اتفاق الغاز بين روسيا وتركيا يلغي احد أسباب الحرب العالمية على سوريا
باريس ـ نضال حمادة
أتى إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلغاء خطة بناء خط ( ساوثستريم) لنقل الغاز من روسيا الى أوروبا عبر المجر مفاجئا خصوصا ان الإعلان جاء من أنقرة التي لم تكن يوما علاقاتها بروسيا على ما يرام، فالدولتان ورثتا الخلاف العثماني الأرثوذكسي منذ سقوط القسطنطينية في القرن السادس عشر على يد السلطان محمد الثاني ولم يساهم سقوط الدولة العثمانية في تحسين العلاقات بين الطرفين بسبب دخول تركيا في خلف شمال الأطلسي خلال عقود الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة .
سوف نوقف خطة بناء خط ( ساوثستريم)، أعلن الرئيس الروسي من أنقرة محملا الأوروبيين مسؤولية رفض الخط مضيفا ان روسيا تبحث عن شركاء جدد في سوق الغاز من بينها تركيا.
وأتت زيارة بوتين لانقرة في خضم الأزمة العالمية التي سببتها الحرب السورية بين روسيا، والغرب وتركيا التي تتحمل مسؤولية كبرى في الحرب السورية واستمرارها عبر دعم الجماعات المسلحة المحاربة في سوريا الأكثر تطرفا وسماحها بمرور مئات المقاتلين الأجانب عبر أراضيها وتأمين الحماية لهم والدعم لكل من يقاتل الدولة في سوريا داخل المدن والبلدات السورية بينما تقدم موسكو الغطاء والدعم العسكري والسياسي والاقتصادي لدمشق ما جعل العلاقات بين البلدين في حالة فتور مستمر .
في زيارة بوتين تحول استراتيجي كبير اولى نتائجه على ارض الواقع إلغاء الخطة الامريكية التي تولت قطر وتركيا تنفيذها في سوريا منذ العام ٢٠١٠ والتي كانت تهدف لتمرير الغاز القطري عبر سوريا فتركيا الى أوروبا في السعي الامريكي لمحاصرة موسكو، ومجرد ان تتفق تركيا مع روسيا على عقود غاز بقيمة عشرات المليارات من الدولار انتهت خطة محاصرة الغاز الروسي لحساب الغاز القطري.
الرئيسان اردوغان وبوتين
في هذه الزيارة أيضاً محاولة تركية لإنهاء عزلة تعيشها أنقرة في منطقة الشرق الأوسط بسبب الحرب في سوريا وبعد سقوط حكم جماعة الاخوان المسلمين في مصر الذي افقد أنقرة امتدادها العربي وبسبب تدخلاتها في بلدان الربيع العربي ساءت علاقتها مع غالبية الدول العربية لا سيما مصر والسعودية.
وبعد ظهور "داعش" في العراق وسوريا دعمت انقرةً التنظيم الإرهابي في وقت شنت عليه واشنطن حربا دولية ما جعل الأتراك في مواجهة مع الولايات المتحدة التي رفضت كل طلبات أردوغان و مناشداته ضرب الجيش السوري بالتزامن مع قصف داعش، كما رفضت واشنطن طلب تركيا المتكرر إقامة منطقة عازلة على الحدود التركية مع سوريا تحت حماية حلف شمال الأطلسي.
وزادت عزلة أنقرة في معركة عين العرب ( كوباني) حيث وجد الأتراك أنفسهم امام قوة عسكرية كردية مقربة من حزب العمال الكردستاني تقاتل في كوباني تحت حماية حلف شمال الأطلسي، ولم يبق امام أنقرة بعد هذه الضغوط سوى سلوك طريق الخصم الروسي للخروج من العزلة التي أنتجتها سنوات من التهور السياسي وجنون العظمة الذي لا يطابق قوة تركيا وحجمها.
في زيارة بوتين لانقرة لم يغير الرئيس الروسي موقفه الداعم لسوريا رغم استمرار أردوغان في كلامه التصعيدي المطالب برحيل الرئيس السوري، فالعلاقات المستجدة بين موسكو وأنقرة في مجال الغاز والطاقة ألغت خط الغاز القطري عمليا ولم تؤثر على الموقف الروسي من سوريا حيث بقيت دمشق في موقع استراتيجي حيوي لروسيا التي استخدمت حق النقض الفيتو ثلاث مرات مع الصين لمنع تدخل عسكري غربي في سوريا، وتعتبر سوريا والنظام الحاكم فيها خطا احمر لن تقبل بالمساس به، وتأتي العقود الكبيرة بين روسيا وتركيا علامة تغيير تركي كبير سوف يظهر بشكل واضح عند إتمام الاتفاق النووي الإيراني الامريكي الذي تدعمه موسكو المورد الجديد للغاز عبر الاراضي التركية