ما إن انتهى الاجتماع الأخير بين القوى الكبرى وإيران بشأن ملفها النووي الذي نتج عنه اتفاقا،ً حتى بدأت التحليلات والتكهنات السياسية تتجه نحو تقاطعات سياسية وعسكرية واقتصادية .. لدرجة أن البعض اعتقد بأن الأزمات والمشاكل الواقعة في الشرق الأوسط كلها في طريقها إلى عبور بوابة الحل..!!
إذا راقبنا الزيارات المكوكية التي تجري على الساحة الدولية والإقليمية نجد بأن المكوك السياسي يلف بين المثلث الدولي سورية والسعودية واليمن إذا ما أضفنا التعرج عند الترانزيت في قطر ومصر وتركيا .. ما الرسائل التي حمّلها بوتين لوزير خارجيته سيرغي لافروف حتى يلتقي اليوم بخالد مشعل ومعاذ الخطيب بعد لقائه تميم أمير قطر ؟؟
ما الوساطة التي طلبها ولي ولي العهد السعودي من مصر بشأن الحل السياسي في سورية ؟؟ زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى مصر كانت للإعلان عن موافقة السعودية لوجهة النظر المصرية بشأن سورية..
أما زيارة كيري إلى قطر "كتهدئة من أوباما لملوك وأُمراء الخليج، الذين سيسمعون عبارات من قبيل "لا شيء يدعو للقلق، الأمور تسير للأفضل وثقوا بنا" حسب ما قال المحلل البريطاني روبرت فيسك بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الكبرى, و يضيف قائلاً :" لكن تذكروا أن أوباما هو في العادة يمشي بعيداً عن حطام السيارة حتى دون استدعاء شركات التأمين"، في إشارة إلى أن أوباما لا يبالي بالأزمات التي تحدث في المنطقة تاركاً إياها دون حلول عملية، على حد وصف الكاتب..
أما زيارة سيرغي لافروف إلى قطر فهدفها وقف الدعم المالي للجماعات المسلحة في سورية وسحب مقاتلي خالد مشعل من سورية وتهدئة معاذ الخطيب المحسوب على قطر (وليس الائتلاف المحسوب على تركيا وهذا يحتاج الى مقال آخر)..
المحلل السياسي والعسكري لصحيفة “هآرتس” العبرية، تسبي بارئيل قال إن واشنطن واتصالاتها مع تركيا بشأن دعمها لمحاربة الإرهاب ليست جدية فهي تلعب على حبلين؛ فهي تدين (الإرهاب الكردي) ضد تركيا على يد حزب العمال الكردستاني، لكنها في الوقت نفسه تستمر في تقديم الدعم للأكراد السوريين في حربهم على تنظيم “داعش الإرهابي”. لماذا الحلول المرتقبة تخص سورية واليمن فقط ..
أين العراق وليبيا من هذه الحلول لماذا لا تكون سلة متكاملة ؟؟؟ واهم من يعتقد بان الولايات المتحدة الأمريكية ستتخلى عن جميع الملفات الساخنة لإيران بمجرد الاتفاق على الحل النووي ..
إذا ما اعتقدنا بأن الحرب الشرسة التي فجرتها الولايات المتحدة الأمريكية في الوطن العربي بغية هدفين لا ثالث لهما الأول السيطرة على كل منابع النفط والغاز في المنطقة والثاني لحماية امن إسرائيل. والكل يعلم أن العراق وليبيا يتمتعان بـ"ثروات نفطية" بامتياز لذا من المستحيل أن تتخلى الولايات المتحدة عنهما، لذلك هما خارج التسوية التي تجري في الدوحة. أما بالنسبة للهدف الثاني وهو حماية أمن إسرائيل ..
دعونا نضع الحقائق في مكانها الصحيح , بالنسبة لسورية، صحيح ان الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها عجزوا عن تطويع سورية للخضوع للحلف الغربي، كيف لا وأربع سنوات ونصف من الحرب عليها لم تستطع أن تهزم جيشها ولم تستطع ان تفتت شعبها ولم تستطع أيضاً أن تسحب ورقة المقاومة من يد الرئيس بشار الأسد ما ساهم في إحراز إيران نقطة إيجابية تسجل لصالح الحلف المقاوم المتماسك ضد المشروع الصهيوني من خلال الاتفاق النووي.. لكن الحرب على سوريا نجحت في تدمير البنى التحتية خدمة لإسرائيل ..
في الأمس قيل بأن اجتماعاً ضم اللواء علي مملوك وولي ولي العهد السعودي الأمير سلمان بتدبير من المخابرات الروسية بناء على أمر من الرئيس الروسي بوتين واليوم يتم التحضير لاجتماع وزير خارجية سورية وليد المعلم مع وزير خارجية السعودية عادل الجبير في سلطنة عمان كونها تعاملت مع الأزمة السورية بحيادية مجردة. من استعراضنا لتلك الزيارات نجد أن الحلول المرتقبة تقف عند الحل السياسي لكل من سورية واليمن..
هناك من سيقول بإن اتفاقاً دولياً جرى بين روسيا وأمريكا بموافقة سعودية ينص على حل الأزمتين السورية واليمنية كسلة متكاملة بملفين متقابلين. الأحداث الأخيرة التي جرت على الساحتين السورية واليمنية ساهمت في الإسراع إلى الاتجاه بإيجاد حل لتلك الأزمتين.
في سورية إنجازات كبيرة على مختلف الصعد أهمها عسكرياً : في مناطق الزبداني _ سهل الغاب _ حلب و الحسكة التي أصبحت منطقة آمنة بالكامل ثم ريف اللاذقية وحالياً يتهيأ الجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانية إلى عملية واسعة في درعا.
أما في اليمن, فتلوح بشائر النصر في الأفق, خاصة بعد استقالة رئيس المجلس العسكري التابع للتحالف السعودي متهماً السعودية بتهميش عملياتهم لصالح القاعدة.. اصطفاف كبير لقبائل يمنية ضد التحالف السعودي ..خسائر فادحة للقاعدة في أبين .. الجيش اليمني يتحكم بالمعارك في تعز ..
الحوثيون والجيش صف واحد في مواجهة العدو ويخوضون المعارك معا. حقائق تقول بأن السعودية طلبت من أمريكا مساعدتها في الخروج من مستنقع اليمن ومن تمدد الإرهاب الذي زرعته في سورية إلى أراضيها.. لأجل هذا سوف نرى ارتفاع وتيرة اللقاءات التي تجري على الساحة الدولية والإقليمية لكل من له علاقة في إخماد النار على أرض سورية واليمن، ومع ذلك حتى الأمس استمر الأمريكي بصلفه فما زال كيري يعيد اسطوانته حول أن الرئيس بشار الأسد فقد شرعيته ..
مع أن الإدارة الأمريكية عينت مؤخراً مايكل راتني مبعوثاً لها إلى سورية _ هو الثالث منذ بداية الحرب عليها_ إذا كانت أمريكا لا تعترف بالحكومة السورية مع من سيتواصل هذا المبعوث ؟؟