زيارة ولي العهد السعودي للولايات المتحدة الامريكية.. هل ستطفئ النيران المشتعلة ام تشعلها اكثر؟
فارس العاني
الزيارة التي يقوم بها حاليا للولايات المتحدة الامريكية ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الذي يوصف بانه الحاكم الفعلي للملكة منذ لحضة تعيينه في هذا المنصب وانه صاحب القرار وذلك بتفويض وضوء اخضر من والده الملك سلمان ابن عبد العزيز فالزيارة الحالية يمكن وصفها بأنها ذات أهمية كبيرة لا تقل أهمية عن اول زيارة قام بها اجداده الملوك لامريكا في منتصف القرن الماضي والتي كانت تمثل اللبنة الاولى لعلاقات المملكة مع الولايات المتحدة .
لا احد يتجاهل ان العلاقات بين البلدين طيلة هذه السنوات واجهت حالة من المد والجزر بسبب سياسة الإدارات الامريكية المتعاقبة وكذلك سياسة الملوك الذين تعاقبوا على الحكم في المملكة لكنها لم تشهد قطيعة في العلاقات بينهما ودائما ما يتم إصلاح الخلافات من قبل الطرفين وتعود العلاقات بينهما على ما كانت عليه سابقاً من حيث التعاون والتنسيق بمختلف المجالات وهنا لا بد من التذكير ان أصعب فترة مرت بها السعودية في علاقتها مع امريكا تحديداً كانت في عهد المرحوم الملك فيصل بن عبد العزيز صاحب قرار (حضر تصدير النفط ) لامريكا والغرب ويقال انه بسبب قراره هذا دفع الملك حياته ثمناً لذلك عندما تم اغتياله من احد أفراد العائلة الملكية .
في ضوء الاوضاع الحالية التي تمر بها السعودية وعلاقاتها المتوترة منذ عدة سنوات مع ايران والحرب مع الجمهورية اليمنية والصراع الدموي في سوريا ، وجدت السعودية نفسها ان هناك خطر قادم اليها متمثلاً بالنفوذ الايراني المتزايد في البلدين المذكورين وفي المنطقة وقناعتها انه يهددها ويمثل خطراً على دول مجلس التعاون الخليجي الذي تقوده ، ويظهر ان الملك سلمان وهو في عمره المتقدم قرر ان يعطي ألقيادة لنجله الشاب محمد وهي خطوة غير مسبوقة في المملكة منذ تأسيسها من حيث تولي اول حفيد لمهام القيادة وتخويله القيام بتصحيح االقوانين والاعراف المتبعة في الداخل السعودي وكذلك اعطائه مهمة العلاقات مع الخارج ، اذاً الزيارة الرسمية الحالية للولايات المتحدة الامريكية والتي ستستمر لأسبوعين. !!! وكذلك الزيارة التي سبقتها لبريطانيا يريد ولي العهد السعودي من خلالها إيصال رسالة البلدين والعالم انه ( الآمرالناهي ) في صنع القرارات المتعلقة بسياسة المملكة على المستويين الداخلي والخارجي ، لكن العديد من المتابعين والمحللين يعتقدون ان ولي العهد سيواجه مصاعب فيما يتعلق بسياسته الداخلية اذا ما تسرع في إجراءاته تلبية او تماشياً لما هو مطلوب منه من بعض القوى الخارجية وعدم اخذه بنظر الاعتبار التقاليد والاعراف والقوانين التي اعتاد عليها المجتمع السعودي منذ تأسيس المملكة اي ربما سياسة الاستعجال وحرق المراحل قد ترتد عليه وتكون تداعياتها ليست في صالح المجتمع السعودي وهناك من يقول ان الادارة الامريكية الحالية هي من تدفع بولي العهد لاتخاذ إصلاحات في الداخل وكذلك في في التقارب مع اسرائيل والتطبيع معها وهناك من يقول انه سائر في هذا الطريق اذا ما ضمن دعماً أمريكياً على كافة المستويات وخصوصاً ما يتعلق بكبح جماح النفوذ الايراني المتزايد في المنطقة كونها من أولويات سياسته حتى قبل ان يصبح ملكاً .
في ضوء حالة التوتر القائمة حالياً بين السعودية وحلفائها العرب من جهة وإيران من جهة اخرى نتيجة تدخل الاخيرة في الأزمات الداخلية التي تشهدها العديد من الأقطار العربية ، لا بد من الإشارة هنا ان سياسة الصقور في ادارة جمهورية ايران الاسلامية وتبرير تدخلاتهم تلك وخصوصاً التصريحات التي يطلقها من حين لآخر بعض المسؤولين ورجال الدين حول أحقية تمدد نفوذ جمهورية ايران الاسلامية في هذا البلد العربي او ذاك بذريعة التصدي لإسرائيل وحلفائها بطبيعة الحال مثل هذه التصريحات ليس مرحب بها عربياً وخصوصاً من الانظمةالحاكمة وفي مقدمتهم بلدان الخليج العربي، بنفس الوقت لا يمكن تبرئة بعض المسؤولين والاعلاميين العرب من الذين يعزفون من حين لآخر على الوتر الطائفي والمذهب مستهدفين من خلاله النظام الحاكم في ايران ، كل هذا الشحن والتصريحات المضادة جعلت المنطقة تدخل في ازمات وصراعات غير مسبوقة وهناك اطراف دولية تسعى لابقاء هذه الحالة السوداوية الى أطول مدة خدمة لأهدافها ومصالحها ، فهل زيارة ولي العهد السعودي للولايات المتحدة الامريكية ستكون محصلتها تسخين مرجل الأزمات ام تبريده وماذا ستحصل عليه المملكة من الرئيس ترامب الذي يتعامل مع العالم من باب المنافع التجارية من اجل رفاه الشعب الامريكي وازدهار بلاده على حساب شعوب العالم ، اخيراً وليس آخراً الدلائل تشير بأن المنطقة مقبلة على احداث قد تكون اسوء مما هي عليها الان بسبب تشابك المصالح والصرا ع الدائر في المنطقة والتدخلات الدولية تحت ذرائع شتى، وما تواجهه الامة العربية اليوم من تشتت وفرقة وتناحر يعود بالدرجة الأساس الى غياب الشعور بالمسؤولية لدى العديد من الانظمة الحاكمة في بلدان عالمنا العربي نتيجة الخلافات بينهم وعدم أمتلاكهم صنع القرار المستقل بعيداً عن الاملاءات الخارجية، وعلينا ان لا ننسى ان هذا الخنوع والانصياع امتد الى شعوب امتنا التي أصبحت تتناحر وتتقاتل فيما بينها دينيناً وطائفيا وعرقياً وهي بمثابة الطامة الكبرى لامتنا .
2018-03-23
سفير سابق