية لتعيش حالة حرب طويلة الأمد. إن جرائمها في غزة والضفة أفقدتها تعاطف شرائح واسعة من الرأي العام الغربي التي لم تعد تنظرإليها كضحية أوحمل وديع .لقد وقفت في قفص محكمة الجنايات الدولية في ديسمبر 2023 كمتهمة بارتكاب إبادة جماعية لم يسبقها إليها إلا النظام النازي في الحرب العالمية الثانية . ماسبق يجعل التطبيع معها مكافأة لها وعلى كل العرب الامتناع عن التطبيع قبل أن توجد دولة فلسطينية على الأرض. لقد طال اطمئنان دولة الاحتلال إلى أن المياه ستجري في نهرها بدون عائق أو تعكير مهما أسالت من دماء فلسطينية ولكن عدوانها على غزة عرّاها وأضعفها دوليا وفضح زيف ادعاءها بأنها تمارس حق الدفاع عن النفس الذي يخجل قادة غربيين اليوم من تكرارقوله بعد أن ألقمهم طلاب الجامعات الغربية حجرا كبيرا .
إن هدف تضامن طلاب الجامعات الغربية دعم
الحرية وليس معاداة السامية وعندما رفعوا شعار” الحرية لفلسطين” لم يكونوا يظنون أن إسرائيل وإعلامها الغربي سيفسرانه على أنه عداء للسامية إلا إذا قبل ديمقراطيو الغرب وصهاينته بأن السامية نقيض للحرية. إن الشعار صحوة شبابية عامة تؤرخ لمرحلة قادمة قد تقصم ظهر الصهيونية وتؤذي نفوذها في الغرب الذي قام على تزييف الوعي وتزوير تاريخ فلسطين وإنكار وجود شعبها ولاحقا إنكار حقه المقدس في الخلاص من نير الاحتلال. لاغرابة إذاً إذا صُدمت إسرائيل من حجم التضامن الشبابي الواسع مع فلسطين في أهم الجامعات الغربية بعد أن خدرت الرأي العام بدعايات زائفة منها أنها غير آمنة وضحية رفض العرب لوجودها وهم الذين مدوا يد لها السلام منذ قبولهم قرار مجلس الأمن 242 عام 1967.لقد ركنت إسرائيل إلى دعم غربي رسمي مفتوح وتجاهلت جيلا جديدا لايقبل حرب الإبادة والاحتلال وممارساته التي يشاهدها كل لحظة فضلا عن إنكارها لحق شعب اغتصبت أكثر من ثلاثة أرباع أرضه وتنكر عليه حقه في تقرير مصيره متسلحة بدعم واشنطن في الأمم المتحدة وبهذا يصبح الشعب الفلسطيني هو الوحيد المحرّم عليه هذا الحق من بين كل شعوب العالم. حكومات الغرب الذليلة التي يسيرها المال والإعلام الصهيوني تقمع الاحتجاجات والتضامن مع فلسطين وقدبلغ الخنوع بإحداها أنها حققت مع متظاهرين يؤيدون فلسطين بينما لم تفعل الشيء ذاته مع الذين يؤيدون الحرب والإبادة الجماعية والاحتلال.
إسرائيل الصهيونية لاتزال ترى في الشعب الذي سرقت أرضه ومزارعه وبيوته ومؤسساته وبنيته التحتية التي كانت تؤهله لبناء دولة مستقلة تقودها طبقة وسطى مستنيرة وكفؤة لم يكن لها نظير في أي مستعمرة عربية عدوا لايمكن التعايش معه ولامناص من تصفية قضيته لكي تمحو تاريخها كلص .
فلسطين تحرر الغرب والعالم:
لم يكن في حسبان المقاومة الفلسطينية وهي تمارس حقها المقدس في المقاومة وقوف الطلاب وشرائح واسعة في الغرب ضد جرائم إسرائيل وأن يهودا طلابا وغير طلاب سيقفون ضدها استجابة لنداء ضمائرهم. هؤلاء اليهود الأحرار بشجاعتهم هذه أعلنوا أيضا رفضهم لوصاية إسرائيل على يهود العالم وعلى زعمها بتمثيل مصالحهم وحمايتهم. هؤلاء هؤلاء ليسو ضد دولة إسرائيل وهم فقط ضد سياساتها العنصرية وإبادتها الجماعية في غزة ووحشية جيشها في الضفة الغربية المحتلة. اما السياسيين الغربيين فعليهم أن يخجلوا لوضعهم ضمائرهم في الثلاجة الصهيونية بعد أن فضحتهم غزة. هؤلاء المرتزقة لايقلون عنصرية عن إسرائيل ويقفون في الجانب الخطأ من التاريخ.
لقد منحت دول الغرب إسرائيل كارتا أبيضا لتفعل ماتريد بالفلسطينيين منذ عام 1967 وسلّحتها ومكنتها من تخدير عقول شعوبها بثقافة سامة تجيز لها العدوان تحت ذ يعة واهية هي محاربة ماتسميه ” الإرهاب الفلسطيني”! أو أكذوبة الدفاع عن النفس التي تحولت إلى دمار شامل. وكما حرّمت الصهيونية الإسرائيلية- الغربية على الشعب الفلسطيني حقه المشروع في المقاومة هاهي تحاول تجريم تضامن طلاب الجامعات الغربية وفي طليعتهم الامريكيين وتشوههم بوصفهم معادين للسامية الصهيونية وليس قرار مجلس النواب الامريكي بتوسيع تعريف العداء للسامية سوى تطور مؤسف يدعو للإحباط من زيف الديمقراطية الامريكية. القرار اقترحه “التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة” وليس إبنا شرعيا للمجلس ولأول مرة في امريكا التي تستبيحها الصهيونية العالمية ولوبياتها ودولة الاحتلال يشرع طرف غير منتخب لما سيصبح قانونا بعد موافقة مجلس الشيوخ والرئيس بايدن الألعوبة بيد وزير الخارجية بلينكن .
إسرائيل لاتتعظ من تاريخ نضال الشعوب ضدالاستعمار والنظم العنصرية التي انتصرت رغم عدم التناسب في موازين القوى.إن هزيمة المقاومة مستحيلة حتى ولو خسرت معركة . متغير اليوم القوي الأهمية لعالميته عزَل إسرائيل التي قد يبقى قادتها المدنيين والعسكريين في الجيتو الصهيوني لئلا يعتقلوا ثم يدانوا بارتكاب إبادة جماعية من قبل الجنائية الدولية . إن عدوان إسرائيل يكلفها الكثير ولكن طوق النجاة الامريكي جاهز على مدار الساعة لإنقاذها من الغرق. غزة تحدداليوم مصير الصهيونية وستحرر العالم كله من نفوذها المدمر.
2024-05-06