عدٌّ تصاعدي ثم تنازلي!
عمار يزلي
تتجه الأنظار خلال الساعات القادمة نحو مسقط، عاصمة سلطنة عُمان بشأن اللقاء المرتقب بين مبعوث الرئيس الأمريكي “ويتكوف” وممثل إيران، في هذا اللقاء الأول من نوعه بشأن إمكانية إجراء مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الطرفين بخصوص الملف النووي الإيراني.
لقاء يبدو أن سيجرى في غرفة تجمع الطرفين على طاولة واحدة رفقة الوفدين المرافقين لهما: هل يسمى هذا لقاء مباشرا؟ نعم، من منظور أمريكي، لا، بمنظور إيراني: فحسب الأعراف في مثل هذا الحالات، قد يجلس أطراف المفاوضات على الطاولة ذاتها، لكن من دون مصافحات، مما يعني أن حالة العداء أو عدم وجود ثقة، لا تزال قائمة.
أيًّا كانت الأحوال، فاللقاء قد يجرى، وقد نشهد انفراجا نسبيا لحالة التوتر التي بلغت حدا تصاعديا وقياسيا من التهديد والوعيد باللجوء إلى القوة ضد البرنامج النووي الإيراني من طرف الولايات المتحدة والكيان. غير أن هذه المفاوضات، قد تكون لجسّ النبض، ينجر عنها إمكانية استمرار المفاوضات بشكل مباشر من عدمه، مادام لم يرشح أي شيء عن مطالب الولايات المتحدة تجاه إيران، إلا ما جرى التصريح به إعلاميًّا مرارا وتكرارا: منع إيران من مساعي الحصول على سلاح نووي، وهي مزاعم تنفيها أصلا الجمهورية الإسلامية. غير أنه وتحت هذا العنوان، قد تندرج تحته مجموعة عناوين، منها مناقشة ملف الصواريخ ودعم إيران لمحور المقاومة ومن بينها فلسطين في غزة والضفة.
قد يتطرق الجانبان إلى كل هذه “المخاوف” والمطالب، التي لن تقبل إيران بمناقشتها في أغلب الظن، إلا ضمن مفاوضات تشمل تهديد الكيان إيران وترسانته النووية واحتلاله لفلسطين: بالنسبة لإيران، المفاوضات الحالية، تخص الملف النووي، وتريد أن تطمئن الجميع، وتدحض المزاعم الغربية الصهيونية بشأن تخصيب اليورانيوم إلى درجة 60%، مما يعني بحسبهم، اقترابها من 90%، الذي تسمح لها بالانتقال إلى برنامج تسلّح نووي. مخاوف الكيان والولايات المتحدة والغرب، باتت أكبر في ظل التصعيد الصهيوني ضد إيران منذ عام ونصف من العدوان والإبادة في غزة، لهذا غير مستبعد أن يتطرَّق الطرفان إلى هذا الملف، ضمن محاولة ترمب إقامة “سلام” دائم في الشرق الأوسط، عنوانه التطبيع.
غزة، التي بدأت الإدارة الأمريكية تشعر أن المهلة الممنوحة للحكومة الكيان اليمينية من طرف إدارة ترمب، لكي “تنهي وجود “حماس”، وتعيد المختطفين، وتحقّق النصر الكامل” لدولة الاحتلال، قد انتهت، باتت تدرك أنه يجب التوصل إلى اتفاق جديد مع الوسطاء ومع “حماس” ومع إيران، بشأن صفقة شاملة، لا نعرف معالمها إلى حد الآن، إنما قد تكون خليطا من مشروع ترمب التهجيري، والمشروع المصري العربي القاضي بإعادة إعمار غزة تحت سلطة محلية مؤقتة، لا تكون “حماس” فيها: بمعنى نزع السلطة من “حماس” لصالح سلطة محلية شعبية غير فصائلية، للتمكّن من توزيع المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار طبقا للخطة المصرية، قد يسمح للبعض بالخروج لأسباب إنسانية لحفظ ماء وجه ترمب بشأن “التهجير الطوعي”، وقد يقلّص طوعيا التواجد والمظاهر المسلّحة لفصائل المقاومة ومنها “حماس” والجهاد كعنوان أمريكي – صهيوني بأنه جرى نزع سلاح “حماس”: مزيج محتمل من كل هذا، مقابل أن يشرع في التفكير في مشروع الدولة الفلسطينية غير المعادي للكيان. وهذا ما تقوم به الولايات المتحدة تحت الطاولة وفوقها، طمعا في جر العرب إلى التطبيع من أجل شرق أوسط يندمج فيه الكيان في البيئة جغرافيا واقتصاديا وسياسيا وأمنيا.
ملفاتٌ كثيرة وأوراق أكثر، لكن الهدف واحد: “قد يتحقق منه شيء وتغيب عنه أشياء”.
2025-04-14