موهبة الإصطفاف ونورانيّة اللاشيء!
الراحل أحمد حسين
«هذا يهزبر على ذاك، وذاك يهزبر على هذا، وكلاهما يهزبر علينا».
صدق إميل حبيبي
لا تناقض في النظام السياسي عند العرب – بالإحالة على الواقع – بين التخلّف العقلي ورئاسة الجمهورية، أو وزارة الإرشاد. ومع أن ظاهر الحال يشير إلى شيء مشابه في المجال الأكاديمي أيضًا، إلا أن لي رأيًا مخالفًا، بالإستناد إلى أن التشابه المظهري هذا يعود إلى تطابق الأعراض وليس إلى تطابق العلل. ومثل هذا كثير في التجربة، بدلالة الصوفي والمهرّج. فالأول قد تم تجاوزه عقليًا بفعل مخالف هو الإيمان، فأصبح يصدر عنه في أفعاله التي لا نراها معقولة قياسًا على كفرنا، والثاني يستعمل عقله بمهارة تتجاوز عقله ذاته، ليخلق أفعالاً تجعلنا نضحك من مجرّد تصوّر أنفسنا على غراره. والتخلف العقلي غير وارد في أيّ من الحالتين.
والأكاديمي العربي هو – على الأغلب – أكاديمي مؤمن، ليس بالله وحده فقط، وإنما بالصدفة والسلام القائم على العدل والشرعية الدولية وإميل حبيبي. أي أنه – في الحقيقة – جسد عاقل امتهنته التجاوزات إلى درجة الإنتشار الصوفي في اللامألوف. إنه منفتح البصيرة على نورانيّة اللاشيء، لا يحسّ وطأة الأشياء على أيّ جزء من أجزاء جسده أو عقله، لأنه لم يعد في حاجة إلى عبور التجربة في طريقه إلى اللغة، حيث أن إيمانه شَفاه من نقمة التفكير لنفسه أو لغيره، وأودعه قولاً جاهزًا على شفة النُّعمى. لقد أصبح يتغذّى باللغة وحدها. وهذه واقعة نورانية خالصة ينجم عنها عوارض إفرازية غير مادّية، تدفع به أحيانًا إلى المنهج لقضاء الحاجة فلا يفرز ما يمكن تسميته شيئًا، وهذه بالقطع، حالة اللاشيء.
بعد هذا، لا يصحّ – في رأيي – أن نتناول ما يقوله الصوفي أو الأكاديمي أو المهرّج، بأداتنا العقلية الشائعة، التي تصحّ لنا فقط، فنتّهم أيّاً منهم بالتخلف العقلي. وأعتقد أن أقصى ما يمكن اتهام أيّ أكاديمي عربي به هو أنه متخلّف شخصيًا واجتماعيًا؛ أي أنه يمثّل، أحيانًا، مجرّد الفرق العامودي بين الإنسان والنعجة. ومن أمثلة ذلك، الأكاديميون في مصر العروبة حين يشرحون حرب الخليج، أو ذلك الأكاديمي المعجزة الذي قال إن الهجوم على شاعر بعينه يشكّل هجومًا على الانتفاضة.
ولكن انفتاح البصيرة الأكاديمية العربية على نورانية اللاشيء بلغت أوجها في تلك الفظاعة الفكرية والأدبية التي ما زالت تتناول بها أدبنا عمومًا، و«أدب» إميل حبيبي على وجه الخصوص. إن الإسفاف هنا لم يعد صفة منسوبة إلى النصّ بمدى ما أصبح العنصر الأساسي في تكوينه، بحيث أنك إذا حذفت منه ما يعبّر عن هذا الإسفاف لم يبق أمامك ما يمكن تسميته نصّاً. أمّا إدمان التطاول على الحقائق التاريخية – أي الكذب المجرّد – والتطاول على الموضوعية والأمانة – أي الإنحياز غير الثقافي – وتجاوز مهمّة الباحث وتكاليفها العملية والفكرية – أي الغشّ – فقد أصبحت جزءًا من لاوعي البعض الأكاديمي، أو غير الأكاديمي أحيانًا، يمارسونها بدون أن يحسّوا بذاءة الموقف، فيكتبون ما يكتبون بإخلاص وغباء لا شكّ في أحدهما.
