•بوركينا فاسو….
إنتاجٌ قياسي هذا العام للفراولة”الذهب الأحمر”!
إدريس آيات*
•ثريدٌ عن 150 عامًا من الأخطاء الاستراتيجية في الزراعة الأفريقية في تقريرٍ صدر يوم 7 أبريل حققت المحاصيل الزراعية المربحة للفراولة في بوركينا 2 مليار فرنك سيفا. لماذا القصة مهمة؟ في عهود الاستعمار ادعت ادعت القوى الاستعمارية أن العديد من المحاصيل غير صالحة للزراعة في المناخ الأفريقي أو التربة، استنادًا إلى دراسات زراعية أو معلومات مُضللة أو غير دقيقة. لثلاثة أسباب: 1.توجيه الزراعة لخدمة الأسواق الأوروبية: ادعت القوى الاستعمارية أن بعض المحاصيل النقدية مثل الكاكاو، القهوة، والمطاط هي الأنسب للتصدير وللزراعة في أفريقيا، دون الأخذ في الاعتبار احتياجات السكان المحليين الغذائية. 2.تقييمات مضللة: في بعض الحالات، قدمت الدراسات الزراعية تقييمات متحيزة تفيد بأن المحاصيل المحلية غير كفؤة من حيث الإنتاجية أو الجودة مقارنة بالمحاصيل المستوردة، مما قلل من تقديرها واستخدامها. 3.إعادة هيكلة الإنتاج الزراعي: استخدمت القوى الاستعمارية نتائج الدراسات الزراعية لتبرير إعادة توجيه الموارد الزراعية نحو الزراعة التجارية بدلاً من الزراعة المستدامة التي تعتمد على التنوع الزراعي. نتيجة لهذه الممارسات، تم تهميش الزراعة الغذائية المحلية في العديد من المناطق الأفريقية، مما أدى إلى زيادة الاعتماد على الواردات الغذائية والتقليل من الأمن الغذائي الذاتي. كما أثرت هذه الممارسات على التنوع البيولوجي والأمن الغذائي في المنطقة على المدى الطويل. ما أدى إلى ارتكاب خطأً استراتيجيًا دام 150 عامًا: مع بدايات القرن الـ20، شهدت زراعة الكاكاو تحولا جذريا مع انتقال مركز الإنتاج من أميركا الجنوبية في فنزويلا والبرازيل -حيث تم اكتشاف وتدجين شجرة الكاكاو- إلى غرب أفريقيا. مع بواكير الحرب العالمية الأولى، دفعت بريطانيا بقوة نحو توسع زراعي كبير للكاكاو في مستعمراتها بغرب أفريقيا، غانا ونيجيريا، مما أسهم في تحول القارة الأفريقية إلى مركز عالمي لهذه المحاصيل. وبعد نيلها الاستقلال، حافظت دول أفريقيا على المحاصيل التصديرية نفسها (القطن، القهوة، الكاكاو) التي كانت تُزرع خلال عهود الاستعمار. مثلا، عندما يواصل وزير الزراعة في دولة مثل الكاميرون في تاريخ اليوم تركيز جهوده سنويا على دعم زراعة الكاكاو، مستغلا بذلك أفضل أراضي البلاد، في حين تظل الدولة تعتمد على مساعدات من برنامج الأغذية العالمي لإطعام شعبها، وتستورد محاصيل أساسية مثل الأرز والبطاطا والطماطم والفاصوليا، فإن السياسات الزراعية التي لم تُحدد لها أهداف قابلة للقياس لتقليل الجوع بين السكان أو لرفع إثراء الفلاح، أو لتخفيض الاعتماد على الواردات، هي السبب، وهو خطأٌ استراتيجي يرتكبه وزراء الزراعة حتى، ناهيك عن المزارعين الموجهين. على غرار الكاميرون، دول أخرى مثل ساحل العاج وغانا، تتمتع بظروف مناخية مواتية لزراعة محاصيل متنوعة من تلك التي تستورد. ومع ذلك، تواجه هذه الدول تحديا في تقدير هذه الظروف بزراعة محاصيل ذات دورة واحدة فقط على مدار العام، بدلا من استغلال البيئة الزراعية المثالية لإنتاج مجموعة أوسع من المحاصيل. لماذا من الضروري تبنّي سياسات زراعية بديلة؟
نذكر مفارقة هنا من خلال الاستشهاد بمثال فاكهة واحدة؛ الموز ???? مثلاً:
يُعد الموز من أكثر الفواكه ربحية عالميا، والأكثر استهلاكا نظرا لإمكانية حصاده أسبوعيا وزراعته على مدار العام، حيث يصل المردود الفعلي من الموز العضوي في السنغال إلى 20 طنا للهكتار، ويزداد هذا الرقم إلى 60 طنا للهكتار في الدفيئات المغربية، وفقا لبيانات معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالمغرب.
