الولايات المتحدة تبتدع مصطلحا جديدا للهيمنة على المنطقة عنوانه ” الهيكلة الإقليمية ” !كتب ناجي صفا
لم تف على مايبدو الضربات التي تتلقاها الولايات المتحدة الاميركية في كل من العراق وسوريا واليمن بالمطلوب لردعها ، فلم يردعها ذلك عن محاولة تكريس سيطرتها وقيادتها للمنطقة من خلال خطة جديدة اعلنها بلينكن تحت عنوان ” الهيكلة الإقليمية ” Regionalization.
في حواره مع توماس فريدمان في ملتقى دافوس ، افصح بلينكن عن الخطة الجديدة ، هي تحت عنوان اعادة الهيكلة الإقليمية ، بما يمكن واشنطن من تكريس نفوذها وسيطرتها على المنطقة، بالتفاهم والتنسبق كما قال بلينكن مع عدد من الدول العربية والإسلامية، وسيكون لإسرائيل في هذه الخطة دورا محوريا على مستوى المنطقة عامة ، من خلال التطبيع واقامة علاقات سياسية واقتصادية معها وصولا الى ضمان امنها.
بالطبع لم يغب الموضوع الفلسطيني عن الخطة ، فقد اشار بلينكن الى المحادثات التي اجراها مع نتنياهو بخصوص التطبيع مع السعودية، على ان يوقف نتنياهو الحرب على غزة ، وان يتعهد بمسار سياسي معلوم التوقيت يفضي الى دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل ، لكن نتنياهو رفض ذلك كما قال بلينكن ،..
يرى بلينكن في مقاربته انه ” لدينا معادلة مختلفة الآن” ، يمكننا الآن رؤية شيئا حقيقيا، ومعادلة مختلفة، تجيب على الإحتياجات العميقة للجميع في المنطقة ، بدءا من اسرائيل وسؤالها عن الامن الحقيقي .
يتابع بلينكن في حواره مع فريدمان القول ، لدينا الآن شيء لم يكن من قبل ، لدينا بلدان عربية واسلامية وحتى من خارج المنطقة مستعدة لإقامة علاقات مع اسرائيل ، ورغبة في الإندماج، وتطبيع العلاقات ، وتقدم الضمانات ، والإلتزامات اللازمة ، لكي تكون اسرائيل ليست مندمجة بالمنطقة فحسب ، وانما تشعر بالأمان .
وفي ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني يتفق بلينكن مع رؤية نتنياهو حول سلطة يمكن ان يتم اصلاحها، لتكون الاقوى فلسطينيا ، ولكي تتمكن من تحقيق نتائج على الأرض ، ويرى بان الفرصة موجودة الآن وتتطلب دعما من كافة الأطراف باتخاذ القرارات الصعبة بما في ذلك اسرائيل .
ورغم اشارته الى حل الدولتين الا ان بلينكن واتساقا مع رؤية نتنياهو ، عاد وتملص من مفهوم الدولة بقوله ان السلطة الفلسطينية يجب ان تكون تحت سقف الشروط الإسرائيلية ، وان تكون بيئة متساهلة مع اسرائيل وليست معارضة لها،، .لان السلطة ستواجه الكثير من المتاعب فيما لو عارضت السلطة الإسرائيلية .
هذا الطرح الاميركي لا يختلف قطعيا عما طرحه جوزيب بوريل حول حل الدولتين والمؤتمر العالمي للسلام الذي يدعو الجميع ويستثني اصحاب الحق والارض والوطن ..
وفيما يتعلق بنظرية الهيكلة الإقليمية يرى بلينكن ان الفرصة متاحة الآن ، وان هناك نقطة انعطاف جيوإستراتيجية في الشرق الاوسط ويمكن اغتنامها . دون ان ينسى التذكير في مطالعته ان لأمن اسرائيل اولوية على سلم الاهتمامات الاميركية في سياق هذه الهيكلة الإقليمية .
افصح بلينكن عن تلك الخطة مبررا انه لكي لا يكون فراغا في المنطقة يمكن ان يملأ بالسيء ويؤثر على مصالحنا وقيمنا ، كاشفا انه في حديثنا معهم يطلبون منا ان نكون حاضرين وان نقود ، ونحن سنكون حاضرين ونقود في منطقة الشرق الاوسط .
الخلاصة التي يمكن استنتاجها هي ان الولايات المتحدة لا تعتبر نفسها مردوعة، ويبدو ان الضربات التي تتلقاها في العراق وسوريا واليمن لا تؤلمها كما ينبغي ،، فهي بصدد هجوم معاكس تسعى من خلاله تكريس وقائع وموازين قوى على الارض ،.
يتطلب هذا ردا جديا أكثر ايلاما ومنسقا من محور المقاومة، برفع وتيرة الإستهداف ومضاعفته عشرات المرات لكي تعترف ان المنطقة قد خرجت من سيطرتها وان هناك محورا يدعى محور المقاومة هو من يصيغ المعادلات ويقرر النتائج وان من شان ذلك ان ينعكس على فلسطين ومستقبلها السياسي وكامل مستقبل المنطقة .
2024-01-23