تعريب: لينا الحسيني. تحدُث حاليًا سرقة كبرى بحجة حماية السّلامة العامة. لا تطال هذه السّرقة وظائف العاملين ومدّخراتهم وممتلكاتهم فقط، بل تتعداها لتهدّد معنى الحياة. تجاوزت حالات الانتحار في اليابان في أكتوبر وحده، العدَد الإجمالي للوفيّات بسبب فيروس كورونا في البلاد جرّاء فايروس كورونا. بالخط السّاخن في المملكة المتّحدة، المخصّص لتلقي شكاوى الناس، كشف أن 80% من المتّصلين عبّروا عن ميولٍ للانتحار. نصف الفئة العمرية الشبابيّة في الولايات المتحدة الأميركية يعانون من الاكتئاب، وعبر واحد من كل أربعة منهم عن رغبته بالانتحار. المستفيدون من هذا الواقع الإقطاعي الجديد هم مالكو المؤسّسات، والمستثمرون والرّؤساء التّنفيذيون والمنظّمات غير الحكومية والمؤسّسات الخاصّة. هؤلاء يعمدون إلى الانتقاص من حقوق العمال بحجّة الوباء. قروض كوفيد (80%) التي قدّمها صندوق النقد الدولي إلى البلدان النّامية كانت مشروطة بقيام الحكومات بتنفيذ برامج تقشّف تشمل تخفيض مخصّصات الرّعاية الصّحية وإلغاء وظائف القطاع العام. في الولايات المتحدة، ربحت 17 شركة 85 مليار دولار هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة، وسيحصد المساهمون المكافآت. في المقابل خسر العمال الأمريكيون 1.3 تريليون دولار. سوف تمس آثار هذه الحرب الطبقية كل مجالات الحياة لعقود، لذلك صرّح الخبراء أنّ التّباعد الاجتماعي يجب أن يستمر حتى بعد التّطعيمات الإلزامية. لقد أصبحت الأقنعة رمزًا للثّقة المتبادلة بين الأفراد. خيالُنا الذي دفعنا إلى العيش في مجتمعٍ معقّم وخالٍ من الموت، خلق عالمًا صار فيه المنزل سجنًا وبات فيه الأصدقاء والعائلة يشكلون خطرًا على الصّحة، ويُمنع فيه الأطفال من التّواجد بالقرب من المسنين مخافة التّسبّب بموتهم. تغييرات جذرية ستحدث قد تشمل الائتمان الاجتماعي، جوازات السّفر، تطوّر الذكاء الاصطناعي والروبوتات، تخصيص الموارد الطبيعية، زيادة الرقابة الجماعيّة، والدّعوة إلى الحجر الصّحي باستمرار بحجّة تغيّر المُناخ أو الإنفلونزا. لدينا فترة زمنيّة محدودة للاستفادة من المعاني التي تمنح قيمة للحياة: العائلة، المجتمع، التّراث الثّقافي، المجال الاجتماعي، المؤسّسات العامّة، المساحات المشتركة وحريّة الحركة. قد يتمّ حرماننا من هذه المعاني مستقبلاً. من مقالٍ بعنوان: حرب كوفيد الطبقيّة العظمى/ الصّورة من كوبا.
وصف جميل لواقعنا اليوم، ولكن ليس من الإنصاف أن نلقي اللوم على عاتق النظام العالمي، أو الرأسمالية، والسلطات وحدها، والمستفيدين هنا وهناك، وكأننا نحن روبوتات لا إرادة لنا، فيتحكم هؤلاء بأقدارنا. نحن جميعا، كل فرد منا، شاركنا ونشارك، كل بطريقة ما، في التقدم نحو الكارثة الماحقة المحدقة بالحياة الإنسانية على الأرض. الكارثة مقبلة، وقد دخلنا في أتونها، ونحن نودع الغسق.
تعليق واحد
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [سورة الروم: 41].
وصف جميل لواقعنا اليوم، ولكن ليس من الإنصاف أن نلقي اللوم على عاتق النظام العالمي، أو الرأسمالية، والسلطات وحدها، والمستفيدين هنا وهناك، وكأننا نحن روبوتات لا إرادة لنا، فيتحكم هؤلاء بأقدارنا. نحن جميعا، كل فرد منا، شاركنا ونشارك، كل بطريقة ما، في التقدم نحو الكارثة الماحقة المحدقة بالحياة الإنسانية على الأرض. الكارثة مقبلة، وقد دخلنا في أتونها، ونحن نودع الغسق.