من تراثنا العربي علي رهيف الربيعي هارون الرشيد تولى هارون الرشيد بعد موت أخيه الهادي عام ١٧٠ هج . ” كان أبيض طويلا جميلا مليحا فصيحا له نظر في العلم والأدب ! ” وما يهمنا شدة تدينه ” كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات ، لا يتركها إلا لعلة ، ويتصدق من صلب ماله كل يوم بألف درهم ! ” (1) ، وكان يحب العلم وأهله ويعظم حرمات الإسلام ويبغض المراء في الدين ! ، ومع ذلك فأخبار الرشيد يطول شرحها . له أخبار في اللهو واللذات المحظورة ، والغناء ، سامحه الله ! ” (2) إليك بعضها لأنها مثل على نزوات الخليفة ، فإذا غاب القانون وهو كلي لم يبق سوى النزوة التي هي بطبيعتها جزئية : عندما أفضت الخلافة إلى الرشيد وقعت في نفسه جارية من جواري المهدي فراودها عن نفسها ، فقالت لا أصلح لك ، إن أباك قد طاف بي ، لكنه شغف بها ، فأرسل إلى أبى يوسف قاضيه الشهير والملقب ” بفقيه الأرض وقاضيها ! ” فسأله الرشيد : أعندك في هذا شيئ ؟ . وجاءه الجواب : ” اهتك حرمة أبيك ، واقض شهوتك ، وصيره في رقبتي ” (3) . لاحظ استعداد الفقيه القاضي للفتوى أيا كان نوعها لإرضاء الحاكم ! . وقال الرشيد لأبي يوسف : إني اشتريت جارية ، وأربد أن أطأها الآن قبل الاستبراء ، فهل عندك حيلة ؟ قال : نعم ! ، تهبها لبعض ولدك ثم تتزوجها ! ” (4) . ولهذا لم يكن ثمة ما يمنع ” فقيه الأرض وقاضيها ” أن يأخذ أجره من أموال المسلمين فورا : ” دعا الرشيد أبا يوسف ليلا فأفتاه فأمر له بمائة ألف درهم فقال أبو يوسف : إن رأى أمير المؤمنين أمر بتعجيلها قبل الصبح ! فقال : عجلوها ! فقال بعض من عنده : إن الخازن في بيته والأبواب مغلقة . فقال أبو يوسف : فقد كانت الأبواب مغلقة حين دعاني ففتحت !! ” (5) . لكن لم تكن حياة هارون الرشيد كلها ناعمة هادئة ، فقد فشت الدسائس في قصره ، وكثرت السعايات ، مما أفزعه وجعله يشعر أنه صار مغلوبا على أمره لاسيما مع البرامكة ، وأنهم شاركوه في سلطانه بشكل أخل بتوازن الدولة وسلامتها ، مما اضطره إلى التخلص منهم . ولقد كان العباسيون عموما حساسين من هذه الناحية السياسية ، ولهذا قتلوا كل من شكو في إخلاصه . وهذا هو ما يهمنا ، فهذا الشعور هو الذي دفع المنصور للإطاحة بأبي مسلم ، والرشيد إلى نكبة البرامكة ، والمأمون إلى التخلص من الفضل بن سهل ، والمعتصم إلى قتل قائده الأفشين . (6) . المراجع : (1) تاريخ الخلفاء ص ٢٨٤ . (2) المرجع نفسه ص ٢٨٦ . (3) المرجع نفسه ص ٢٩١ (4) المرجع نفسه ص ٢٩١ . (5) المرجع نفسه ص ٢٩٢ . ولاحظ إهدار المال العام ، وانعدام التفرقة بينه وبين المال الخاص (6) د . أحمد مختار العبادي ” في التاريخ العباسي والفاطمي ” ص ٨٩ . 2019/07/30