لماذا أذهب الى صندوق الانتخابات وأختار بشار حافظ الأسد؟
” الانتخابات الرئاسية السورية في ضوء العام الخامس والسبعين بعد الجلاء”
الدكتور جورج جبور*
رئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة. وسابقاً مستشار رئاسي وعضو مجلس الشعب
تشهد سورية هذه الايام تحديداً وأكتب في 23أيار 2021 نشاطاً شعبياً كبيراً مؤيداً لإعادة انتخاب الرئيس بشار الأسد لولاية دستورية رابعة تمتد حتى عام 2028.
إعادة الانتخاب أمر مؤكد كما يثبت ذلك الالتفاف الجماهيري الكبير حول قائد لم تستطع إضعاف سلطته دول كبيرة وقوى عالمية وعربية وسورية كثيرة.
صورة القائد المنتصر… تلك التي استقرت في أذهان السوريين عنه وهم الآن يمارسون حقهم الانتخابي في 23أيار2021
هل هناك صورة أخرى عن الرئيس بشار الأسد في أذهان السوريين أو بعضهم على الأقل؟ نعم لا بد من ذلك
ماهي؟ وكيف تشكلت؟ هي صورة من شهدت سورية في عهده أعظم تآمر عليها وأكبر كم من الدمار وموجة هجرة خارج حدود الوطن. صورته لدى البعض سلبية تشكلت خاصة منذ عام 2011. لن أبحث في أي الصورتين مطابقة للواقع.
أبحث في أمر اسهل: لماذا يبدي كثير من السوريين حماسة لا تصدق في التأييد والالتفاف حول الرئيس بشار؟ وتتوالى الإجابات
بانتخابه أو بالأحرى بإعادة انتخابه تعلن سورية نصرها على مؤامرة تعرضت لها في اوائل عام 2011
بانتخابه تعلن سورية حفاظها على موقفها الرافض للهيمنة الاسرائيلية المؤيدة أمريكياً على شؤون المنطقة
بانتخابه تبرهن سورية على صداقتها المستمرة مع جهات خارجية كان لها الدور في مساعدتها للتخلص من الارهاب
بانتخابه تتصاعد قوة محور المقاومة التي تمثلها صورة شهيرة للرئيس بشار يتوسط رئيس ايران والسيد حسن. ويطول حديث مبررات الانتخابات بل موجباته من وجهة نظر غالبية المواطنين والغالبية غالبة كما يشير الى ذلك اللفظ نفسه.
صورتان اذاً استقرتا في أذهان السوريين الذين تدعوهم الدولة هذه الأيام الى ممارسة حقهم الانتخابي. صورة الغالبية المؤيدة وصورة أخرى لأقلية قد تعارض وقد تستنكف. لكل فريق ما يبني عليه موقفه
من جهتي سأقوم بالتصويت لصالح ولاية رابعة نص على جوازها دستور قمت بالموافقة عليه عام 2012 هو دستور تجاوز ملاحظتين انتقاديتين أبديتهما في شباط 1973 حين سئلت رأيي في مشروع دستور عام 1973
الأولى: لاحظت أن النص لا يتضمن عدداً للولايات الدستورية الجائزة. دستور 2012 حددها باثنتين واستثناء بأربعة
الثانية: لاحظت أن القوانين المخالفة للدستور ينبغي أن تعدل. لم ألاحظ موعداً مضروباً للتعديل. دستور 2012 فعل
رغم الملاحظتين الانتقاديتين اللتين ابديتهما لصاحب الشأن عام 1973 وافقت على دستور 1973 وكان لدي المزيد من الارتياح لدستور 2012. استمر دستور 1973 نافذاً لمدة 39 عاماً وكان الأطول نفاذاً في كل تاريخ الدولة السورية
دستور 2012 يتقدم على دستور 1973 لجهة التعددية الديمقراطية. ليس ثمة حزب قائد وليس ثمة مرشح واحد للرئاسة. سررت بدستور 1973 شعرت بأنه يعطينا استقرار تحتاج اليه الدولة التي رسمت حدودها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى. لماذا شعرت بحاجة دولتنا الى الاستقرار؟ كنت في العاشرة من عمري حين شهدت رئيس أركان الجيش يعتقل رئيس الجمهورية آذار1949. حرضتني التغييرات السياسية المتوالية المفاجئة على التدقيق في تاريخ سورية.
