فنون العرب تغزو العالم!
اضحوي الصعيب*
يقصدني علي قلندس كلما ألمّت به ملمة لأساعده في تجاوزها، ولم أقصده انا قط في ما يواجهني من ملمات لاعتقادي بأنه الذخيرة التي لا يجب تبديدها في صغائر الامور. وحانت الساعة التي أطالب فيها هذا الصديق برد الجميل. فقد شق على نفسي مرأى طلاب الجامعات الامريكية وهم يحولون ساحات كلياتهم الى ميادين حرب خلال صداماتهم مع الشرطة التي تحاول منعهم من التضامن مع فلسطين. هؤلاء الشباب المخدوعون قد يفقدون مستقبلهم جراء اللهاث وراء مسرحيات سياسية تُعرض وراء البحار. فقصدتُ قلندس علّه يساعدني في انقاذهم من أحابيل السياسية. لم تكن الصداقة وحدها سبب توجهي اليه وانما لأنه بين الاوائل الذين تنبهوا الى حقيقة المسرحية في الشرق الاوسط وفضحوها.
الجامعات الامريكية وخصوصاً في كولومبيا ونيويورك طوروا احتجاجاتهم الى اعتصامات تصل الليل بالنهار وهي حالة لم تشهدها الولايات المتحدة منذ خمسة وخمسين عاماً إبان الحرب الفيتنامية. في جامعة كولومبيا لا يخالف الغليان المساند لفلسطين الا شخص واحد، ويا للمفارقة انه من اصل عربي.. رئيسة الجامعة نعمت شفيق او مينوش كما تلقب هناك ليست عربية وحسب وانما تمت بصلة قرابة من عند النسوان بصديقي علي قلندس، فرأيت في ذلك باباً يستطيع ولوجه للسفر واقناع الطلاب الضالين بطريق الصواب. لكن مفاجأة من العيار الثقيل كانت بانتظاري، فما ان ذكرت له حاجتي حتى قال دون تردد بأن الطلاب الامريكان يمثلون ايضاً وهم جزء من المسرحية الكبرى ضد امتنا. عقدت المفاجأة لساني وتولاني الوجوم ككل من تدهمه أشياء ليست في الحسبان. وبينما انا مستسلم للعصف الذهني راح هو يدندن بأغنية هابطة ليبين لي كم هو واثق مما يقول.
خلصت من دوامة التفكير الى الاقرار بصواب ما يقول، وانتقلتُ الى مرحلة أرقى من الفطنة والنبوغ.. انتقلت الى التعاطف الانساني العميق مع افراد الشرطة الامريكان الذين تدهورت حياتهم بسبب حرمانهم من الاجازات والنوم بسبب ما يجري في الجامعات من (زوابع)، أما يستحق اولئك المضحون عربيّاً فذاً، رحيماً لمينوش، يخبرهم بأن الطلاب يمزحون وان القضية برمتها تمثيل؟.
ولّيت وجهي المتجهم صوب قلندس الذي ما فتىء يعيد المقطع الهابط مرة بعد مرة كما يفعل تطبيق تيك توك، وقلت له بحلق جاف: اذن فلنبلغ افراد الشرطة المساكين بأنهم تقشمروا في لعبة هابطة. فرد من غير ان يلتفت نحوي او يتوقف عن الغناء الهابط بأن الشرطة يمثلون ايضاً وهم جزء من المسرحية.. وواصل الغناء.
للحظة شعرت بأن الدنيا تسودّ في عينيّ حتى باغتني الهناء من حيث لم احتسب حين قدح في روعي بانشراح لا يوصف أن الناس العاديين عندنا متفوقون على طلاب جامعة كولومبيا واساتذتها، فقرّت نفسي وحمدت الله على نعمته وشرعت أغني الاغنية الهابطة إياها.
( اضحوي _ 1712 )
2024-04-24