زيارة تاريخية
لقد تجنبوا التوبيخ…
هاني عرفات
كلمة السر المتفق عليها خلال زيارة الرئيس الأميركي للدول الخليجية الثلاث، تتمثل في تجنب ذكر فلسطين من قريب أو بعيد، الإدارة ابتعدت كلياً عن ذكرهذا الموضوع ، لأسباب معروفة، لكن ما الذي يمنع الحكام العرب عن وضع الملف على الطاولة؟
هذا يوصلنا للنتيجة التالية ، أنه و مهما حاول حكام الخليج ، تضخيم دورهم وأهميتهم عند الادارة الاميركية، إلا أن ما يحرك الموقف الأميركي من حرب غزة ، هي ديناميكيات المصالح الأمريكية، وليس الحكام ولا أموالهم ، لا من قريب ولا من بعيد. الإنجاز الوحيد الذي تحقق هو أن الزيارة تمت على خير ولم يتم توبيخهم كما جرت العادة.
الاستقبال المهيب، والصفقات التجارية ، و السخاء في العطايا لم تقدم ولن تؤخر في إنقاذ غزة. كل ما تم تقديمه هو فداءً للعروش فقط، كما أن رفع العقوبات عن سوريا ،هي أيضاً تحصيل حاصل ، كونها فرضت على نظام سابق ذهب وارتحل، أما مصافحة طرامب للشرع ، والتي تم تصويرها على أنها إعجاز خارق ، فإن ثمنهما مدفوع من الكيس السوري. و سوف يجبى بصفقات مشابهة لصفقة المعادن الاوكرانية، و بجر سوريا من قرونها إلى الحظيرة الإبراهيمية، كما أن لإسرائيل حصتها المضمونة من سوريا.
المحطة الأخيرة للزيارة ،سوف تكون الأنكى و الأمر، فليس من المستبعد أن يقوم المضيف الإماراتي برفع سماعة الهاتف، والاتصال بالحليف نتنياهو، لتوفيق رأسي طرامب و نتنياهو بالحرام.
كان طرامب يطمح أن يقوم في زيارته هذه، بجلب السعودية سوريا و لبنان ، إلى الحظيرة الإبراهيمية، ليسجل لنفسه انجازاً آخر على (طريق إحلال السلام) في المنطقة ، لكن نتنياهو و حساباته الخاصة ، أفسدت على الرئيس الأميركي فرحته هذه المرة . الجميع يعلم أن السعودية لن تستطيع دخول عملية تطبيع، بينما يمعن نتنياهو في قتل وتجويع الفلسطينيين.
الكل يعلم سواء في إسرائيل و في اميركا ، أن وقف الحرب وإجراء صفقة تبادل ، لن يمنعا نتنياهو من شن حرب جديدة في المستقبل ، تحت أي مبرر كان، لكن نتنياهو لا يريد المغامرة بائتلافه الحكومي. و لن يتخلى عن الحكم حتى يبلغ السن ، الذي يعفيه من دخول السجن.
طرامب اليوم تخلى عن تدليل نتنياهو ، لا شك في ذلك ، لكنه لم ولن يتخلى عن إسرائيل ، لو أرادت اميركا اجبار نتنياهو على وقف الحرب فوراً ، لكان بإمكانها فعل ذلك. لكن الضغط الأميركي على إسرائيل له حدود لا يخرج عنها ، ويبدأ عادةً بالتلميح عن عدم الرضى ، و يصل في أقصاه إلى الشعور بالاستياء ، حتى حينما تحدث طرامب عن معاناة أهل غزة ، لم يكلف نفسه عناء ذكر من تسبب في هذه المعاناة ، و كأن غزة تقصف من كائنات فضائية في المريخ ، وليس بالذخيرة الأميركية.
صحيح أن الموقف الأميركي (نسبياً) اليوم، أكثر تقدماً مما كان عليه منذ بدء العدوان على غزة، ولو كان لدى الحكام العرب القليل من الجرأة ،لمواجهة الإدارة بمطالب محددة ، لربما استطعنا رؤية بعض الأمل في تخفيف المعاناة.
لكن ومع الأسف الشديد، هؤلاء الحكام مجرد موظفين لدى الإدارة، برتب ملكية و رئاسية، ولا يخرجون قيد أنملة عما هو موكل اليهم.
بدل ذلك ، ذهب الحكام لتوقيع الصفقات و أناخوا بمسؤولية كارثة غزة على عاتق ويتكوڤ، ليقدم الاقتراح تلو الاقتراح لنتنياهو ، بينما الأخير يرفض و يتمنع دلالاً.
نتنياهو الذي فشل على مدار سنة ونصف في تحقيق ( النصر المطلق) ، سوف يصعد من عدوانه على غزة ، فور مغادرة طرامب المنطقة، حتى لو أدى ذلك إلى قتل كل المحتجزين ، ومعهم آلاف الضحايا الفلسطينيين الأبرياء.
في هذه الاثناء ينشغل الزعماء ، بتوقيع اتفاقيات لشراء طائرات بمئات مليارات الدولارات ، والتي لا تستطيع التحليق ، إلا بإذن من مشغليها في البنتاغون ، مما يجعلها مجرد خردة جاثمة على الأرض، ثمنها يتعدى مئات الملايين من الدولارات.
2025-05-16