أزمة اليسار العربي..!
علي رهيف الربيعي .
أن مجلة ” الطريق ” اللبنانية مارست خلال العقد الأخير من القرن العشرين بعض النقد الذاتي حول الماركسية والأحزاب الشيوعية العربية ، وحددت الكثير من الأخطاء ومنها غياب التعددية السياسية . نبه إسماعيل صبري عبد الله قائلا : ” فاتتنا أهمية الديمقراطية داخل أحزابنا والقبول بتعدد الآراء والالتزام برأي الأغلبية مع احترام الأقلية وليس تصفيتها ” ، ويضيف : ” تعاملنا مع الجماهير كما لو كنا نملك الحكمة والصواب ونريد أن نعلم الجماهير … إننا لم نجد الإنصات للناس والاحترام الكافي لرؤيتهم لمشكلاتهم وما يتصورونه من حلول لها . كنا كثيرا ما نتعامل مع أصحاب المصلحة … كما يتعامل المعلم في مدرسة تقليدية ترفض مفهوم الحوار كأداة تربوية عظيمة التأثير ” (١) .
وقد استمرت القيادات من دون تغير لزمن طويل في الكثير من الاحزاب ، تماما كما في الدول العربية . ومن ذلك أن خالد بكداش شغل طوال أكثر من ستين عاما منصب الأمين العام للحزب الشيوعي في سوريا ولبنان ( حتى ١٩٦٤ ، وفي سوريا بعد ذلك ، وحتى توفى عام ١٩٩٥ ) . وكثيرا ما كان يتم ” تأليه ” الزعيم السياسي ، فبطل النقاش وكثرت الانقسامات واضطر الكثير من المثقفين للخروج من الأحزاب التي انتموا إليها . وكانت هذه ظاهرة عامة في مختلف الأحزاب العربية بفعل ثقافة السطوة والدكتاتورية وغياب الديمقراطية داخل الحزب . وكما أن الحاكم لا يؤمن بتداول السلطة وتعدد الأصوات ، كذلك هو شأن الأحزاب وقياداتها .
(١) اسماعيل صبري عبد الله ، ” أفكار أولية للنقاش بين الماركسيين العرب ” الطريق ، السنة ٥٢ ، العدد ١ ( أيار / مايو ١٩٩٣ ) ، ص ١٤ – ١٥ .
2020/01/14