تقرير إخباري!
خريف اتسم بالاحتجاجات في أنحاء العالم..
إعداد: سماهر الخطيب.
اندلعت احتجاجات في مختلف أرجاء العالم في الأشهر القليلة الماضية. وكان لكل منها ما أشعلها، لكنّ أغلب التكتيكات والإحباطات الكامنة كانت متشابهة، من حيث السبب الكامن وراء الاحتجاج إن بنيّة التغيير السياسي والحصول على حكم ذاتي، أو غضب شعبي على الظروف الاقتصادية والمعيشية المتدنية، أو امتعاض من الحاكم والمطالبة بتغيير نظام الحكم والمحاسبة إما جميعها تصبّ في خانة الاحتجاجات الشعبية التي باتت ككرة الثلج تدور العالم أجمع كذلك السيناريو الذي قيل عنه بأنه «ثورات ملوّنة» ثم تحوّل لـ «ثورات الربيع العربي» كما أطلقت عليه التسمية راعيته الأميركية في محاولة للتستر على ما تسميه «حروب الجيل الرابع»..
حيث شهدت هونغ كونغ اضطرابات منذ شهور، وأصيبت العاصمة اللبنانية بيروت بالشلل، واندلعت الثورات الدموية في العراق، وتحوّلت أجزاء من برشلونة إلى ما يشبه ساحة المعركة الأسبوع الماضي، وخرج عشرات الآلاف من البريطانيين في مسيرة في شوارع لندن في عطلة نهاية الأسبوع بسبب «بريكست»..
ولم تكن أميركا الجنوبية ببعيدة عن الأحداث الاحتجاجية.
تشيلي
فقد أثارت حكومتا تشيلي والإكوادور سخط شعوبها بعد محاولة زيادة التعريفات وإنهاء دعم الوقود، حيث سادت الفوضى شوارع سانتياغو عاصمة تشيلي الأسبوع الماضي، وقام المتظاهرون الغاضبون من ارتفاع تعريفات المواصلات العامة بأعمال شغب وصلت إلى حد نهب المتاجر وأضرام النار في حافلة، الأمر الذي دفع الرئيس التشيلي لإعلان حالة الطوارئ.
الإكوادور
وفي وقت سابق، قام رئيس الإكوادور بالشيء نفسه، بعد اضطرابات اتسمت بالعنف بسبب قرار رفع دعم الوقود المطبق منذ عقود. وحينها سعى رئيس الإكوادور لينين مورينو للتواصل مع رؤساء السكان الأصليين الذين قاموا بتعبئة الناس للخروج إلى الشوارع، وفي غضون بضع دقائق رفض جيمي فارجاس كبير منظمي الاحتجاجات مبادرة الرئيس.
وقال فارجاس في بث مباشر على فيسبوك من مسيرة في كيتو «نحن ندافع عن الشعب». ويبرز ردّه، الذي شاهده الملايين، التحدّي الجديد الذي تواجهه السلطات أثناء محاولاتها قمع الاحتجاجات، وهو أن «وسائل التواصل الاجتماعي جعلت التواصل بين المحتجّين أسهل كثيراً».
بوليفيا
كما اندلعت أعمال العنف في بوليفيا بُعيد إعلان فوز المرشح كارلوس ميسا مساء الإثنين، حيث اشتبك سكان غاضبون مع الشرطة بعد أن قالت المعارضة السياسية إنها تعرّضت للخداع في الانتخابات الرئاسية.
وشملت أعمال عنف إضرام حرائق وصدامات مع قوات الأمن وعمليات نهب وتخريب في أنحاء مختلفة من بوليفيا. وفي سوكري أضرم حشد من المحتجين النار في مبنى المحكمة الانتخابية بالمقاطعة، في حين دارت اشتباكات بين متظاهرين والشرطة في كل من مدن لاباز وبوتوسي، بينما تعرّض مقر الحملة الانتخابية للحزب الحاكم في أورورو للنهب، بحسب ما أفادت وسائل إعلام محلية.
لبنان
كما خرج عشرات الآلاف إلى شوارع بيروت في أكبر إظهار للاستياء من المؤسسات الرسمية منذ عقود. وخرج الناس من كل الأعمار ومن مختلف الطوائف للاحتجاج على تدهور الأحوال الاقتصادية وفساد المسؤولين ومطالبات بإعادة الأموال المنهوبة، وإسقاط حكم المصرف الذي يتهمه الشعب باتباع سياسات اقتصادية مجحفة بحقهم..
العراق
وكانت عوامل مشابهة وراء احتجاجات دموية في العراق في أوائل تشرين الأول. وقتل أكثر من مئة شخص في احتجاجات اتسمت بالعنف في مختلف أرجاء البلاد، حيث قال الكثير من العراقيين وبخاصة الشباب إنهم لم يشهدوا مزايا اقتصادية تذكر منذ هزيمة «داعش» الإرهابي في 2017. وشنت قوات الأمن حملة وفتح القناصة النار من فوق أسطح المباني وأوقفت خدمة الإنترنت لوقف تدفق المعلومات بين المتظاهرين.
مصر
وفي مصر، حيث كانت مظاهرات الشهر الماضي صغيرة نسبياً لكن كبيرة في دلالتها بسبب ندرتها، وكان محرّك الاحتجاج على الرئيس عبد الفتاح السيسي مواطن ينشر تسجيلات فيديو من إسبانيا.
الأردن
كذلك، في الأردن التي شهدت أزمة اقتصادية أثرت على الحالة المعيشية للأردنيين، إذ رفعت الحكومة في مطلع الشهر الماضي، أسعار الخبز وبعض السلع وضريبة الدخل استجابة لشروط البنك الدولي، ما أدّى إلى احتجاجات أطاحت في النهاية برئيس الحكومة هاني الملقي.
