رحلتي مع الخياط السماوي …!
الدكتور سعد محمود المسعودي*
وانا أشد العزم برحلة بعيدة المدى . مع تاريخ قد ارهقته اليالي والايام من الظلم والمعاناة . دفنت خلالها حروف لو كتبت بماء الذهب لما ادينا حقها ..
في مقطوعة تشرح حجم الألم والاسى الذي عاشه شاعر الغربة في بلاده . الفقيد العظيم . محسن الخياط السماوي . والتي ترجمت الى قواعد وقوام حجم الالم . كيف لا وهو القائل . ( انا المامش وراها جنازتي صياح ) الدليل الشافي والوافي الذي عجز عنه الناس وبقيت العقول مترادمة لشدة مصابه . انحنى لذلك كبار شعراء العراق خجلا وحياء من هذا الطود الاشم. محسن الخياط لم يكن اسما منسيا في ذاكرة العراق . ولك يكن شخصا نمر على تاريخه مرور الكرام . بل كان عنوانا ولوعة وحزن سرمديا . لا يمكن ان يزول من ذاكرة الزمان . الشاهر الخياط جسد حجم معاناته بحروفه . التي خرجت الى العلن مزاحمة حجم الترف الذي عاشه اقرانه. الخياط لم يكن شخصا لنفسه . بل كان قصة وغصة قد طبعت ملامحها على أعتاب الدهر المقيت . ليت شعري كم احتاج من الوقت لأسرد حياة العظماء . الذين جارت عليهم الناس والايام . وبعد فقدهم نشعر بأن هذا الفراغ من غير الممكن ان يمليه احد مهما علا شأنه . شاعر العراق وجواهري عصره . ولد في العراق محافظة المثنى ( السماوة) في عام ١٩٤٤ . ومن رواد الفترة الستينة. من أعظم اعماله أوبريت( المكينة). محسن الخياط….شاعر المستحيل
ذلك الشاعر الذي ضرب خراطيم المفردة الجزلة حتى قالت لا شاعر إلا أنت كما وصفه اخي منصور .. محسن الخياط ليس شاعراً فحسب وإنما كتلة عظيمة من الوعي والثقافة والادراك والاصالة والنبل والمبدأ الحقيقي والرفض الأحق… محسن الخياط( شاعر المرحلة الصعبة في زمن كل مراحله صعبة)محسن الخياط تلك النخلة العراقية العصية التي ترفض حتى الماء اذا لم يكن من دجلة والفرات.. قضى عمره يُغرد من قفص المنفى وفي روحه حرية الطيور المهاجرة… عندما يتوغل القارئ الحاذق في قصائده وما خلفها يجدها تضج بالرفض الصاخب للظلم الاستبداد ومبللة بدموع الحيارى وحسرات المحرومين.. ولا يكل من الرفض المستمر حتى قال (مثل الخيط كلما ينگطع يطلعله راس اجديد) وهو منهك إلى درجة (انه عطش كربله وصوابي خط كوفي) وبين هذا وذاك كان عصياً إلى حد ال (يريد يضوگني الزنجار حسباله الذهب زيفه) كيف لا وهو من أسس بمغزله الذهبي المبدأ الراسخ (انا بهيمه وگلت مابيع ممشاي) وهذا آتٍ من اصالته المتجذرة (انا الكلما تحصده يردله سباح). كان مدركاً للمستقبل في زمن الطاغوت وشحة الناطقون حيث قال (چذب لليل ادنگ والصبح جاي) وواعياً جداً (مهي الشالت عنگها بچيحة الماي اذا ينشف تلمه وتزحف زحوف) إنه شاعر المستحيل. وبين المستحيلان من عشراته (نمت وگفه شگف عن لچم الإصفاح )( ارگص وياي من الحزن نص وگفه اوگف وازحف) أدرك مستحيل التثمين وهذا ديدن العظماء كما قال جبران خليل جبران (العظماء يولدون قبل زمانهم) ونعى عظمته (ذهب من زيج حلوة وبالدرب طاح) وبين كل هذه المنعطفات الوعرة يفترض أن يقل الوفاء بديهياً لكن كل ما يحتويه الخياط يأبى ذلك وبقي حتى رمقه الأخير على صدق الحُب العتيد (لهسه وما عشگت عليك وانت الطوگ والمحبس) … وعندما ادرك بحالتهة وحس بوحدته قال ( انة المامش وراهة جنازتي صياح) توفي وقد ترك في قلوب محبيه لوعة الفقد والألم والحسرات على التقصير بحقه … إليك سيدي كتبت بعضا ممن فيك كثير واعتذر اعتذر اعتذر كثيرا لتطفلي والخوض بغمار حياتك العظيمة ايها التاريخ المخلد ….
عذراً لتطفلي أمام الملهم الخياط ..
العراق
2025-11-27