لم يظهر مصطلح الإسلام السياسي في تاريخ الإسلام سوى في القرن الماضي بعد سقوط السلطنة العثمانية و بشكل نهائي بعد إعلان الجمهورية التركية عام 1924 و هو مصطلح أكاديمي و سياسي أطلق من خارج التيارات الإسلامية كتوصيف جامع لكل الحركات الإسلامية التي تسعى لإدارة الحكم وفق الشريعة الإسلامية
الأسباب المؤدية لظهور الإسلام السياسي
لعب سقوط السلطنة العثمانية دور دور أساسي في تأهيب الأرضية لنشر فكرة إحياء الخلافة الإسلامية بعد أن اعتاد المسلمين عبر تاريخهم الطويل على الحياة ضمن أنظمة سياسية تعتمد بشرعنة ممارساتها السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية لمنظومة قانونية أعطيت ثوب القداسة لتبرير سلوك الحكام و الأنظمة
و السبب الثاني المحفز كان سببه انتشار الحركات الشيوعية و اليسارية و القومية العلمانية في أرجاء الوطن العربي بعد إسقاط القيصرية الروسية و سيطرة الحركة الشوعية على أرجاء واسعة من بقاع الأرض و وجود قطب دولي حامي لها و تمثل بنشوء الاتحاد السوفييتي
و كان السبب الثالث يتعلق بخطط الغرب لمحاصرة التمدد اليساري بكل أشكاله و محاصرة الاتحاد السوفييتي و اختراقه من محيطه و بالداخل عبر الشعوب المسلمة و لم يجد خيراَ من تبني إنشاء التنظيمات الإسلامية و دعمها بكل أسباب القوة و لتلعب دوراَ إضافياَ في تمزيق المجتمعات الإسلامية عندما تقتضي المصلحة الغربية ذلك
أشكال الإسلام السياسي
تنوعت أشكاله حسب التاريخ و المنطقة و حسب الدور المناط بها و تبقى حركة الإخوان المسلمين هي الحركة الأم التي ولدت من رحمها أغلب حركات الإسلام السياسي بما فيها التيارات التكفيرية الصارخة و تبعها في ذلك حزب التحرير الإسلامي و الحركات السلفية بدءاَ من القاعدة و انتهاءَ بداعش و النصرة
إطلاق الإسلام السياسي
تم الإعلان عن إطلاق المشروع السياسي للإسلاميين مع زيارة رجب طيب أردوغان للولايات المتحدة و ضمن وفد كبير ضم ثلاث مائة شخص من رجال الأعمال و الإعلاميين و الوزراء في الشهر الأول من عام 2005 بعد نجاح بوش الصغير في ولايته الثانية و وفق ما سربه فهمي هويدي في صحيفة الشرق الأوسط السعودية و نقلاَ عن فهمي قورو رئيس تحرير صحيفة يني شفق المقربة من حزب العدالة و التنمية فإن بوش الصغير أطلع أردوغان على مشروع أميركا بشرق أوسط إسلامي يمتد من إندونيسيا إلى المغرب و أن تركيا ستكون العمود الفقري له و قد سعت تركيا لتحقيق المشروع باعتماد القوة الناعمة للدخول إلى المجتمعات العربية الأقرب لها من خال استثمارها الجيد للدعم الغربي لها اقتصادياَ و سياسياَ لتشكيل نموذج إسلامي ديمقراطي براق و عندما حانت اللحظة المفصلية لتحويل القوة الناعمة إلى قوة عسكرية تسيطر على المجتمعات العربية من خلال السيطرة على سوريا كان الصدام الدموي المحلي و الإقليمي و الدولي على الجغرافيا السورية و العراقية
هل من مستقبل للإسلام السياسي
تتعلق النظرة لمستقبل الإسلام السياسي وفقاَ لمسألتين
المسألة الأولى و هي تستند إلى رؤية الصراع الدولي القائم الآن بين معسكرين الأول هو الغرب الإستعماري الأنجلوسكسوني الصهيوني و بين معسكر القوى المتضررة من ديمومة المشاريع الغربية و أذيتها للدول و الشعوب الأخرى و الحركات الإسلامية من حيث النشأة و التخطيط و الفعل ليست سوى أدوات من أدوات الغرب لتحقيق خططه بتمزيق كل القوى الصاعدة المهددة لسطوة الغرب
المسألة الثانية أن مصير هذه الحركات سيرسم من خلال ما سترسوا عليه نتائج الصراع الدولي و الإقليمي في سوريا و العراق حيث لدينا ثلاثة نتائج محتملة
الأولى و هي انتصار الغرب في هذا الصراع مما سيؤدي إلى انتشار الإسلام السياسي بدءاَ من سوريا و العراق و عبر تركيا إلى الفيدرالية الروسية و الصين و الهند و البدء بتمزيق هذه الدول و استنزافها
الثانية عدم حسم الصراع و الوصول إلى حالة ستاتيكو بين كل القوى ستدفعها لإجراء تسوية مرحلية لتستقر المنطقة يكون فيها الإسلاميون أحد أطرافها بعد تغيير أسمائهم و لباسهم و بعض مفاهيمهم ليتأقلموا مع طبيعة المرحلة
الثالثة و هي المرجحة و ترتبط بانتصار المعسكر المواجه للغرب مما سيدفع الروس و الصينيين و الإيرانيين و السوريين لفرض شروطهم و رؤيتهم لسمتقبل العالم و طبيعة النظام الدولي الجديد الذي يحتكم للقانون الدولي و متفرعاته لا دور فيه لكل حركات الإسلام السياسي و ليعود للإسلام الدور الطبيعي في الحياة الإجتماعية كمنظومة قيمية أخلاقية تساهم في إعادة صياغة الإنسان و بما تتطلبه عملية التنمية بكل مستوياتها