الجزائر
وفي الجزائر التي تشهد احتجاجات دعمها الجيش وأدت في ظرف ستة أسابيع إلى استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة،
حيث نزل الآلاف إلى الشوارع في شهر شباط الماضي، للاحتجاج ضد ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، بعدما حكم البلاد منذ 1999. ورغم عدول بوتفليقة عن الترشح في 11 آذار، وإرجائه الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 نيسان إلى أجل غير مسمّى، إلا أن الاحتجاجات بقيت متواصلة في مشهد غير مسبوق في البلاد.
وفي 26 آذار طلب رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح اللجوء إلى مخرج دستوري للأزمة عبر تطبيق المادة 102 من الدستور التي تحدد إجراءات إعلان «ثبوت المانع» لرئيس الجمهورية وعدم أهليته ممارسة مهامه.
في 1 نيسان، أعلنت الرئاسة الجزائرية أن بوتفليقة سيستقيل قبل انتهاء ولايته الرابعة في 28 نيسان. وفي الثاني من نيسان، دعا قايد صالح إلى «التطبيق الفوري للحل الدستوري» الذي يتيح عزل الرئيس. إلى أن أعلن بوتفليقة استقالته، وبقيت الاحتجاجات المطالبة بمكافحة الفساد والفاسدين..
هونغ كونغ
فيما شهدت هونغ كونغ احتجاجات ضخمة على مدى خمسة أشهر اتسمت بالعنف في بعض الأحيان في أسوأ أزمة سياسية على هذا الإقليم.
ورغم أن هونغ كونغ لم تشهد سوى القليل من المسيرات الحاشدة في الأسابيع الماضية، إلا أن العنف تصاعد فيها حيث أضرم نشطاء النار في محطات مترو وحطموا متاجر واستهدفوا بنوكاً صينية ومتاجر على صلة بالبر الرئيسي.
كتالونيا
وتشابهت الأحداث في هونغ كونغ مع تلك الدائرة في كتالونيا في الأيام الأخيرة، فهناك أيضاً يشعر الناس بالغضب من محاولات إحباط مساعيهم للحصول على حكم ذاتي أكبر وإن لم يكن استقلالاً كاملاً عن باقي إسبانيا.
وأضرم المتظاهرون النار في سيارات وأطلقوا قنابل حارقة على الشرطة في برشلونة في أعمال العنف التي أشعلها صدور أحكام على رؤساء انفصاليين في كتالونيا سعوا لإعلان الإقليم دولة مستقلة.
وركز المتظاهرون كذلك على أهداف استراتيجية مثل المطار الدولي لإحداث أكبر أثر مما أوقف أكثر من مئة رحلة طيران.
وجاء ذلك بعد أيام من وقوع أحداث مشابهة في هونغ كونغ مما يشير إلى أن الحركات الاحتجاجية تتابع بل وتنقل حرفياً خطى بعضها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار.
وقال جيسيبي فايريدا 22 عاماً وهو طالب فنون في احتجاج انفصالي في كتالونيا في الفترة الأخيرة «في هونغ كونغ قاموا بذلك بشكل جيد لكنهم أكثر جنوناً».
ويخطط المحتجون في هونغ كونغ لاحتشاد اليوم لإظهار التضامن مع المتظاهرين في إسبانيا.
إثيوبيا
وفي إثيوبيا أيضاً بدأت الاحتجاجات أول أمس، في مدينة أداما، التي تقع على بعد 90 كم جنوب شرق العاصمة، وفي مدن أخرى في منطقة أوروميا، بعد تجمع مئات من أنصار الناشط الإثيوبي جوار محمد خارج منزله في العاصمة صباح أول أمس، بعد ساعات من تطويق الشرطة له.
وانضم للاحتجاج 400 شاب على الأقل عند المنزل الذي يقع في العاصمة أديس أبابا ورددوا هتافات داعمة للناشط جوهر محمد ومناهضة لأبي أحمد، الحائز على جائزة نوبل للسلام هذا العام.
وهتف الشباب، الذين كانون يرتدون قمصاناً مزودة بأغطية للرأس، «جوهر .. جوهر» و «يسقط أبي.. يسقط أبي»..
كما تجدر الإشارة إلى جريتا ثونبرج الفتاة السويدية التي دعت الملايين للخروج في مسيرات في مدن مختلفة في العالم في أيلول لـ»مطالبة القادة السياسيين بالعمل على وقف تغير المناخ».
التغيير آتٍ سواء شئت أم أبيت
وكان قد احتشد عشرات الآلاف في نيويورك للاستماع إلى كلمتها التي قالت فيها «إذا كنت تنتمي لتلك المجموعة الصغيرة من الناس التي ترى فينا تهديداً لها فلدينا أنباء سيئة جداً لك… لأن هذه هي مجرد البداية. التغيير آتٍ سواء شئت أم أبيت».
والملاحظ في المحصلة، أنّ تلك الاحتجاجات كانت متشابهة في غالبيتها، في المضمون وطريقة التعبير والمطالب، خاصة بعد أن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي واجهة الحركة الاحتجاجية ويستخدمها الأفراد في بعض الحالات لتوصيل رسالتهم.. وكذلك تشابه معها رد الحكومات منهم من استمع لصوت الشارع الغاضب، ومنهم من اتبع أساليب قمعية، ما دفع الحكومات والاقتصاديين والمواطنين إلى الانتباه للأخطاء ومحاولة تداركها عسى أن تجد طريقاً لامتصاص غضب الشعب «الثائر»، قبل أن تصبح نسخة معدلة من سيناريو «الثورات الملونة» أو «الربيع العربي» ..
2019-10-24