في المدة منذ الجلاء وحتى الحركة التصحيحية 1946_ 1970 لم يكمل أي شخص ولايته الأولى في دولتنا المدى الزمني الذي خصصته به وثائقنا الحاكمة رئيس الجمهورية الوحيد الذي أكمل مدته منذ إعلان استقلال سورية أثنا ءالحرب العالمية الثانية هو الرئيس شكري القوتلي والذي انتخب عام 1943.أكمل ولايته الأولى عام 1948. أما ولايته الرئاسية الثانية فقد قطعها الجيش. لكن فلنتذكر أن قوات أجنبية كانت ترابط في أرضنا معظم سنوات الولاية الأولى. بل في حمى التجديد الرئاسي بدءاً من الانتخابات النيابية عام 1947ارتفعت أصوات تنادي بالرئيس القوتلي رئيساً مجدداً له الى المدة التي يراها الناخب وربما للأبد.
هذه الفوضى في الحياة السياسية والدستورية السورية جعلتني أستبشر خيراً بدستور 1973 ثم استبشر خيراً بما اتجه اليه دستور 2012 المنفتح على تعددية أرحب في الجبهة الوطنية التقدمية .
طال المقال عن الإستحقاق الدستوري الذي سألني أن أكتب فيه الصديق رئيس التحرير-وقد أعلنت فيه تأييدي لأحد المرشحين الثلاثة- لايجوز أن يختتم الا بتوجيه التحية الصادقة الى المرشح الأول الوزير الأستاذ عبدالله سلوم العبدلله . وهو زميل في مجلس الشعب الدور التشريعي الثامن . كان وزيراً لسنوات كلف بشرح وجهة نظر الحكومة لأعضاء مجلس الشعب وهي مهمة كلها خبرة نافعة. أحببت شعاره. وهو ينادي بجبهة وطنية تقدمية فاعلة وكلامه دقيق.
كذلك لا يجوز أن يختتم هذا المقال الا بتوجيه التحية الى المرشح الثالث المحامي الأستاذ محمد مرعي. اول ماعرفته محاوراً عن المعارضة في ندوات تلفزيونية مكانها دمشق ثم عرفته زميلاً من المنصة في ندوات المركز الثقافي أبو رمانة أحببت من الدولة ومنه انه عبر بصراحة عن هويته معارض. نعم معارض لكن متمسك بالثوابت الوطنية. معارض ويطالب بالمواطنة المتساوية وبإطلاق سراح سجناء الرأي وبعقد مؤتمر وطني جامع.
أتطلع الى يوم 26 أيار 2021 موعد الذهاب الى صندوق الانتخاب واتطلع الى انتهاء عملية فرز الأصوات لأرى النسبة المئوية التي فاز بها من مكتوب له الفوز. في 2014 كانت في خانة الثمانينات. بعد ان استقرت لعقود في خانة التسعينات .
الدكتور جورج جبور: مؤلف كتاب “الفكر السياسي المعاصر في سورية “*
الطبعة الاولى (لندن) دار الريس 1987. الطبعة الثانية (دمشق) الإدارة السياسية للجيش والقوات المسلحة 2011 .
والكتاب أساساً رسالة دكتوراه في جامعة القاهرة عام 1972
نال صاحبها تقدير الشرف
دمشق في 24 أيار 2021
تعليق واحد
للدكتور جورج جبور كتاب حيد ايضاً عن وعد بلفور يوضح الكثير من التفاصيل التي قد لا يعرفها القاريء بشكل عام.