ضربة خاطفة أم حرب طويلة؟ فنتازيا النصر الأمريكي على إيران تحت مجهر الاستخبارات!
ترجمة وتحرير / نسيم الفيل
في ظل التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران، نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرًا تحليليًا يكشف زيف الاعتقاد بأن ضربة عسكرية واحدة قد تنهي التهديد الإيراني إلى الأبد. التقرير يحمل رسالة واضحة: الرغبة في نصر سريع قد تتحول إلى مستنقع استراتيجي طويل الأمد.
ترامب وإغراء الحسم الفوري
أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن عملية “مطرقة منتصف الليل” دمرت بالكامل منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية، مشيرًا إلى أنها كانت قادرة على إنهاء النزاع في يوم واحد، على غرار ما حدث في هيروشيما. لكن المعلومات الاستخباراتية المسربة تشير إلى أن هذا التفاؤل قد يكون مبالغًا فيه، حيث أظهرت التقارير أن البرنامج النووي الإيراني تأخر فقط لأشهر، مع احتمالية تسرب يورانيوم مخصب.
الحقيقة خلف الضربه
التقييم الاستخباراتي المسرّب، رغم أنه أولي وبثقة منخفضة، سلط الضوء على مشكلة أكبر وهي غموض النتائج. صور الأقمار الاصطناعية لم تؤكد تدميرًا كاملًا، كما أن مصادر إسرائيلية شككت في فعالية الضربات، مشيرة إلى أن بعض اليورانيوم قد يكون مدفونًا تحت الأنقاض. الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت وقوع أضرار جسيمة، لكن الغموض يلف مدى فعالية الهجوم على أجهزة الطرد المركزي الحساسة.
واقع لا يشبه الفنتازيا
ترى “إيكونوميست” أن الاعتقاد بإمكانية تحقيق نصر عسكري حاسم في الشرق الأوسط بيوم واحد أمر غير واقعي. فالمعادلة الإيرانية أعقد بكثير. حتى لو تراجع البرنامج النووي، فإن الاحتواء طويل الأمد يتطلب التزامًا عسكريًا وسياسيًا قد يستنزف واشنطن.
شراكة أمريكية إسرائيلية في قلب العاصفة
مع تصاعد التوتر، قد تتولى إسرائيل زمام المبادرة في مواجهة إيران، لكن قدراتها ليست بلا حدود، وقد تحتاج إلى دعم أمريكي مستمر. هذا الدعم قد يشمل تسليحًا، مشاركة مباشرة في العمليات، وحتى حماية أمن الخليج من أي انتقام إيراني.
هل تتكرر تجربة العراق
المحللون قارنوا الوضع الحالي بحرب الخليج الأولى، حين توقفت الولايات المتحدة عند تحرير الكويت، لكنها واصلت فرض العقوبات والتفتيش على العراق. السيناريو ذاته قد يُعاد مع إيران: احتواء متواصل دون تغيير النظام، ما قد يُطيل أمد النزاع لعقود.
مفاوضات خلف الكوالي
وسط الغموض، تجري محادثات مباشرة وغير مباشرة مع طهران. الرئيس الإيراني الجديد أبدى استعداده لتسوية الخلافات ضمن الأطر الدولية. الأولوية لدى واشنطن اليوم هي كبح تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وهو الحد الذي يقترب من إنتاج سلاح نووي.
معضلة “صفر تخصيب”
ترامب يواجه معضلة كبيرة: كلما أصر على فرض سياسة “صفر تخصيب”، ازدادت صعوبة إقناع القيادة الإيرانية بالتفاوض. فالمتشدّدون في طهران، الذين تأثروا بالهجوم الأخير، باتوا أكثر حساسية تجاه الضغوط الخارجية.
حسابات انتخابية وتحديات عالمية
ترامب يسعى لتسويق مبدأ “السلام بالقوة” لجمهوره الانتخابي، لكنه إن أظهر ميولًا لحرب جديدة في الشرق الأوسط، فقد يخسر دعم قاعدة “ماغا”. بالمقابل، فإن الالتزام بإستراتيجية احتواء طويلة الأمد يعني تحويل موارد أمريكية من آسيا، وهو ما يتعارض مع أولويات الدفاع المعلنة تجاه الصين وتايوان.
بين فنتازيا النصر السريع وواقع الاحتواء المعقّد، تجد أمريكا نفسها عالقة في معادلة شائكة مع إيران. إن التسرع في إعلان الانتصار قد يقود إلى حرب طويلة المدى في منطقة لا تزال تحترق من الداخل.
2025-06-29