هذا بالطبع كلام فظ! إمّا أن يدلّ على فظاظة كاتبه وإمّا أن يدلّ على أن الأمور قد بلغت حدًا يستوجب الفظاظة كضرورة من ضرورات الصدق. تعالوا نرى!
الإبتهاج العفوي والمخلص بكلّ ما هو فلسطيني، أو ما يبدو فلسطينيًا، أوقع البعض ذات مرّة – ويهمّنا هنا البعض الأكاديمي – في ورطة الإنسياق العاطفي وراء بعض النماذج الأدبية التي وصلتهم – وليس بالصدفة – من ساحتنا. وبالأريحيّة منهجًا، جرى تناول هذه النماذج، وبالأريحيّة تمّ تكريس كاتبيها نخبة أدبية فلسطينية، وشاع خبر هذه الأريحية فانفتحت الأبواب أمام الانتهازية السياسية الفئوية على مصراعيها. ولعبت أحادية الصلة والتفرّد بالإعلام وجوازات السفر دورها «الأكاديمي» الحاسم، ليسفر ذلك عن تأسيس شركة للتسويق الأدبي على أساس الصلاحية السياسية والفئوية المحلية لأدبائنا. وكلّ هذا لا غبار عليه، عُرْفيًا. فنحن شعب لو استبدل الأريحية بالأكاديمية لخسر كلّ تراثه الحضاري. ولو اختفت الانتهازية من العقل السياسي والمشاريع الشخصية لانهار النظام العالمي القديم والجديد. ولو اكتشفنا الرداءة الفكرية – والأكاديمية منها بشكل خاص – التي يتميّز بها نتاجنا وواقعنا المعاصر لوقعنا في ورطة، لم نعرف بعدها كيف نفسّر ونعايش كلّ هذا السيل من الإنهزامات والإنكسارات والإعتداءات والأكاذيب والمطاردات والإمتهانات والإبتذالات وما شابه. بل – وهذا هو الأهم – كيف كنا سنتعايش ثقافيًا وسياسيًا مع أمريكا بدون ظاهرة الرئيس مبارك وكلوفيس مقصود وإميل حبيبي ودكاترة بير زيت والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، وأيضًا ما شابه. إذن لا غبار، على ما جرى ذات مرّة.
غلط من غلط، ذات المرّة تلك، وكتب أن إميل حبيبي ظاهرة أدبية «فلسطينية». وبالمنطق العُرفيّ أيضًا، ردّد ذلك من ردّد، ووُظّف لترويجه من وُظّف، وتهافت عليه من تهافت، وحصل لأدبنا ما حصل. وهذه كلّها أفعال يمكن ردّها بسهولة إلى أعراف التعايش مع الرداءة الفكرية والشخصية، وهيمنة الشائعة على وجداننا بكلّ محتوياته التاريخية والمعاصرة، وإلى أهمية الترويج في بناء قناعاتنا. ولكن لماذا أكْلُ الجيَف؟! لماذا الاستمرار في تصديق الأكذوبة بعد افتضاحها؟! أين هي الأريحية التي تجعل أكاديميًا عربيًا واحدًا يقول دعوني أرى إذا كان ما قيل صحيحًا! سأتناول هذا الكاتب خارج إطار الشائعة الأدبية والسياسية، وأحاول أن أعطيه ما له وآخذ منه ما ليس له. أين هو الأكاديمي الذي تستفزّ عقله هذه الغوغائية الأكاديمية الرخيصة وهذا الضجيج الأرعن حول بضاعة كلّ ما فيها يعلن عن تواضعها على المستوى الأدبي وعن عدائيّتها على المستوى الوطني، فيقول كفى؟!
