الإثارة: الحرب الإسرائيلية الإيرانية وأثرها على الاقتصاد العالمي!
بقلم: البروفيسور وليد الحيالي
مقدمة:
تحتدم التوترات في منطقة الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل، حيث لم تعد الاحتمالات النظرية للحرب ترفًا إعلاميًا أو تكهنًا استراتيجيًا، بل أصبحت سيناريوهات محتملة لها ارتدادات واسعة. فحربٌ مباشرة أو بالوكالة بين هذين الخصمين الإقليميين ستكون لها تداعيات اقتصادية تتجاوز حدود الجغرافيا، لتصيب الأسواق العالمية بالقلق والاضطراب. وبينما تراقب القوى الكبرى المشهد، يبقى الاقتصاد العالمي رهينة للقرارات العسكرية والتوترات الأمنية في أكثر مناطق العالم حساسية واستراتيجية.
أولًا: السياق الجيوسياسي
تمتد جذور الصراع الإيراني–الإسرائيلي إلى عوامل دينية واستراتيجية وأيديولوجية. فإسرائيل ترى في الطموح النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا، بينما تعتبر طهران الكيان الإسرائيلي امتدادًا للنفوذ الغربي وعدوًا للعالم الإسلامي. وفي السنوات الأخيرة، تطورت المواجهات من اغتيالات علمية وهجمات إلكترونية إلى ضربات مباشرة في سوريا والعراق ولبنان، وأخيرًا عبر جبهات مثل اليمن وغزة.
ثانيًا: التأثيرات المباشرة على الاقتصاد العالمي
1. أسواق النفط والطاقة
أي تصعيد عسكري بين إيران وإسرائيل، خاصة إذا شمل مضيق هرمز، سيؤدي إلى:
• ارتفاع فوري في أسعار النفط: حيث يُعد المضيق بوابة تصدير نحو 20% من النفط العالمي. إغلاقه أو تهديد الملاحة فيه سيشعل الأسعار.
• اضطرابات في إمدادات الغاز والنفط إلى أوروبا وآسيا: مما يؤدي إلى تضخم أسعار الطاقة عالميًا، وزيادة الضغط على الاقتصادات المستوردة للطاقة.
• تعطيل سلاسل التوريد: خاصة للدول التي تعتمد على النقل البحري عبر الخليج العربي.
2. أسواق المال والاستثمار
• هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة إلى الملاذات الآمنة كالدولار والذهب.
• انخفاض مؤشرات البورصات العالمية نتيجة زيادة المخاوف من التوسع العسكري وارتفاع التكاليف.
• ارتفاع أسعار التأمين على السفن والبضائع، لا سيما في الممرات البحرية الخطرة.
ثالثًا: التداعيات على الاقتصاد الإقليمي والعالمي
1. إيران
• قد تلجأ طهران إلى استخدام ورقة النفط كسلاح عبر تهديد التصدير، لكنها أيضًا ستعاني من العقوبات وتضرر بنيتها التحتية النفطية.
• انكماش اقتصادي محتمل بسبب استنزاف الموارد في الحرب وتوقف بعض الصناعات.
2. إسرائيل
• كلفة الحرب البشرية والمادية ستكون باهظة، رغم تفوقها العسكري.
• هجرة الاستثمارات الأجنبية نتيجة عدم الاستقرار، وتأثر قطاع التكنولوجيا والابتكار.
3. المنطقة العربية
• دول الخليج العربي ستجد نفسها في مرمى النيران اقتصاديًا وأمنيًا، رغم سعيها للحياد.
• أسواق الدول الهشة اقتصاديًا (مثل لبنان والعراق وسوريا) قد تنهار تحت ضغط التضخم ونقص المواد الحيوية.
4. الاقتصاد العالمي
• عودة التضخم إلى مستويات ما بعد الجائحة، مما يعرقل خطط التعافي الاقتصادي.
• تشديد السياسات النقدية في الولايات المتحدة وأوروبا، ما يرفع تكلفة الاقتراض ويبطئ النمو.
• إرباك التجارة الدولية، خاصة عبر آسيا والشرق الأوسط.
رابعًا: السيناريوهات المحتملة
1. حرب قصيرة ومحدودة: تؤدي إلى ارتفاع مؤقت في أسعار النفط، يعقبه تدخل دولي لاحتواء الأزمة.
2. حرب شاملة إقليمية: تشمل أطرافًا أخرى كحزب الله والحوثيين، وتتسبب في اضطراب طويل الأمد.
3. ردع متبادل وحرب باردة موسعة: تستمر عبر الوكلاء والهجمات غير المباشرة، وتبقي المنطقة في حالة قلق مزمن.
خامسًا: المواقف الدولية
• الولايات المتحدة تحاول الموازنة بين دعم إسرائيل واحتواء التوتر مع إيران.
• الصين والهند قلقتان على وارداتهما النفطية واستقرار سلاسل التوريد.
• أوروبا تواجه معضلة مزدوجة: الطاقة والأمن، وهي تبحث عن بدائل عاجلة للنفط الإيراني والخليجي.
خاتمة
في ظل تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي، فإن نشوب حرب بين إيران وإسرائيل لن يكون شأنًا محليًا أو صراعًا محدودًا. فالعالم اليوم مرتبط بخيوط دقيقة من الطاقة والاستثمار وسلاسل الإمداد، وأي اهتزاز في هذه الخيوط سينعكس فورًا على الجميع. لذلك، فإن تفادي الحرب ليس مجرد خيار إنساني، بل ضرورة اقتصادية لضمان استقرار النظام العالمي الذي يعيش على حافة الأزمات.
2025-06-20