فرغم مناخها المثالي، تسهم أفريقيا بأقل من 10% من الإنتاج العالمي للموز، تاركة الريادة للصين والهند.
بالمقابل، يُنتج الكاكاو (المفروض علينا فترة الاستعمار) حوالي 300-400 كيلوغرام للهكتار ودورة واحدة فقط كل العام، مما يشير إلى أن مزارعي الكاكاو بساحل العاج أقل ثراء بمقدار 200 مرة مقارنة بمزارعي الموز من المملكة المغربية مثلا.
الأمر نفسه بالنسبة للبن، إذ تبلغ الإنتاجية في منطقة جاجنوا بساحل العاج متوسط إنتاج ما يقارب 180 كيلوغراما للهكتار، مما يعكس تدني مستوى معيشة الفلاحين بما يصل إلى 333 مرة مقارنة بنظرائهم بالمغرب، وهذا الوضع شائع تقريبا في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
** التمرد الذي صنعه توماس سانكارا: فاكهة الفراولة مثالا:
قد يعتقد المرء أن زراعة الفراولة في بلد صحراوي مثل بوركينا فاسو أمر غريب، لكنها كانت جزءًا من الحياة هناك منذ السبعينات مع الثورة الزراعية التي أطلقها الرئيس الأسبق؛ توماس سانكارا متمردًا على جميع التعاليم الاستعمارية..
واليوم؛ في ضواحي عاصمة بوركينا فاسو، واغادوغو، يحل الزراعة المربحة للفراولة محل المحاصيل التقليدية مثل الكرنب والخس، وغيرها من موروثات الاستعمار، وأصبحت تصديرًا رئيسيًا إلى الدول المجاورة. تُعتبر الفراولة، التي يُطلق عليها “الذهب الأحمر” في الساحل، محصولًا جلب حوالي مليارين فرنك إفريقي (3.3 مليون دولار) من عام 2019 إلى 2020، وفقًا لبرنامج دعم الزراعة PAPEA.
في موسمها من يناير إلى أبريل، تحل الفراولة “محل المحاصيل الأخرى”، فقط لأنّ قائدًا قرر أن يفكّر خارج الأُطر التي وضعتها قوى استعمارية.
قد يبدو زراعة الفراولة، التي تزدهر بفضل وفرة ضوء الشمس والماء، مفاجئًا في هذه الدولة الواقعة في غرب إفريقيا شبه القاحلة. لكن بوركينا فاسو تتصدر إنتاج الفراولة في المنطقة، حيث تنتج حوالي 2000 طن سنويًا. على الرغم من شعبيتها بين العملاء المحليين، يتم تصدير أكثر من نصف الإنتاج إلى الدول المجاورة. “نتلقى طلبات من الخارج، بشكل خاص من ساحل العاج، والنيجر، وغانا”، قال مزارع الحدائق مادي كومباوري، المتخصص في الفراولة والذي يدرب المزارعين المحليين. “الطلب في ازدياد مستمر والأسعار جيدة”. في الموسم، تُباع الفراولة بسعر أعلى من الفواكه والخضروات الأخرى، بسعر 3000 فرنك إفريقي (5 دولارات) للكيلوغرام الواحد. في تقرير لموقع (DAWN Today )
وأضاف “إنها ذهبنا الأحمر. إنها واحدة من أكثر المحاصيل ربحية لكل من الزارعين والبائعين”، . لا تتردد البائعة جاكلين تاونسا في التبديل من التفاح والموز إلى الفراولة في الموسم.
