أيلول الأسود!
سلام موسى جعفر.
“يشهد الله، أن شر إسرائيل لا وجود له”
الملك فيصل بن عبد العزيز
أكاد لا أصدق نفسي أن نصف قرن مرت بهذه السرعة على مجازر أيلول الأسود.
ففي النصف الثاني من شهر أيلول من العام 1970 بدأ تنفيذ الحلقة الأولى من مسلسل التآمر الإجرامي على الثورة الفلسطينية المسلحة، بهدف تصفيتها والحاق ضربة قوية بحركة التحرر الوطني العربية بعد أن كانت قد بدأت باستعادة زمام المبادرة عقب هزيمة حزيران.
السواد الذي أكتسبه شهر أيلول قبل نصف قرن، يعود الى غزارة دماء الفلسطينيين، من الفدائيين والمدنيين التي سُكِبَتْ خلال المجازر التي قامت بها القوات الأردنية على المخيمات الفلسطينية، مدعومة علناً من إسرائيل وامريكا والسعودية، وسراً من نظام البكر وصدام، حيث وقفت القوات العراقية المتواجدة أصلاً في الأردن موقفا سلبياً، ورفضت التدخل لإنقاذ الفلسطينيين. في حين عبرت القوات السورية بحجم لواء الحدود مع الأردن من أجل تقديم الدعم الثورة الفلسطينية، وقد طلب الأردن من إسرائيل قصف القوات السورية. كما أرسلت مصر جواً لواء من جيش التحرير الفلسطيني، وأنقذت القيادات الفلسطينية، بما فيهم ياسر عرفات شخصياً بتهريبهم الى مصر في عملية مخابراتية.
ترأس الرئيس السوداني جعفر النميري وفد القمة العربية الى العاصمة الأردنية عمان، من أجل تحقيق وقف سريع لإطلاق النار على الأرض، بعد أن خرق الملك السفاح قرارات وقف اطلاق النار التي تعهد بها. وما زالت حتى اليوم تتردد في أذني تصريحات جعفر النميري لمراسلي الصحف والاذاعات والوكالات، وهو يشبه المذبحة التي كان يتعرض لها المدنيين الفلسطينيين في تلك الساعات بمذبحة كربلاء.
دعونا اليوم نلقي الضوء على الدور السعودي في هذه المجازر. ربما ليس جميع القراء على اطلاع على الرسالة التي بعثها الملك فيصل ابن عبد العزيز، ملك السعودية، الى الرئيس الأمريكي جونسون في نهاية عام 1966، والتي حرض فيها على الحرب على مصر للتخلص من نظامها التقدمي. وحدثت الحرب فعلاً ولكن أهدافها الرئيسية لم تتحقق. ربما تحققت في أدمغة المهزومين فقط!
نفس الدور التحريضي قام به هذا الملك الخائن، ولكن هذه المرة للتحريض على ذبح الفلسطينيين. ففي كتاب “عقود من الخيبات” للكاتب حمدان حمدان ترد الوثيقة الصادرة عن مجلس الوزراء السعودي التي تحمل الرقم 421، وهي عبارة عن رسالة رسمية بعثها ملك المملكة السعودية في 3 كانون الثاني 1969 الى الملك الأردني حسين بن طلال. أترككم مع النص الحرفي للرسالة: