ما وراء «يوم التحرير»: مغامرة ترامب الكبرى!
جابر جابر*
في الأسبوع الفائت، ومن حديقة البيت الأبيض، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما سيوصف بعدها بلحظات من المحللين السياسيين والاقتصاديين على أنه قنبلة نووية أُلقيت على الاقتصاد العالمي. لكن ترامب كان له رأي آخر، إذ افتتح كلامه بالقول: «هذا اليوم من أهم الأيّام في تاريخ الولايات المتحدة، إنه يوم إعلان استقلالنا الاقتصادي. أعزائي الأمريكيين، إنه يوم التحرير».
في الأيّام القليلة التالية على قرار ترامب رفع الرسوم الجمركية على دول العالم، اختفت من الاقتصاد العالمي تريليونات الدولارات. ففي أسواق وول ستريت وحدها، كانت الخسارة أكثر من ست تريليونات دولار. أمّا باقي الأسواق حول العالم فحظيت بنصيبها الوافر من الخسارات. فيما تباينت ردود الدول المختلفة ما بين دول اختارت الصمت وأخرى ردّت بفرض رسوم مضادة فيما أعلنت أخرى عزمها التفاوض مع الولايات المتحدة.
في هذا التقرير المترجم، رحلة داخل العقل الاقتصادي لإدارة ترامب، انطلاقًا من وثيقة حملت عنوان «دليل المستخدم لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي»، للمستشار الاقتصادي ستيفن ميران، والتي كان قد نشرها في تشرين الثاني الفائت. وهي ورقة عند النظر إليها يبدو أنها كانت دليلًا استرشد به ترامب وفريقه عند إطلاق مشروع الرسوم الجمركية.
في البداية، يعرض التقرير للمنطق الحسابي البسيط، أو ربما البسيط أكثر مما يجب، الذي اعتمده القرار. إذ نظرت الإدارة الأمريكية إلى الميزان التجاري بين الولايات المتحدة وكلّ دولة على حدى، وقسّمت العجز التجاري على واردات الولايات المتحدة من تلك البلد، ومن ثمّ قسّمت الناتج على اثنين (العجز التجاري ÷ الواردات ÷ 2). فمثلًا، قدّرت صادرات الأردن إلى الولايات المتحدة عام 2024 بـ 3.314 مليار دولار، ومقدار العجز في الميزان التجاري لصالح الأردن حوالي 1.237 مليار، أي أن الأردن يصدّر للولايات المتحدة أكثر مما يستورد، وهنا قسّم الأمريكيون العجز التجاري على الواردات من الأردن، ومن ثمّ قُسّم الرقم على اثنين لتكون المحصلة مقدار الرسوم الجمركية الجديدة، وفي حالة الأردن كانت 20%.
لكن كيف يحصل العجز التجاري بين الولايات المتحدة والكثير من دول العالم؟ وما علاقة هذا الأمر بكوْن الدولار هو العملة الاحتياطية العالمية، وهو ما يجلب للبلاد الكثير من المنافع الجيوسياسية؟ هنا يستعرض التقرير معنى أن تكون عملةٌ ما هي العملة الاحتياطية العالمية، وهو ما يتطلب أن تضمن البلاد صاحبة تلك العملة تدفقها نحو العالم بشكل مستمر، أي الحفاظ على عجز تجاري بينها وبين دول العالم. لكن كيف ينوي ترامب التعامل مع هذا التناقض، الحفاظ على الدولار عملة الاحتياطي العالمي ومنع أي دولة أخرى من استبداله، وفي الوقت عينه تقليل تدفقه إلى العالم عبر الاستيراد؟
يختتم التقرير بالعرض لهدف آخر يسعى ترامب لتحقيقه من وراء سياسته الحمائية، وهو إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، بعد عقود من تعطل مصانعها عن العمل، ربما باستثناء صناعاتها الحربية. لكن هل الأمر بهذه البساطة؟ هل بمجرّد تعطيل دخول الواردات إلى الولايات المتحدة يتم إعادة التصنيع إلى البلاد التي يقول التقرير إنه قد تمّ تجريف «ثقافة» العمل والتصنيع فيها؟
ترجمة بتصرّف لمقال نشر بالإنجليزية في مدونة (simplicius 76)
| حبر
2025-04-10