بإيجاز – غزة، خبر وتعليق!
الطاهر المعز
بعد عشرين شهر من العدوان والإبادة ( 575 يومًا )، وقَتْلِ أكثر من 52567 وجرح 118860 من الفلسطينيين، فضلا عن عدد المفقودين المُقَدَّر بأكثر منن 11 ألف، معظمهم تحت الأنقاض، ومَنْع إدخال المساعدات الإنسانية ( الغذاء والدّواء ) منذ الثاني من آذار/مارس 2025، بشكل كامل، أعلنت حكومة الكيان الصهيوني (الأسبوع الأول من أيار/مايو 2025 ) خططًا لتكثيف العدوان من أجل إعادة احتلال القطاع عسكريًّا وإجبار الفلسطينيين على مغادرة وطنهم من خلال القتل والتجويع، وعدم الإكتفاء بالحصار الساري منذ 2005، وبذلك فإن الهدف المعلن ليس إطلاق سراح الرهائن أو القضاء على منظمات المقاومة، وإنما “ضم غزة وعدم الإنسحاب منها حتى كجزء من صفقة رهائن”، وتتضمن الخطة أيضًا “السيطرة الكاملة على المساعدات الإنسانية… نريد أن يقاتل جنودنا ضد عدو متعب وجائع ومنهك، وليس ضد عدو تصل إليه المساعدات والإمدادات من الخارج ” وفق رئيس وزراء حكومة العدو ( عن رويترز 05 أيار/مايو 2025)، وأعلنت الأمم المتحدة إن هذا المشروع “لا يحترم المبادئ الإنسانية العالمية”…
شكّل الصّحافيون إحدى الفئات التي استهدفها الجيش الصهيوني بشكل منهجي، وسجّلت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أكثر من 343 اعتداءً على الإعلاميين أو أقاربهم أو مكاتبهم خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2025، قُتل خلالها 15 صحافيا سنة 2025 و 212 بين السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 و الثلاثين من نيسان/ابريل 2025، في محاولة لمنع الصحفيين الفلسطينيين من توثيق الجرائم الصهيونية وصعوبات الحياة اليومية للسكان المُحاصَرين الذين يتعرّضون للإبادة الجماعية…
نشرت منظمة العفو الدولية – وهي مُتحفِّظَة جدّا في العادة – تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان في العالم، يوم 29 نيسان/ابريل 2025، يدين الإبادة الجماعية التي ارتكبها الكيان الصهيوني، وكتبت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدّولية، في مقدّمة التقرير “إن العالم يشهد إبادة جماعية مباشرة على شاشاته، ونُدين بشدة تقاعس المجتمع الدولي… إن الدول وقفت عاجزة بينما قتلت إسرائيل آلاف الفلسطينيين، وذبحت عائلات بأكملها على مدى أجيال، ودمرت المنازل وسبل العيش والمستشفيات والمدارس… وأظهرت أبحاث منظمة العفو الدولية أن إسرائيل ارتكبت أفعالاً محظورة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، بهدف محدد هو تدمير السكان الفلسطينيين في غزة، وبالتالي ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ( بما في ذلك داخل المخيمات التي يلجأ لها النازحون)، وفرض ظروف معيشية متعمدة تهدف إلى التسبب في التدمير الجسدي لهؤلاء الأشخاص واستخدام المجاعة ومنع دخول الغذاء والدّواء لمدة خمسين يوم متتالية، كسلاح حرب…”
