نووي ايران يدخل المرحلة الحرجة … 4!
نظرية الردع
ابو زيزوم
من حكايات البدو ان رجلين شاهدا فارساً مدججاً بالسلاح فقال احدهما : ما هذا التواق للشر ! واعترض الثاني قائلاً : بل هذا محب للسلامة . الاول فسّر كثرة الاسلحة بحوزة الفارس رغبة منه في العدوان على من يصادفه ، بينما رآها الثاني لتخويف الآخرين من التعرض له. ونحن نرى الدول أحياناً تبرز قدراتها العسكرية وتسلط الضوء على حجمها ومداها وأحياناً تخفي بعض الاسلحة وتتكتم عليها. الاسلحة غير المعلنة لها هدف واحد هو الاستعمال في المعركة ، اما التي تظهر في المناورات وأمام الكاميرات فلها استعمال ثانٍ هو ردع العدو عن التعرض.
الاسلحة النووية عموماً تصنف ضمن اسلحة الردع . فهي ليست للاستعمال في الحروب ولقد انهزمت الدول النووية مراراً ولم تستخدم سلاحها النووي. وهنا تكمن نقطة ضعف هذا السلاح ، فجميع الجهات التي حاربت امريكا او روسيا طوال السبعين سنة الاخيرة انما دخلت الحرب وهي مطمئنة بأن القنابل الذرية لن تستخدم ضدها. اذن لا قيمة لهذا السلاح في الحروب التقليدية.
في الازمة القائمة حالياً في منطقة الخليج يعرف المراقبون حدود قدرات كل طرف عسكرياً، وعليه يمكن إعطاء النتائج مسبقاً بعملية حسابية بسيطة، لكن أبعاد الازمة وكل ازمة لا تقتصر على الجانب العسكري فهناك اعتبارات سياسية واقتصادية وجيوسياسية تدخل في الحسبان. ما قيمة التهديد بسلاح معين اذا لم يقتنع العدو بأن هذا التهديد سينفذ فعلاً !. تلك هي نقطة ضعف الردع الرئيسية. قد يهدد طرف من الأطراف بعمل معين وهو جاد في تهديده لكن الطرف المقابل لا يقتنع بأنه جاد فلا يكون للتهديد اي مفعول. وفي هذه الحالة يكون الاسلوب الوحيد لإقناع الخصم بالجدية هو تنفيذ التهديد عملياً … على قول الشاعر عمر الشبلي ? كان لا بد من الموت لكي نثبت أنّا أبرياء).
في حرب حزيران لم يكن قادة مصر مقتنعين بأن اسرائيل ستهاجمهم رغم كل استعداداتها العسكرية التي سبقت الحرب، لذلك فوجئوا وهم ينظرون. وفي حرب تشرين لم تكن اسرائيل مقتنعة بأن العرب سيهاجمونها رغم انهم يتكلمون عن التحرير ليل نهار ففوجئت.
نسمع الكثير من التهديدات على ألسنة الطرفين المتصارعين في الخليج ونعلم ان بعضها لغرض الردع والضغط السياسي للحصول على تنازلات في المفاوضات . فهل نقول ان جميع التهديدات اعلامية فقط ؟ لا بالتأكيد ، فالامور اذا لم تجد حلاً سياسياً سيصار الى عمل عسكري لا نستطيع التكهن بنوعه وحجمه. الا اننا سنقوم بتمحيص جميع الخيارات المتداولة في الاعلام للخروج بخلاصة. ونسير في ذلك عكس المنطق، فالمنطق يقول ان اول خيار علينا بحثه هو خيار التفاهم بين الاطراف ماداموا يتفاوضون ويؤكدون ان الدبلوماسية خيارهم الاول. والسبب اننا لا نريد الوصول الى نتيجة المفاوضات من باب الكهانة وانما بالاسلوب العلمي. نريد الوصول الى الحل السلمي عن طريق استبعاد الحلول الاخرى إن كان استبعادها ضرورياً للطرفين كليهما ، اما كونها نافعة او ضارة لطرف واحد فمعناه ان التوافق السياسي بعيد المنال.
اذن واعتباراً من المنشور القادم سنبدأ بمناقشة الخيارات المختلفة وصولاً الى خيار التفاهم وهل هو خيار ام ضرورة.
____ يتبع
( ابو زيزوم _ 1159 )
2021-12-24