من جهتي، أعطوا لأيّ روائيّ كلّ النياشين اللغوية المحتملة، من نيشان «الوصول إلى المستوى الكوني» إلى نيشان «تجاوز عصره»، فأنا أغار من بعض الشعراء فقط، ولا أغار من الروائيين أبدًا. ولكن إلى متى تواصلون ابتذال فهمنا وقناعتنا الوطنية، ولمصلحة من؟ نعم! لمصلحة من، تسمّون أدب إميل حبيبي أدبًا «فلسطينيًا»!! لتتحمّل الساحة الثقافية رداءتكم الأكاديمية، فهي معتادة على كلّ أنماط الرداءات، ولكن لا تتصوّروا أن نسمح لقصوركم عن تناول النص وفهمه، والتفريق بين ما هو فلسطيني وما هو إسرائيلي، أن يتحوّل إلى غباء وطني متوارَث تتحمّل تبعته أجيال شعبنا. لم يبق مقدّس واحد بالنسبة لنا على ساحة هذه الأمّة المنكوبة سوى مرجعية الهوية ومرجعية الفهم التاريخي لقضيتنا الوطنية أولاً، والقومية ثانيًا. ولن نحاول تعليمكم فلسفة السياق، أو ظلّ النص، أو زاوية الإيحاء في «أدب» إميل حبيبي، فهذه أمور لا يستطيع جهاز هضمكم الأكاديمي تناولها، ولكننا نحيلكم على ما هو أسهل من ذلك بكثير.
لو استطعت أن أحبّ إميل حبيبي كما أعجَب به، لسعيت إلى صداقته بكلّ وسيلة ممكنة، فأنا لا أعتقد أن على ساحتنا من التزم الصدق والوضوح والشجاعة في انحرافاته السياسية والأدبية كما فعل هو. لقد كان دائمًا واضحًا ومباشرًا ومخلصًا لانحرافاته إلى درجة اتهامه بالفظاظة. لم يحاول إميل حبيبي، مدى ما أعلم، منهجًا يقوم على أقلّ من الصراحة والوضوح والتعصّب الشديد لموقفه. ومنهج كهذا لا يترك أمام من يتناوله سياسيًا أو أدبيًا سوى خيار واحد من اثنين: الصدق أو السقوط!!
كلّ ما تسمّونه أدب إميل حبيبي – فقد أتّفق معكم على أنه لون من الأدب – كان إنتاجًا سياسيًا، هاجسه الوحيد هو التعرّض المنهجي المعادي للكفر الوطني القومي بمستوياته غير الإسرائيلية. كانت هذه وما زالت هي مهمّة حياته كسياسي، وكأديب أيضًا – إذا شئتم – لم يحاول إخفاءها ولم يفتقر مرّة واحدة إلى الصدق في مجالها. فقط، حمّلوا أنفسكم فوق طاقتها، وأعيدوا قراءته خارج إطار الإنسياق والإنصياع وانعدام الشخصية الفكرية، وسوف ترون ما فعلتم وتفعلون بالتزامكم الثقافي والقومي والفلسطيني. إذا كان لكم شيء كهذا.
في مرحلة ما، كتب إميل حبيبي أدبه، ظاهريًا من منطلق الأممية المختصة بمعاداة القومية العربية، دونًا عن كلّ القوميات، وفعليًا من منطلق الترويج لقناعاته الإسرائيلية. أيامها، أوقف أحد أبطال مسرحياته على المسرح يبول ويغني «بلادي.. بلادي». وذهبت الأممية وبقيت قناعاته الإسرائيلية على حالها. وهو اليوم يكتب عن القضية الفلسطينية، كما فعل دائمًا، من منظوره الإسرائيلي التقدّمي، الذي يشاركه فيه اليسار الصهيوني والراقصة متولّي وأنيس منصور. تراجعت عنه أمميّته، ولكنه لم يتراجع عن موقفه المعادي للقضية القومية ولا عن تصوّراته الإسرائيلية للحلّ الوطني. وهو قد يرى في هذا الموقف خلاصه الفلسطيني، أو خلاصه العربي، أو حتى خلاصه الشخصي. فهذا من حقّه. ونحن نختلف معه في رؤيته، في الوقت الذي نسجّل له ثباته عليها. ويزداد هذا الثبات قيمة، حينما نرى أولئك الذين ظلّ يجلد التزامهم وأشخاصهم على مدى ثلاثة وأربعين عامًا، وخصّص لهم حصّة «الأسد» في سراياه الأخيرة، وهم يروّجون له ويمدّون أعناقهم ليربّت عليها، ولن يفعل.
