الأرض والفلاح في سوريا ( الحلقة – 1)!
علي رهيف الربيعي
والحديث عن الزراعة يشمل بالدرجة الأولى مسألة العلاقات الزراعية بما في ذلك مشكلة الأرض ، والعلاقات الاجتماعية الناجمة عن شكل الاستثمار فيها . لذا فإننا سنبدأ هذا المقال بالحديث عن تطور العلاقات الزراعية في سوريا منذ مطلع هذا القرن، كخلفية تاريخية لشكل العلاقات والاوضاع الاجتماعية في الريف السوري.
يميز، من حيث الملكية، بين نوعين أساسيين من الأراضي، منذ عهد الفتوحات العربية ، النوع الأول ويدعى الأراضي الاميرية، وهي الأراضي المفتوحة ( اراضي الفتوحات) التي كانت تعتبر بمعظمها ملكا جماعيا لجميع المسلمين ممثلين بالسلطة الحاكمة ( الخليفة : أمير المؤمنين). ولهذا دعيت بالاراضي الاميرية.
أما النوع الثاني فهو الأراضي الملك، وهي تقتصر على العقارات المبنية في المدن ، وفي بعض القرى التي كانت مركزا للأسواق التجارية.
ولم تكن السلطة الحاكمة تستثمر الأراضي الاميرية بصورة مباشرة، بل كانت تعهد باستثمارها إلى واضعي اليد الفعليين وتمنحهم حق التصرف بها ، مقابل ريع ( اتاوة) يدفع لبيت المال . وهكذا نشأ التمييز بين نوعين من الحق فيما يتعلق بالأرض، حق ملكية الرقبة، وهو لجميع المسلمين ممثلين بالسلطة الحاكمة، وحق التصرف، اي حق الانتفاع لواضع اليد.
وبقي التمييز قائما بين ملكية الرقبة ، وحق التصرف لقرون عديدة ، إلا أنه مع الزمن ، وتعاقب العهود المختلفة، بدأت تزداد رقعة المساحات المملوكة من قبل الأفراد على حساب الأراضي الاميرية . وبدأ ذلك عندما اطلق بعض الحكام ، في العهد الأموي ، الحرية لمن أراد من العرب المسلمين ان يقتني ما شاء من الأراضي خارج الجزيرة العربية ، بعد أن كان ذلك ممنوعا على زمن الخلفاء الراشدين. واستمر ذلك في العهد العباسي . وفي زمن حكم الملوك السلجوقيين عمد هؤلاء إلى منح الأراضي إلى الجنود بدلا من رواتبهم التي كانت تدفع إليهم نقدا، ولما أتى الغزاة الصليبيون، اصدروا القوانين التي منعوا بموجبها سكان البلاد من امتلاك الأراضي ، في جميع البلاد التي احتلوها، وقصروا امتلاك الأراضي على الأجانب.
يتبع…
(1) المصدر : منير الحمش، تطور الاقتصاد السوري الحديث.
2025 /11 /06