نقاش في القوى التي نمتلكها…!
ابو علاء منصور.
زارني صديق بالأمس، ودخلنا في نقاش حول القوى الخفية التي يمتلكها الإنسان، فقال:
– انا لدي قدرة على التواصل مع الآخرين عن بعد، وقد اختبرت ذلك مراراً مع أصدقاء. المهم ان تنجح في تهيأة الآخر للاستقبال، وتخلق لديه القناعة الكافية بأنك ستناديه ويسمعك، وهناك إيحاءات عليك توظيفها. انا اؤمن ان من يريد شيئاً سيناله بالضرورة، والإرادة تختلف كثيراً عن الرغبة، الرغبة تبقى في نطاق الأمنية، اما الإرادة فتجري ترجمتها الى فعل.
أضاف:
– ويا لعظمة العقل الباطن! يعمل عبداً عند صاحبه. ما ان يتلقى امراً حتى يلتزم بتنفيذه بانضباط تام.
ولأنني مهتم بالشخصية والطاقة قلت:
– نعم هذا صحيح، وطالما ان المرء يستطيع ان يأمر نفسه، فلا بد انه قادر على فعل ذلك مع غيره. فانا على سبيل المثال، حين يكون لدي موعد وأملك القناعة الكافية تجاهه، تجدني كمن زرعت ساعة في قلبه، ما ان تحين اللحظة حتى انهض. هذا ينطبق على الناس كافة حين يقررون. كل ما هو في الوجود طاقة، وتُحركه او تقعده طاقة. الحب طاقة والكره طاقة معاكسة، ونحن من يقرر.
تحدثنا مطولاً عن الطاقة، وان هناك طاقة هدامة، مؤذية ومدمرة لصاحبها وللآخرين، وأخرى بناءة تبعث التفاؤل والعزم والقوة، والأمر على درجات. فأنت حين تتحدث او تبتسم تبث طاقة.
وأنا استمع لصديقي مرّ بخاطري ما قرأته في كتاب (ايقظ قواك الخفية) للعالم الأمريكي الشهير أنتوني روبنز. وتذكرتُ تجربة شخصية مررت بها وأنا طالب في الجامعة. يومها كنت في السنة الجامعية الثانية، محبط اجتماعياً ومالياً ودراسياً، واسكن قسماً داخلياً تابعاً لجامعة بغداد. ولما كان الوقت وقت امتحانات، طلبت من الحارس الليلي ان يوقظني قبل ان يغادر عند الفجر لأدرس . تحمس الرجل وراح يوقظني ليلياً. اما انا فأعود للنوم ثانية وكأن شيئاً لم يكن. لم انهض ولم احاول ذلك ولو لمرة واحدة. ولما ضايقني التزام الحارس بايقاظي بصورة ليلية، بدأت استيقظ تلقائياً في الموعد المحدد، وقبل ان يطرق الحارس باب غرفتي ارد: انا صاحي. نعم انا صاحي. لكنني لا اريد. فما ان اسمع انه غادر واقفل باب القسم خلفه حتى اعود للنوم. يبدو انني كنت راغباً دون ان أكون جاداً، وبث فيّ الإحباط طاقة سلبية، جعلتني اعود للنوم بدل ان استيقظ. يومها حدثتُ صديق بما يجري معي ففرطت من الضحك حين قال:
– حدث معي الشيء ذاته، ولما مللتُ قلتُ للحارس: ولو يا رجل!! الم تنس ولو مرة واحدة؟ الم تخنك الذاكرة فتسهو؟ نعم طلبت منك، لكني لم اطلب الانضباط على هذا النحور. اتركني بحالي.
مع تحيات ابو علاء منصور
2020-05-25