وأنا لا أتحدّث هنا عن كتابات إميل حبيبي الصحفية وتصريحاته السياسية فقط، وإنما أيضًا عن «أدبه» الذي ظلّ انعكاسًا أمينًا، لدرجة المباشرة، لموقفه السياسي. وإذا كان سيُحسب لإميل حبيبي فعل متميّز في المجال الفلسطيني، فهو كونه مؤسّس نظرية «الفلسطيني الإسرائيلي» تجنّبًا للمكروه القومي في مصطلح «العربي الإسرائيلي». ولكن ماذا نفعل مع البؤس الأكاديمي الذي يتحرّى هويّة النصّ في أسماء المواقع الجغرافيّة، وكأن الأدب الصهيوني أو حتى القيرغيزي لا يذكر اسم الناصرة وشفاعمرو وحيفا؟! ماذا نفعل بهذه الأكاديمية المعتوهة التي تتخذ من مشاكل رحلات صيد السمك الإخوانية على شاطئ حيفا، دليلاً على «حقيقة أن الكاتب مشغول في إبداعاته كلّها بالواقع الفلسطيني) ودون تبيان الترجمة الذاتية التي يقدّمها صاحب الإبداعات لذلك الواقع، وكأن الواقع، أكاديميًا، هو مجرّد تسمية شيئية مسطّحة تتحدّد ملامحها وتتلاشى كلّ إشكالاتها بمجرّد الإضافة إلى العلمية؛ كما نقول «الملك السعودي» أو «السمك البوري» مثلاً؟ وأخيرًا ماذا نفعل بأدوات الترويج القومي التطوعية التي تذكّرت من هي ومن هو إميل حبيبي في العدد الأول، ونسيت ذلك في العدد الثاني، فدوّى صوتها كطبل كشّافة «التهذيب والمواساة»، بإيقاع غير ملتزم جعل منا أضحوكة الساحة([8]).
ألا يستوجب هذا شيئًا من الفظاظة؟!
لقد وصل الفكر الأكاديمي العربي والفلسطيني أحيانًا في تناوله لواقعنا الثقافي والسياسي حدّ الفظاعة والهمجية. ومع أننا لسنا على درجة من السذاجة تجعلنا نتوهّم أن تيّار الرداءة هو تيّار أعزل، أو أنه يمكن أن يستثني الأداة الأكاديمية من توظيفاته المتشعّبة، إلا أن الرداءة التي يتميّز بها التيّار الأكاديمي الناطق بالعربية، ليست نابعة من رداءة المهمة الوظيفية بمدى ما هي نابعة من رداءة العيّنة الثقافية والاجتماعية. الأكاديمي، كما أتصوّره في أدنى مستوياته، هو متعلّم عاجز عن الإبداع والتفاعل مع التجربة الثقافية، ولكنني لا أتصوّره عاجزًا عن مجرّد رسم المواصفات الشكلية للبحث الأكاديمي، أو عن الإستعمال الآلي لأدواته الأكاديمية. ولكن يبدو أن الأكاديمي الناطق بالعربية – إذا لم تكن الساحة العربية والفلسطينية قد رمتنا بأردأ ما فيها – هو (بالحكم على ما نقرأ ونسمع أحيانًا) كائن متطفّل حتى على الذوق الأكاديمي، محيَّد تمامًا على مستوى الإبداع والمعاناة والحضور الذاتي، مغرق في السلبية الثقافية إلى درجة الإحتضار. وعلى هذا الأساس فإنه يتميّز بطواعية فريدة في الإستخدام، تمكّن مِنْ جَعله مهرّجًا إذا دعت الحاجة. وهذا ما حصل فعلاً لعدد لا يستهان به من حَمَلة حرف «الدال» العرب.
