سفير الشيطان!
هاني عرفات
استوقفتني مقابلة أجراها الإعلامي بيرس مورغان مؤخراً على ما يبدو ، مع سفير أميركا لدى إسرائيل مايك هاكبي، ما لفت انتباهي و راعني في آن ، هو حجم الأكاذيب والتضليل الذي ساقه هاكبي ، والإنكار الدائم للجرائم الإسرائيلية المستمرة منذ عامين تقريباً ، و استسلام مورغان الكامل لهذه الأكاذيب من ناحية أخرى.
هاكبي عاد ليكرر من جديد ، الادعاءات التي ساقتها إسرائيل بعد السابع من أكتوبر، حول حالات اغتصاب أمام الأطفال، وقطع رؤوس الأطفال و وضعهم في أفران ، أكاذيب انتهى تاريخ صلاحيتها بعد أن اعترف مؤلفوها أنفسهم، بعدم صحتها لاحقاً.
و لكي يظهر إسرائيل بمظهر ( الدولة الديمقراطية) على مقاس نادي الدول الغربية، قال هاكبي : إن هجوم السابع من أكتوبر ، الذي أوقع الف و مائتين من القتلى ، يعادل ما مجموعه أربعين ألفاً تناسبيا لعدد سكان أميركا، وأضاف أن إسرائيل لديها القوة الكافية لتقتل أكثر بكثير مما فعلت حتى ألآن ، لكنها لا تريد ذلك، وأن هذا لو حصل في أميركا، لكان رد الاميركيين أعنف بكثير ..
وشكك هاكبي في أرقام وزارة الصحة في غزة ، حول أعداد ضحايا العدوان ، وقال بأن هذه ارقام حماس وأنها غير دقيقة، متجاهلاً ملاحظة مورغان الخجولة ، بأن أرقام وزارة الصحة في غزة، مدعمة بأسماء الضحايا وليست مجرد أرقام.
كما حمل هاكبي حماس، مسؤولية تجويع المحتجزين الاسرائيليين، الذين في حوزتها ذارفاً دموع الحسرة والأسى عليهم.
من ناحيته ظهر مورغان ، والذي من المفترض أنه أصبح خبيراً في هذا الشأن، بمظهر الصحفي الهاوي وكما وصفه هاكبي نفسه بأنه طالب في الصف الثاني الابتدائي.
لم يواجه مورغان هاكبي ، بحقيقة عدم وجود أدلة على حرق واغتصاب وقطع رؤوس، بينما هناك أدلة دامغة ، على الجرائم الاسرائيلية، وهي موثقة و بعضها مصور ، لقتل أطفال أبرياء مثل الطفلة هند رجب ، وقتل صحفيّين وأطباء بشكل متعمد، وإعدام أعضاء المطبخ العالمي ، و طواقم الدفاع المدني ..الخ
ولم يكلف نفسه عناء السؤال عنّ الأسرى الفلسطينيين الذين تم اغتصابهم من قبل جنود الجيش، الذي يدعي هاكبي أنه أكثر أخلاقية ، من أي جيش آخر في العالم ، بما فيه جيش بلاده.
أما بالنسبة للادعاء، بأن إسرائيل لو ارادت أن تقتل المزيد من الفلسطينيين، فإنه كان يمكنها ذلك ، لكنّها أبت، فهو إفراط في تزييف الحقائق، و حسب منطق المقارنة ذاته الذي استعمله هاكبي ، فإن مجموع من قتلتهم إسرائيل في غزة لوحدها حتى الآن ، يوازي عشرين مليون شخص في أميركا ، ناهيك عن ما يقارب الخمسين مليوناً من الجرحى. وكما يقول خبراء في حروب الإبادة، أن إسرائيل تجاوزت مرحلة حرب التطهير العرقي إلى مرحلة حرب الإبادة مكتملة المواصفات. أي محاولة للتغطية على هذه الجرائم، هي في الواقع يمثل شراكة في الجريمة ، تماماً مثل هذا السفير، الذي لا يمثل غالبية الاميركيين ، بل يمثل الشيطان بعينه.
2025-08-15