لماذا استهداف تركيا واردوغان.. وحرق القرآن في السويد؟
ياسر أبوغليون
من المتعارف عليه أن هامش الحرية في الدول الغربية، وتحديدا في دولة مثل السويد يكاد أن يكون مطلقًا، ومن هنا يتضح كيف تزيّت الدبلوماسية السويدية – في إطار النأي بالنفس عن تسارع الحدث – بزي منهجية الدولة العصرية التي تلزم الشرطة بحماية جميع المتظاهرين بغض النظر عن فحوى التظاهرة، لكن هذا التنظير الدعائي لا يصمد طويلًا أمام جملة اعتبارات تفضح ازدواجية المعايير السويدية والغربية في التعامل ومنها:
منع ذم الصهيونية ومنع الإشارة إلى مسلسل قتل الأطفال في فلسطين، والعزف على أسطوانة معاداة السامية، ومنع التشكيك بالهلوكوست أو ذكر النازية أو التحذير من مخالفة الفطرة الإنسانية في مسألة (اللواط)، في حين ينظر للإساءة المتعمدة لعقيدة المسلمين على أنها حرية رأي.
هذا الاستفزاز الغربي المتجدد للمسلمين وازدواجية المعايير ما هو في حقيقة أمره سوى مؤشر صريح على فشلنا وإخفاقنا الداخلي تجاه إساءات سبقت، وبراهين عملية على حتمية التكرار القادم للسلوك، ومن ذلك ما ورد قبل ساعات عن تمزيق إدوين واغنسفيلد زعيم المنظمة المناهضة للإسلام PEGIDA لصفحات من المصحف الشريف تحت حراسة الشرطة في لاهاي بهولندا.
أما التفسير السياسي فلا حاجة للتدليل على أن هذا الاستفزاز المقصود لسفارة تركيا ولأردوغان يشكل بالون اختبار ذا خلفية سياسية جاءت على هامش تأزم انضمام السويد وفنلندا للناتو، ورفض تركيا والمجر لهذا الانضمام.
فالسياسي الشعبوي المتشدد راسموس بالودان وغيره من المتطرفين يعادون النموذج الإسلامي في التسامح وتقبل الآخر، وما يشغل بالهم النجاح المتواصل للدولة التركية كأكبر ممثل سياسي للمسلمين في العالم، وسعي أردوغان بوصفه قيادة قوية نهضوية تسعى لجعل تركيا في مصاف الدول المتقدمة عبر النجاح في انتخابات 2023، علاوة على النموذج الحداثي الذي تقدمه الدولة التركية، والنجاح الذي تلاقيه في صهر الأقليات والأعراق، مما يعزز التسامح وثقافة قبول الآخر والحوار الحضاري، بخلاف الحاصل في السويد حيث يتم التضييق على المسلمين بعددهم الذي يصل إلى ما نسبته 10% من المجتمع السويدي.
وهذا يطرح تساؤلًا بامتياز حول اللجوء الوهمي أو ما أرى تسميته بالهجرة المقنّعة المفرّغة من البعد الإنساني المتعارف عليه؛ فيجد المهاجر نفسه يقايض الغربة عن بلاده بالخضوع لاستفزازات السوسيال تحت ذريعة الأطفال المعنفين، ويصل به الحال إلى أمومة الدوله التي تتدخل في كافة شؤونه بصورة مطلقة.
كيف يكون الرد؟
إزاء جرائم الإساءة المتواصلة للقرآن الكريم فمن الواجب مقاطعة العلامات التجارية في السويد، وتفويض محامين دوليين في مجلس الأمن وفي غيره بطرق عقلانية بعيدة عن قبول استفزاز الآخر، ولعل قوة الرد تتضح في تصريحات أردوغان بأنه سيفضح القائمين على ذلك الحرق وأنه يعرف جيدًا مع من وكيف وبأي لغة يجب التحدث وما في هذه التصريحات من أبعاد مستقبلية.
وختامًا ينبغي إدانة كل ما من شأنه مناقضة المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وما يربك الجهود الهادفة لنشر قيم التسامح والعيش المشترك، وفي المقابل يجب تشجيع الصناعة التركية ورفع القبعات للأداء السياسي التركي، ولا يعني هذا أنه يعلو على النقد إلا أنه أفضل الموجود
2023-01-25