والحديث الآن هو عن آخر ما قرأنا في مجال الترويج الأكاديمي لفلسطينية ووطنية إميل حبيبي، وهو مقال في مجلة «كنعان» التي تصدر عن مركز إحياء التراث العربي، في الطيبة. والمقال عبارة عن ٤٤٨٠ لفظًا ما بين ذكر وأنثى وطفل وبالغ، يحيون مهرجانًا شعبيًا أو عرسًا عربيًا تقليديًا، مبنيًا على معمارية الاصطفاف وترديد ما يقوله الحاديان الأكاديميان د. عيسى أبو شمسية ود. محمود العطشان، من مفهوم أو غير مفهوم. ومع أن الثنائي الأكاديمي المسؤول عن هذا المقال يسميه «أزمة الشكل الفني في خرافية سرايا بنت الغول بين تداعيات الواقع ورمزية الرؤيا» (لاحظوا معمار الإصطفاف)، إلا أن المقال ينقلب من خلال «رمزية الرؤيا» إلى أزمة الثنائي مع التداعيات الرمز- سياسية لإميل حبيبي، التي توظّف الديانات «اليهودية» الثلاث في رؤية أممية جديدة، أثقل من أمريكا الشمالية وتضعها في «جنينة عبّاس». وفي رأيي غير المتواضع أن مصدر أزمة الشكل الفني واضح في عجز «معمارية الإصطفاف» بإمكانياتها المعاصرة عن استيعاب شكل اصطفافي موحّد لكوادر الأدباء والفلاسفة والناس العاديين الذي يحشدهم إميل حبيبي في «سراياه» على اختلاف أزيائهم وامتداداتهم العامودية والأفقية، وتَنوّع نِسَب الطول بين عقولهم ولحاهم، مما جعل قضية الانسجام العرضي والباطني مستحيلة. هذا من ناحية فقط. أمّا الناحية الثانية، فهي أن التأمّلات المفردة التي يمارسها إميل حبيبي بين حادثة سياسية أو إخوانية وأخرى، تحتاج لأكثر من مجرّد التجميع والعرض اللغوي الشيّق لتصبح رواية. أمّا أزمة الثنائي طيّب الذكر مع «سرايا» إميل حبيبي فتأتي عن الفرق الكبير بين السحر الأسطوري لهوية الكاتب في ذهنيهما، وبين تواضع النصّ واتّكائه التام على المهارة في استعارة الأساليب اللغوية والإبداعية للآخرين؛ أي بين موهبة الإعجاب بإميل حبيبي وبين احتمال كونه «يهزبر» بدون طائل. إن أكثر الأعمال الروائية تواضعًا تحتاج – عدا عن ثنائي أكاديمي ومجلة قومية تُسْلم في الليل وتكفر في النهار – إلى محاولة قَصِّية يتوفّر لها الحد الأدنى من الإنسجام الداخلي، وهو ما لم يتوفّر بتمامه لسرايا إميل حبيبي.
وبعد، لا أعرف كائنًا حيًا استفاد من آلية الإصطفاف، بمظاهرها اللغوية والفنية أو السلوكية، مثل إميل حبيبي. فأدبه أدب اصطفاف، والمدائح الأكاديمية التي تُكال له خرزات لغوية من طراز متكرّر، لا يجعلها سبحة سوى اصطفافها القسري في خيط واحد. ولكن أبلغ مظاهر الاصطفاف في هذه الحادثة العجيبة هو مظهر الاصطفاف البشري التلقائي في مهرجان الترويج له، والذي أصبح يضمّ ممثلين عن كلّ التيارات السياسية والأوساط الأكاديمية على الساحة العربية والفلسطينية.
واعتبِروا هذا المقال – كما قلت آنفًا – مقدّمة لبحث في «أدب» إميل حبيبي من المنظور الفني والقومي والوطني.
2023-09-17