حكايات فلاحية: وداعا للحاضرين بيننا!
صالح حسين
ترددت كثيرا عن الكتابة، ربما خوفا من أن تخونني الكلمات، أو لا أريد تكرارها… كثير من الأصدقاء والمحبين كتب عن شخصية وطنية، كانت رمزا ثقافية ووطنيا حاضرا في مكتبته وفضائها شارع المتنبي، إنه الراحل الجميل ( خالد حسين سلطان ) كنت مصرا أن أزوره للمرة الثانية، حيث لم أجده في الزيارة الأولى، استلمت منه أكثر من دعوة لزيارة معرضه السنوي في ( شارع المتنبي / بغداد ) الذي يحاكي به رفاقه المغيبون بفعل المفعول به، تلك الفاجعة التي جاءت برحيله على غفلة آلمتنا كثيرا لا أريد أن أحولها لمناسبة القصاص من الآخرين الذين باعوا أنفسهم وباعونا بأرخص المحطات، نترك ذلك للزمن وللصادقين… في حكاياتي الفلاحية، كتبت صادقا عن والده المناضل ( حسين سلطان ) عندما زرته منتصف الثمانينات من القرن الماضي، حيث مقر سكناه في ( قبو- شلّرة ) في شارع 30 قرب صيدلية أميرة / سورية، ولللأمانة نقلت الصورة له ولغيره كما هي، حيث المكان لا يصلح للسكن ( إنه مكان للعقاب ) إضافة إلى رداءات الفرش مصحوبة بروائح تنبعث من الحمام وزوايا المكان المعتم، بـ( المقابل القيادة تسكن بأفخم الشقق ) كان المرافق له، أحد الرفاق يكنا له بـ( أبو فهد الدفان ) وحينها الراحل ( حسين سلطان ) قال: أبو سارة تصور ( الجماعة – القيادة ) أمكلفين ( الدفان ) مرافقا لمساعدتي، وفي نفس الوقت قال: أول مرة أشعر بارتياح نفسي عندما زارني أجمل ضيف هي أبنتك ( سارة ) حينها كان عمرها 2 سنتين… هذه الحكاية التي رسمت بها الصورة الحقيقية لتلك المعاناة، لرجل مناضل كبيرا في السن، مصابا بمرض الربو، أعجب بها الراحل ( خالد حسين سلطان ) وبصدق كلماتها، جعلت منه ليس صديقا لي وحسب بل كان رفيقا مصرا ومشاكسا لمن أرادوا ثنيه عن مبادئه الوطنية وتاريخ والده المشرّف، وأنا تعلمت منه الكثير، عكس البعض الذين تم شرائهم بعد 2003 بصفات حزبية، أو راتبا تقاعديا على ملاك رابطة الأنصار، ومقرها أربيل!!
مربط الفرس: أكرر التعازي لعائلة الفقيد ( خالد حسين ) وزملائه في شارعه ( المتنبي ) وطلابه في مدارس العراق، كثير هي المحطات وعديدة الطرق التي يلتقي بها المناضلون، طالما هدفهم واحد، هو صدق ألتزاماتهم التي هم أختاروها بإرادتهم ولا سيما أنتماءاتهم، المحرك الأول هو ثقافتهم الوطنية، والثاني رغبتهم بتقديم ما أمكن من التضحية لخدمة شعبهم وبناء وطنهم!.
مالمو / السويد
30 / 8 / 2023