قيس الذنيبات. يا قلماً يملأ الكون ضجيجاً ، يا مرآة تعكس التفاصيل الدقيقة ، يا خندق الأصدقاء ، يا صبراً يريد العدالة ، يا رمح لا يطعن الخصم من الخلف ، يا كبرياء ” الفحيص ” ونكهتها الخاصة ….. لم يعرف القاتل أنك أكبر من فكرة تزرع أفكار ، ولم يعلم القاتل أنك السؤال الذي يضرب الحدود فيجعل الأجابة تشبه المستحيل …. ولم يخطر على بال المتعصبين وضيقي الأفق أنه لا يمكن أغتيال الأفكار ، فكيف نطلق الرصاص على ” الفكرة ” التي تحولت إلى لحم ودم . في كل لقاء كان عليّ أن أتحضر جيداً حتى أصمد امام بركان يحمل في داخله إنسان ، صلب في الحوار ، لا يغضب من الرأي الأخر وكم تزعجه المعاكسة في الرأي ، كنت أراه يمسك ثقل الزمن ، وكنت اخاف عليه أن يغادر قبل أن ينجز ما يجب أنجازه ، لم أكن أعلم أنه سيرحل بسرعة الرصاص ، فخيالي المتواضع لا يتوقع أن يجرؤ “إنسان ” مجرد إنسان حتى لو كان مجرماً بإنهاء حياة إنسان سلاحه ” قلم ” …… فحين كان قيصر روسيا وهو الذي يحمل أوزار امبراطورية مثقلة بالعبودية والجرائم وكان يشكل عقبة كبرى في وجه التحرر والأنعتاق وحين كان هذا القيصر هدفاً للأغتيال ورتبت محاولة للأغتيال فأن الإرهابي الذي كلف بمهمة الأغتيال توقف في اللحظة الأخيرة توقف ثم تراجع لسبب بسيط : كان في جانب القيصر في العربة طفل وكان معنى إلقاء القنبلة على العربة أن يقتل طفل ، الإرهابي عجز عن القيام بمهمته عندما التقت عيناه بعيني طفل ” والذي تقدم ليقتل ناهض حتر وحين التقت نظراته بنظرات ناهض حتر ألم يفزع ؟ ألم يتردد ؟ ألم يتسأل ؟ ألم يعرف أن” ناهض حتر” وهب حياته ليدافع عنه ؟ في أخر لقاء لي معه في بيته ، كنت أبحث عن أجابة واضحة استند عليها حول ” حماس ” قال : “حماس تخسر موقعها في هذا الأشتباك، والهوية الإسلامية تتقلص على يد الإسلام السياسي في رفض الأخر ونبذه وهذا يتعارض مع طبيعة الوحي المنفتح كلياً على الأخر فالإسلام ائتلافٌ و إيلافٌ أو هو المختلف المؤتلف”. في هذه الأجابة المختصرة اكتفيت ،لم يكن ناهض حتر مشاكس يبحث عن الشهرة المريضة كان يعرف جيداً أن للطيور اسرارٌ خارج أعشاشها ؟ مثقف أصيل ومفكراً له هوية لا تحتمل القسمة ” فالوطن ” لا يقبل الأنقسام….. كما يقول ” جنكيز آيتماتوف ” … ” هكذا غالباً ما يحدث لنا في الحياة ، أن الوقت يعوزنا لكي نتوقف ، ونمعن التفكير في أنفسنا وفي الناس الذين يحيطون بنا ونقدرهم حق قدرهم ” ليس من المنطق المراوغة بعد الموت ونقول كان ” ناهض حتر ” في موته أجمل فمن تقاطع معه في الحياة يدرك تماماً أن ناهض حتر كان في الحياة أجمل وفي استشهاده بطوله نادره لنتذكر دائماً حياته التي كان فيها ” حبيب الشمس “ 2019-09-27