تمرد السودان.. الإمارات نافذة إعلامية وعسكرية لقوات الدعم السريع!
عبدالرزاق علي
ليس غريبا أن تبرز الإمارات كمتهم أول في الأحداث التي شهدتها السودان خلال الأيام الماضية بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، فلهذا البلد تاريخ من التدخلات في شؤون الدول.
تدخل الإمارات في السودان ليس وليد اللحظة، فالأحداث التي انتهت بسقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، كان للإمارات اليد الطولى فيها. دعمت الإمارات حملات إعلامية موجهة ضد البشير بتهم ذات صلة بملف الإرهاب حينها، في سبيل التأثير على الموقف الدولي.
بعيدا عن الإعلام الرسمي، الذي يعبر عن وجهة النظر الحقيقية وينأى عن تناول الأحداث بشكل يفصح عن المواقف ويفضحها، يمكن ملاحظة الدور الإماراتي في وسائل الإعلام المدعومة منها، قبل وبعد الأحداث الأخيرة في السودان.
من الواضح أن الإمارات تستخدم الإعلام للتهيئة للفوضى في الدول المستهدفة بمؤامراتها، وقد لاحظنا ذلك بوضوح في قطر والصومال وتركيا وليبيا واليمن وغيرها من البلدان التي أشعلت فيها أبوظبي نيران الاقتتال الداخلي.
بالتطرق إلى نموذج واحد للدور الإماراتي في هذا الجانب، يمكن استدعاء أزمة قطر مع دول الخليج قبل أعوام. دارت كل الحملات الإعلامية التي مولتها الإمارات، من خلال إعلامها الرسمي وغيره، حول تهمة الإرهاب، وتورط قطر في دعم التنظيمات الإرهابية. ظهر حينها، وللمرة الأولى، مصطلح “تنظيم الحمدين”. يضع مطبخ في أبوظبي الخطوط العريضة لما يراد لوسائل الإعلام الموجهة أن تتناوله، ثم تنطلق حملات بشكل مكثف بغرض تحويل الشائعة إلى حقيقة للتأثير على الموقف الغربي من خلال ملف الإرهاب الحساس. وهكذا، كلما انتهت حملة بدأت أخرى، وكلها تدور حول ذات الفكرة والهدف.
ضمن هذا السياق، لا يمكن إغفال دور السعودية التي عملت مع الإمارات جنبا إلى جنب في كل البلدان التي أشرنا إليها. صحيح أن الخلاف بين البلدين قد يحول دون تكرار النماذج السابقة بحذافيرها، إلا أن للسعودية دورا في أحداث السودان بشكل أو بآخر. إن لم تحضر الرياض وأبوظبي في بلد ما كحلفين، تظهران كعدوين لتخوضان صراعهما على حساب أمن واستقرار هذا البلد. ما يحدث في السودان، وما حدث في اليمن خلال العامين الماضيين يؤكد هذه الحقيقة.
ـ متهم أول:
بالعودة إلى الدور الإماراتي في السودان، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عنه خلال اليومين الماضيين. قد يخلوا كثير من حديث المتابعين والناشطين والمحللين من الأدلة المحسوسة، لكنه لا يخلو من القرائن التي تصل في بعض الأحيان إلى قوة الدليل.
يتحدث المتابعون عن البيانات الصادرة عن قائد قوات الدعم السريع، حميدتي، باللغتين العربية والإنجليزية، ويبدون استغرابهم من الشكل الاحترافي الذي صيغت به لمخاطبة المجتمع الدولي.
يعتقد المتابعون أن حسابات حميدتي على مواقع التواصل الاجتماعي تدار من الإمارات، وأن العاصمة أبوظبي هي النافذة الإعلامية لكل ما يخص قوات الدعم السريع.
في هذا السياق، يقود د. محمد الهاشمي، رئيس قناة المستقلة الفضائية، إن الإمارات وراء كل ما تنشره قوات الدعم السريع عبر حسابات حميدتي أو غيرها.
ويضيف: صفحة حميدتي الرسمية الموثقة من فيسبوك تدار من داخل الامارات وليس من السودان. كل ما يصدر عن الصفحة من تحريض ومن تبرير لجرائم ميليشيا حميدتي وشقيقه، ومن اعتداءات على مؤسسات الدولة السودانية ومطاراتها ومنشآتها وجيشها، كل ذلك يصدر من داخل إمارات محمد بن زايد.
ـ السعودية كهدف!:
ومع أن الإمارات هي المتهم الأول بالوقوف وراء أحداث السودان الأخيرة، إلا أن السودان قد لا تكون الهدف الوحيد أو الرئيسي بالنسبة إلى أبوظبي. هي ساحة صراع في المقام الأول.
في هذا السياق، يذهب محللون إلى أن السعودية ورؤية بن سلمان 2030، هي هدف الإمارات الرئيسي من وراء إشعال الوضع في السودان وفتح جبهة جديدة قد تكلف الرياض الكثير.
ويقول المحللون إن الإمارات ذهبت إلى مدينة مدينة حلايب الحدودية الغير مستقره للاستثمار فيها وفتح جبهة جديدة مقابل مدينة نيوم شمال غرب المملكه على البحر الأحمر، وأيضا مدينة الملك عبدالله الصناعية، على اعتبار أن هذا المشروع في هذا الموقع الجغرافي يمثل أكبر تهديد اقتصادي لمدينة دبي.
ـ دعم عسكري:
إلى جانب إدارة المعركة الإعلامية، تؤكد بعض الدلائل أن الإمارات قدمت دعما عسكريا للمتمردين في السودان.
في السياق، ستولى الجيش السوداني على قذائف حرارية قدمتها على ما يبدو الإمارات لقوات الدعم السريع، وهي جماعة شبه عسكرية قوية تقاتل من أجل السيطرة على السودان لليوم الرابع يوم الثلاثاء. وفق وكالات دولية.
ولتأكيد دعم أبوظبي، نشر الجيش السوداني مقطع فيديو يظهر صناديق قذائف الإنزال الجوي الحرارية 120 ملم مع علامات تشير إلى أنها صنعت في صربيا في عام 2020 وتم تسليمها لاحقًا إلى الإمارات.
وقد تسبب نشر الفيديو في إحراج محتمل للإمارات في الوقت الذي تسعى فيه للتوسط إلى جانب مصر لوقف إطلاق النار بين القوات السودانية المتناحرة.
وأخيرا، يمكن القول إن الدعم الإمارات للتمرد في السودان ظاهر بوضوح، وعليه أدلة وقرائن.