حين فَنْدَرَ القادة الشرفاء قادة العرب والمسلمين!
هاني عرفات
أظن أنه يتوجب علي تعريف كلمة فًَنْدَرْ لمن لا يعرفها، فندر كلمة دارجة بالعامية الفلسطينية، و لها أصل في اللغة العربية الفصحى.
في العامية يقال فندر فلان، أي بانت عورته، وفي الفصحى حسب قاموس الكل ،كلمة الفنديرة تعني قطعة ضخمة من تمر مكتنز، والفنديرة صخرة تنقلع من عرض الجبل ، و ورد أيضاً أنها العورة أو السوءة، و ربما من هنا جاء أصل الكلمة.
ومن التاريخ ، نستحضر قصة مبارزة علي كرم الله وجهه، مع عمرو بن العاص، في معركة صفين، حينما أطاح علي بعمرو وهم بأن يهوي عليه بسيفه، قام عمرو بن العاص بالكشف عن عورته، ولاذ بالفرار عندما أشاح علي بوجهه عن عورته، وفي هذا قال الشاعر الكبير مظفر النواب: لا زالت عورة عمرو بن العاص ماثلة .. وتقبح وجه التاريخ.
زعماء أميركا اللاتينية، أمثال غوستافو بيترو رئيس كولومبيا، و رئيس البرازيل لولا دي سيلڤا، وغيرهم ، قاموا بالفعل بفندرة زعماء العرب والمسلمين، عندما لم يكتفوا بإرسال رسائل التضامن والتأييد للشعب الفلسطيني المظلوم والمكلوم، بل قاموا بخطوات عملية، شملت طرد سفراء دولة الاحتلال، و مقاطعات اقتصادية، ومشاركة فعلية في التظاهرات والاحتجاجات على حرب الإبادة، التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
فندروا أمام شعوبهم وأمام العالم، ليس فقط لأنهم لم يقوموا بأي عمل يذكر ، لمناصرة إخوانهم ، بل إنّ بعضهم ذهب حد دعم الحكومة الفاشية صراحةً حيناً و تلميحاً أحياناً .
حينما يقاطع عمال الموانئ في إيطاليا و إسبانيا، السفن الاسرائيلية المحملة بالوقود والأسلحة، و تقوم دول عربية بفتح سلاسل إمداد برية لإسرائيل، بعد تعطيل الحركة الملاحية في البحر الأحمر، أليست هذه فندرة على أصولها !!
عندما تقاطع وفود دول أوروبية ولاتينية وآسيوية ، خطاب نتنياهو الفاشي في هيئة الأمم المتحدة ، و يبقى مندوبو الإمارات والبحرين ، أليست هذه فندرة و فحش!!
عندما ترفع المرأة الشجاعة ، فرانشيسكا البانيزي صوتها في وجه الظلم ، بينما يصمت فحول العرب و شيوخهم، عن كلمة حق أمام نظام دولي جائر، أليست هذه فندرة صريحة و وقحة!!
عندما تقف الفتاة السويدية الشجاعة غريتا وتنبري ، في وجه الظلم ، وتعود لنجدة المظلومين مرةً تلو الأخرى، رغم التهديدات المتكررة، ويبتلع القادة ألسنتهم، أليست هذه فندرة !!
كل من وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، يكون قد عرض ولا زال نفسه وبلاده للأذى،بسبب هذا النظام العالمي المجحف والجائر، لا شك في ذلك ، لكن الروح الإنسانية والضمائر الحية، هي التي حركت هؤلاء جميعاً ، فيما تخاذل المتخاذلون. و لأن الشرفاء في العالم يدركون، أن قضية فلسطين اليوم هي قضية العالم ، وأن الصمت والسكوت عن جرائم إسرائيل في فلسطين اليوم ، سوف تتكرر في مناطق أخرى من هذا العالم، فإنهم مصرون على أن يقفوا في وجه الظلم.
أما العرب والمسلمون، فقد ابتلوا بهؤلاء المُفَنْدِرينْ الذين قبحوا وجه التاريخ بوجوههم و عوراتهم.
2025-09-29