القاضي وائل عبد اللطيف… صوت الحق في زمن التنازلات!
بقلم: البروفيسور وليد الحيالي*
في زمن تحوّلت فيه السيادة الوطنية إلى ورقة مساومة، وبيعت ثروات العراق ومقدراته على موائد الفاسدين، يطلّ علينا القاضي وائل عبد اللطيف بشجاعة نادرة ليمارس واجبه الوطني والدستوري في كشف المستور والدفاع عن حقوق العراق التاريخية والقانونية، غير آبه بالتهديدات التي تذكرنا بما جرى للراحل أحمد الجلبي حين فضح منظومة الفساد فأُسكت جسده وبقيت كلماته شاهدة على خيانة الصامتين.
لقد حمل القاضي وائل عبد اللطيف ملفاً ثقيلاً من الوثائق القانونية والتاريخية التي تثبت للعالم أجمع أن ما تعرض له العراق من بتر لأراضيه ونهب لثرواته، ليس قدراً محتوماً ولا نتيجة حرب عابرة، بل هو ثمرة تواطؤ عوائل متنفذة ارتضت الارتهان للكويت وغيرها، مقابل مصالح شخصية وولاءات مشبوهة.
إن صرخته اليوم، وهو يضع أمام المحكمة الاتحادية الحقائق الدامغة بشأن القرار 687 والحدود البرية والبحرية للعراق، ليست سوى استمرار لتاريخ طويل من النضال القانوني والسياسي ضد الظلم والتفريط. وقوله الواضح: “الساكت هو العميل”، يختصر معاناة شعب بأكمله يراقب كيف يُسلّم خور عبد الله وأم قصر وثلاثة حقول نفطية عملاقة على طبق من ذهب، بينما أبناء البصرة والناصرية يقاسون الفقر والبطالة والتلوث.
إن موقف القاضي عبد اللطيف، حتى لو رفضه المنتفعون اليوم، سيبقى نقطة مضيئة في مسار الدفاع عن السيادة العراقية. وهو موقف يستحق منا جميعاً، أكاديميين ومثقفين وقوى سياسية، أن نعلن دعمنا الصريح له، ووقوفنا إلى جانبه، حماية له ولصوته، كي لا يتكرر سيناريو إسكات الأصوات الحرة كما حصل مع كثيرين قبله.
وأخيراً، أقول: إن السيادة لا تُستجدى، والحقوق لا تُمنح، وإنما تُنتزع بالوعي والجرأة والصمود. وما يفعله القاضي عبد اللطيف، رغم التهديدات، هو درس لكل من ارتضى الصمت، بأن هناك دائماً رجال دولة يذكّروننا أن العراق أكبر من حفنة لصوص.
تحية تقدير للقاضي وائل عبد اللطيف، وتحية لكل من يرفع صوته دفاعاً عن تراب العراق وثرواته.
أكاديمي وكاتب
2025-07-06