الملف المائي بين العراق وتركيا: هل انتزع الوفد العراقي حقوقه أم عاد بخفي حنين؟!
إنتصار الماهود
شهدت الأيام الماضية تحركاً دبلوماسياً لافتاً حين توجه وفد عراقي رفيع المستوى برئاسة رئيس مجلس النواب إلى أنقرة، في محاولة لانتزاع حقوق العراق المائية من الجانب التركي. وجاءت هذه الزيارة في ظل أزمة متفاقمة تعصف بنهري دجلة والفرات، وتُهدد الأمن الغذائي والمائي للعراقيين.
رغم إعلان الجانب التركي عن موافقته على إطلاق كميات محددة من المياه باتجاه العراق، إلا أن التساؤلات تظل قائمة: هل هذه الإطلاقات كافية؟ من الناحية الفنية والبيئية؟؟
تشير المعطيات إلى أن الكميات المفرج عنها لا تسد سوى جزء بسيط من حاجة العراق، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، وتقلص الخزين المائي، وتزايد الاعتماد على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة.
أما على صعيد المفاوض العراقي، فيمكن القول إنه كان ضعيفاً أو مترددا ولا اعرف لماذا، فقد حمل معه ملفات فنية وبيئية مدعومة بأرقام، لكن مع ذلك يبقى الموقف التركي متفوقاً بحكم سيطرتهم على منابع الأنهار، وارتباط الملف المائي بملفات سياسية واقتصادية أخرى، الأمر الذي يعقّد المفاوضات.
ليس غريبا بالطبع في هذا اللقاء هو الأسلوب المتعالي الذي ينتهجه الجانب التركي عند التفاوض مع العراق، حيث يصرّ المسؤولون الأتراك على التعامل مع مياه دجلة والفرات باعتبارها “موارد عابرة للحدود” تخضع للرؤية والمصلحة التركية، لا كحقوق تاريخية مكتسبة للعراق. هذا الخطاب المتعالي يعكس شعور تركيا بأنها الطرف الأقوى في المعادلة، مستفيدة من غياب موقف عربي موحّد، وضعف العراق الداخلي، وتراكم الأزمات السياسية التي تقلّص من هامش تحرّك بغداد في الملفات السيادية الحساسة وجهل المفاوض العراقي.
قانونيا ، يستند العراق إلى مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي تنظّم استخدام الأنهار المشتركة، وعلى رأسها “اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية” لعام 1997، والتي تنصّ على مبدأ “الاستخدام المنصف والمعقول” للمياه، وضرورة عدم التسبب بضرر جسيم للدول المتشاطئة. إلا أن تركيا لم تصادق على هذه الاتفاقية حتى يومنا هذا، مما يعقّد الموقف القانوني للعراق، ويجعل الأزمة رهينة المفاوضات الثنائية والمواقف السياسية المتذبذبة بعيداً عن إطار قانوني ملزم.
انعكاس هذا اللقاء على الشارع العراقي كان محدوداً، فالمواطن العراقي يُدرك أن أزمة المياه جزء من أزمة أعمق تتعلق بضعف الموقف الرسمي العراقي، والانقسامات السياسية، وغياب استراتيجية وطنية لإدارة الموارد وهذا تحد بذاته فالشارع العراقي يريد حلولاً واقعية لا بيانات إعلامية، وينتظر تحركات جدية تضع حداً لمعاناته اليومية مع نقص المياه، التي باتت تهدد الأمن القومي والاقتصادي للبلاد.
أما الموقف الدولي جاءت ردود الأفعال متباينة؛ فالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أعربا عن ترحيبهما بأي خطوات لتخفيف أزمة المياه في العراق والمنطقة، داعين لاتفاقات مستدامة وعادلة تضمن الحقوق المائية لجميع الأطراف. في المقابل، اكتفت واشنطن بموقف حذر، معتبرة أن ملف المياه جزء من التوازنات الإقليمية المعقدة التي تتداخل فيها السياسة والاقتصاد والبيئة، ما يعني أن الطريق لا يزال طويلاً لتحقيق أمن مائي حقيقي للعراق.
وفي الختام ومتابعة لهذا الملف ومهتمة به فإن المفاوضات لن تنجح اذا لم يستخدم العراق الورقة الاقتصادية ويلوح بمقاطعة التجارة التركية التي وجدت في العراق افضل الأسواق الخارجية لتجارتها فمن غير المعقول أن نكون سببا في ربح دولة تتركنا عطاشا ومصيرنا المائي مجهول
2025-07-05