في لاهاي ( هولندا)، افتتحت محكمة العدل الدولية جلساتها بشأن الالتزامات الإنسانية التي تقع على عاتق الإحتلال تجاه الفلسطينيين، الذين يخضعون لحصار كامل للمساعدات الإنسانية وأعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ( الأمم المتحدة) يوم 23 نيسان/ابريل 2025، تشخيص (أو فحص) ما يقرب من 21 ألف طفل خلال الأسبوعين الأولين من شهر نيسان/نيسان 2025، يعانون من سوء التغذية الحاد و أعلن برنامج الغذاء العالمي يوم 25 نيسان/ابريل 2025، نفاذ احتياطياته الغذائية وإن الوضع وصل إلى نقطة الإنهيار، وتستمر جلسات المحكمة أسبوعًا… أعلنت فرانشيسكا ألبانيزي، كبيرة خبراء الأمم المتحدة في فلسطين، بمناسبة بدء جلسات محكمة لاهاي: ” ينبغي التحقيق مع رئيسة الاتحاد الأوروبي بتهمة التواطؤ في جرائم الحرب الإسرائيلية… أنا لست من الأشخاص الذين يقولون إن التاريخ سوف يحاسبهم، يجب أن يُحَاكَمُوا قبل ذلك والتحقيق في جرائم الحرب ومن يدعمها، وملاحقة مرتكبيها، في إطار المزيد من المساءلة الدولية لكي يُواجه كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي – بما في ذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين و رئيسة الشؤون الخارجية الجديدة في الاتحاد الأوروبي كايا كلاس التي تعهّدت “بالتّضامن مع إسرائيل”- اتهامات بالتواطؤ في جرائم حرب بسبب دعمهم لإسرائيل خلال هجومها الذي المستمر منذ أكثر من 18 شهرًا على غزة، ويتعيّن عليهم أن يفهموا أن الحصانة لا يمكن أن تعني الإفلات من العقاب… “، وسبق أن تلقت المحكمة الجنائية الدولية خلال شهر أيار/مايو 2024، شكوى ضد رئيسة المفوضية الأوروبية، أرسولا فون دير لاين، بتهمة التواطؤ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، لأن الكيان الصّهيوني تمكّن، بفضل الدّعم الأوروبي والأمريكي من ارتكاب جرائم الإبادة وعمليات الترحيل الجماعي لمن لم تقصفه الطائرات والقنابل والصواريخ ولمن تمكّن من البقاء على قيد الحياة، رغم قطع الغذاء والدّواء والماء والكهرباء والمساعدات…
وبالإضافة إلى المطالبة بمحاسبة زعماء الاتحاد الأوروبي، قالت فرانشيسكا ألبانيزي إنها تعمل على “إعداد تقرير يكشف تورط البنوك وصناديق التقاعد وشركات التكنولوجيا والجامعات في تدمير غزة، لأن جميع المتورطين في الاحتلال، بتقديم الدعم له، يساهمون ويشجعون على انتهاكات القانون الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان، ويرقى عدد منها إلى مستوى الجرائم… قد تكون هناك مسؤولية فردية وتبعة قانونية فردية لمن ساعد وشجع أو مكّن من ارتكاب هذه الجرائم”.
رغم إصْدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق زعماء صهاية، من بينهم رئيس الوزراء، فإن زعماء العديد من الدّول وزعماء الإتحاد الأوروبي يستمرون في في التّواطؤ وعدم تطبيق قرارات المحكمة الجنائية الدولية ويستمرون في تقديم الدعم غير المشروط للكيان الصهيوني، وسبق أن أصدرت محكمة العدل الدولية مُذكّرة بشأن التزامات الإحلال بالسماح للمساعدات الإنسانية – ووكالات الإغاثة – بالوصول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقَضت بأن “تصرفات إسرائيل في غزة قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية”…
أعلنت فرانشيسكا ألبانيزي إنها وعائلتها تعرضوا لتهديدات بالقتل منذ نشر تقريرها بعنوان ” تشريح الإبادة الجماعية ” ( آذار/مارس 2024) وصرّحت: ” أصبحت سلامتي أقل يقينًا منذ أن قدمت تقريري عن “تشريح إبادة جماعية”، وتلقيتُ مكالمات في منتصف الليل تتضمن تهديدات لي ولعائلتي وأطفالي وهذه الأساليب شبيهة بأساليب المافيا… أتيتُ من بيئةٍ علّمتني أن المافيا تقتل بالصمت، تقتل عندما لا يتفاعل الناس معها… لهذا السبب أنا متحمسة جدًا لما أفعله. سأستمر في الكلام حتى ينفذ الهواء من رئتي.”
2025-05-10