ثقافة الشهادة!
أم الحسن الرازحي*
عظيمةٌ جداً تلك الامة التي اتخذت الشهادة ُ ثقافة ً لها ، فلا أشرف من ذلك ولا أعز، ولا أقدس وأيُّ ثقافة ً أسمى وأرقى منها.
إن المتأملُ للقرآن الكريم يجد أن المولى عزَّ وجلَّ قد خصّ هذا الموضوع بالذكر العظيم آيات نيّرات باهرات فيها تتجلى عظمة الشهادة ويظهر لنا من خلالها تلك المنزلة العظيمة التي حظوا بها أولئك العظماء.
فالشهادة في سبيل الله فيما تمثله من قيمة معنوية مهمة، من تضحية وعطاء لا مثيل له ندرك أن هذه الثقافة تترك أثر كبير جداً جداً على المستوى المعنوي في نفوس الناس ، فنرى أسرة الشهيد وبعد أرتقى شهيدهم يتدافعون بكل عنفوان وشوق متخلصين من كل أغلال الخوف التي كانوا قد كُبِّلوا بها، يتحركون في الميدان بثبات منقطع النظير ليتصدون لأعدائهم من قوى الشر والطغيان والظلم بكل عزم ، أصبحوا لا يخافون من الموت؛ لأنهم يحظون بالبديل عنه ألا وهي الشهادة، فهم يعون جيداً قيمة شهادتهم وما تصنعه من أثر في واقع الأمة، يدركون ويعلمون هذه القيمة ومالها من فضل ومنزلة رفيعة عند الله لدرجة أنهم لا يتجهون نحو الموت، لا ينتقلون الى الفناء إنما إلى حيث النعيم الأبدي الذي أعده الله لهم، فيما يدل هذا التكريم العظيم على مكانتهم العظيمة وقداسة الطريق التي ساروا عليها (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ )(وَلَا تَقُولُوا لِـمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ) يعيشون حياةً حقيقية، في ضيافة الله يحضون برعايةٍ خاصة في الجنة يرزقون، يعيشون حالة ً من الإستقرار الوجداني والنفسي حالة الفرح والاستبشار.
ليس هذا فحسب إنما (…وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَـمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) يحبون لإخوانهم المجاهدين أن ينعمون بتلك الحياة الراقية التي لا هم فيها ولا عناء، جزاءً لهم على مابذلوه وقدموه في سبيل الله.
إذاً أليس جديراً بنا نحن المسلمون، نحن العرب أن نتثقف بهذه الثقافة العظمية، أن نبني جيلاً قوياً مجاهداً معطاء، جديرٌ بنا أن نكون فاهمين وواعين لهذا المقام العظيم وأن نسارع ونحث الخطى إلى كل ميدان يمكن لنا نيل الشهادة فيه.
كاتبات وإعلاميات المسيرة.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة تعبّر عن رأي صاحبها حصرا
2024-11-26