بحسب بائعٍة يُدعى أديسا تيمتوري تعمل بدوام كامل كبائعة للفاكهة والخضروات. تمتحن بيع المنسوجات، لكنها تعود إلى بيع الفراولة مرة في الموسم بسبب هوامش الربح الكبيرة، التي تصل إلى “200 إلى 300 في المئة”. “أبدأ بيع الفراولة مرة أخرى عندما تكون في الموسم لكسب بعض المال وإرضاء عملائي السابقين، الذين يستمرون في طلبها”، قالت. ومع الدفيئات يمكن زراعته طوال العام.
يمثل هذا التحول نحو زراعة الفراولة في ضواحي واغادوغو، بوركينا فاسو، فرصة اقتصادية كبيرة للمزارعين المحليين، ويوضح في الوقت نفسه اتجاهًا أوسع نطاقًا للتكيف والتنويع الزراعي:
• اختيار المحاصيل بناءً على متطلبات السوق: يشير قرار المزارعين في بوركينا فاسو بالتحول من المحاصيل التقليدية مثل الكرنب والخس إلى الفراولة إلى تحول استراتيجي نحو المحاصيل ذات القيمة السوقية والطلب الأعلى، سواءً محليًا أو في الدول المجاورة. بجانب براعتهم في التكيف مع المناخ والمواسم.
• الأثر الاقتصادي والتنويع: تسليط الضوء على الأرباح المتأتية من صادرات الفراولة – بعض اثنين مليار فرنك إفريقي (3.3 مليون دولار) من 2019 إلى 2020 – يبرز الأهمية الاقتصادية لهذا المحصول للمنطقة. ليس فقط يستفيد المزارعون الفرديون من هذا المستوى من الدخل، ولكنه أيضًا يسهم في الاقتصاد المحلي، داعمًا خلق الوظائف وربما تمويل الابتكارات الزراعية الأخرى.
*** الخاتمة:
هذا المثال عن فاكهة الفراولة يُظهر كيف يمكن للجهود الفردية من الفلاحين، وأحيانًا بدعم من الأفارقة العائدين من الشتات في أوروبا وأمريكا، تحقيق نجاحات في زراعة محاصيل كان يُعتقد أنها غير مناسبة للتربة الأفريقية. هذا النوع من الإبداع الزراعي يلاحظ أيضًا في تشاد والكاميرون.
يُعتبر تركيز أفريقيا على المحاصيل الاستعمارية مثل القهوة والكاكاو خطأ إستراتيجيا، خاصة من الناحية الاقتصادية، إذ لم تستطع أي أمة تحقيق الثراء بالاعتماد على هذا النمط من الإنتاج، من المادة الخام. هذا بجانب الرمزي الاستعماري، وباعتبار أنّ الأفارقة لا يستهلكون القهوة ولا الشوكولاتة المصنوع من الكاكاو ، ففيه أيضًا عمالة أطفال غير إنسانية.
البرازيل نفسها، التي كانت تتصدر إنتاج القهوة عالميا، انتقلت إلى زراعة المواشي وتصدير اللحوم إلى الأسواق الأوروبية، وهو نشاط أكثر ربحية، ويُحقق عائدات أسبوعية بدلا من السنوية.
يُثير هذا تساؤلات حول فعالية وجودة السياسات الزراعية المحلية ودور وزراء الزراعة، خصوصًا عند النظر إلى الفواكه مثل الفراولة والموز كمحاصيل نموذجية، لكن النقاش يمتد ليشمل سياسات زراعة الأرز، القمح، والذرة التي تعد من الأغذية الأساسية في القارة.
عن فاكهة الموز، من المهم عدم التقليل من قيمتها الغذائية. فالموز غني بالمعادن، الألياف، والفيتامينات، ويبرز خصوصًا في محتواه العالي من البوتاسيوم.
كما، يعتبر الموز مصدرًا مهمًا للمغنيسيوم، فيتامين C، فيتامينات B، ومضادات الأكسدة. هذه الخصائص تجعله مثاليًا لتعزيز الطاقة وتقوية المناعة، مما قد يُسهم في معالجة مشاكل سوء التغذية والمجاعة في أفريقيا. الموز، بفضل دورته الزراعية الأسبوعية وشعبيته المحلية والعالمية، يمكن أن يلعب دورًا هامًا في تحسين الأمن الغذائي الأفريقي، أما الفراوله فيكفي الربحية التي تصل 300٪.
(13) •بوركينا فاسو???????? **إنتاجٌ قياسي هذا… – Idrissa Ayat- إدريس آيات | Facebook
2024-04-11