عواقب انتهاء مُدَّة الصَّلاحيَّة!
سعود قبيلات
شُكِّلَت اللجنة المسمَّاة بـ«اللجنة الملكيّة لتطوير المنظومة السِّياسيّة» لغرضين:
الأوَّل، احتواء نتائج الأزمات الخطيرة المتلاحقة، الَّتي كانت آخرها وأخطرها أزمة النَّائب أُسامة العجارمة، وذلك عن طريق إعطاء انطباع زائف بأنَّ النِّظام يتجاوب مع مطالب النَّاس ويتحرَّك باتِّجاه تحقيقها؛
الثَّاني، تحسين شروط زيارة الملك إلى واشنطن.
هذان الغرضان اُستُنفِدا الآن؛ ولذلك بدأ الطَّخ على اللجنة يتواتر، وراحت الدَّفاتر القديمة لأعضائها تُفتَح دفتراً بعد دفتر، ويُستَهدَف أعضاؤها عضواً إثر عضو.
ولا يمكن إلّا لساذج أن يعتقد بأنَّ هذه الانفجارات المتلاحقة، في طريق عمل اللجنة وتحت أقدام أعضائها، إنَّما هي مجرَّد أحداث عفويّة طارئة وليست عملاً ممنهجاً على أعلى مستوى.
سيقود هذا، في النِّهاية، إلى أن تكون نتائج عمل اللجنة أكثر هُزالاً من الهزال الَّذي كان متوقّعاً أن يكون سقفاً لعملها المحدَّد سلفاً بقانونيْ الانتخابات والأحزاب. وسيوضع اللوم في ذلك على اللجنة وعلى الرَّأي العامّ الَّذي احتجَّ على آراء بعض أعضائها. وسنواجَه كثيراً بالزَّعم السُّلطويّ المتهافت، القديم الجديد، بأنَّ الشَّعب غير جاهز للتَّغيير المنشود، وأنَّه لم يصل بعد إلى مرحلة «فكّ الخطّ» في درس الدِّيمقراطيّة وحُكم نفسه بنفسه.
وثمَّة فائدة إضافيّة يجنيها النِّظام مِنْ تفجير هذه الألغام، وهي إبعاد أنظار النَّاس عن القضايا الأساسيّة (قضايا الحرّيّة، والدِّيمقراطيّة، والتَّحرّر الوطنيّ، وإعادة توزيع الدَّخل والثَّروة لصالح الأغلبيّة الشَّعبيّة، وإطلاق عجلة التَّنميّة الوطنيّة، ومكافحة الفساد، وإنهاء التَّبعيّة، وتحقيق الاستقلال والسِّيادة الوطنيّة.. الخ) ليلتهوا – بدلاً مِنْ ذلك – ببعض الشَّكليّات والقضايا الثَّانويّة، وتنهشهم عوامل الفرقة والانقسام، وتجرفهم الغرائز البدائيَّة.. فيخشى بعضهم بعضاً، ويشكّ بعضهم ببعض، ويتربَّص بعضهم ضدّ بعض، وتضيع أهدافهم الوطنيّة المشتَركة.
ومع الأسف، فثمَّة قابليَّة كبيرة لدى الكثير من النَّاس – وخصوصاً بعض النّشطاء السِّياسيين – للانجرار بسلبيّة تامّة مع مثل هذه المكائد الخبيثة.. ما إن يُرمى طُعمُها لهم.
لقد عبَّرنا عن رأينا، منذ البداية، في شأن تشكيل «لجنة تطوير المنظومة السِّياسّة»، وقلنا إنَّها مناورة نمطيّة مستهلكة، واعتبرناها دليلاً على عدم جدِّيَّة النِّظام في الاستجابة لمطالب الشَّعب في التغيير الوطنيّ الدِّيمقراطيّ.. هذا التَّغيير الَّذي لا بديل عنه ولا مناص منه.. طال الزَّمان أم قَصُر.
والآن، وبعد كلّ ما جرى للّجنة، وفي ظلّ الوضع البائس الَّذي تتردَّى إليه بتسارع، فإنَّنا ندعو كلّ مَنْ لا يزال ينخدع بمثل هذه المناورات النمطيّة الهزيلة، ويتوقّع منها خيراً أو يشارك فيها بوهم إمكانيَّة عمل شيء جدِّيّ مِنْ خلالها – أن يعتبر بهذه التَّجربة المريرة ويتَّعظ، لكي نتَّحِد جميعاً في مواجهة المحاولات المكرَّرة لجرّنا إلى متاهات عبثيّة، فلا يعود مِنْ مجال أمام النِّظام سوى الاستجابة الحقيقيّة والكاملة لمطالب الشَّعب في التَّغيير الوطنيّ الدِّيمقراطيّ الجدِّيّ والعميق.
2021-07-30