حرب اميركا في غزة ام حرب العدو الإسرائيلي ؟!؟
رنا علوان
يكاد يجزم الجميع ، انه لولا الإنتخابات المُنتظرة في اميركا لكان لسان حال الأخيرة ، فليتنحى اللقيط الاسرائيلي جانبًا ، انها حربنا نحن
ستة اشهر كانت كفيلة لتُظهر ما كان يبيّته الأميركي للمنطقة ، فما رعايته لهذه الحرب سوى لأنها تتوافق ومطامعه التي كان يُهندس لها ، بيد ان ما احدثه طوفان الاقصى ، هو ان فضح المخطط وبعثر الملفات التي كان يضعها الاميركي في دُرج مكتبه حتى يحين وقتها المناسب
تطرقت صحف ومواقع عالمية في تحليلات وتقارير إلى عودة الولايات المتحدة الأميركية إلى الشرق الأوسط على خلفية الحرب على قطاع غزة ، وإلى أبعاد خلافات الإدارة الأميركية مع رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
فما سَلّطت صحيفة “واشنطن بوست” الضوء عليه ، هو أن الحرب على غزة أعادت الولايات المتحدة بقوة إلى الشرق الأوسط ، وكتبت “بينما كانت الطائرات الأميركية تُلقي طرود الغذاء فوق غزة ، كانت مقاتلات وحوّامات أخرى فوق البحر الأحمر تقود جهود ردع “الحوثيين” انصار الله”
وأضافت الصحيفة ” أن الوضع في غزة بلور “حقيقة مهمة” للرئيس جو بايدن ، ومن سلفه من الرؤساء الأميركيين الآخرين ، بأن الانفكاك من الشرق الأوسط ليس بالأمر الهين”بحسب تعبيرها
لذلك ما يراه البعض من توسع في رقعة الخلافات بين اميركا والعدو الإسرائيلي ليس صحيح ، فما هو الا “كلمة أُفٍ” قالها الابن لأمه تحت سقف البيت الواحد ، فالمصلحة واحدة والحرب صهيو-اميركية بإمتياز
وبشأن خلاف الإدارة الأميركية مع نتنياهو ، فسّرت مجلة “الإيكونوميست” تنامي الانتقادات لرئيس وزراء العدو الإسرائيلي في الولايات المتحدة بأنه “رغبة من البيت الأبيض في إزاحة الرجل من المشهد فقط” وإستبداله بآخر مُطيع
وشدّدت مجلة الإيكونوميست أيضًا ، على أن الإطاحة بنتنياهو ليس أمرًا سهلاً ، وقد يكون محفوف بالفوضى والمخاطر ، “لأن مسار تغيير القيادة في كيان العدو الإسرائيلي مُعقد حاليًا ، ويحتاج إلى مرحلة انتقالية تتيح لنتنياهو لملمة أوراقه … وإذا تزامن ذلك مع الحرب في غزة وموضوع رفح والتوتر مع حزب الله في الشمال ، فسيكون بلا شك ، أمرًا يدعو إلى التمهل والتفكير”
ومن جهتها ، وصفت “فايننشال تايمز” رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه أحد أكثر زعماء العالم حظوة لدى الإدارات الأميركية ، لكنه قد يخسر هذه الحظوة
وتضيف الصحيفة في تحليل مطوّل أن مسؤولين إسرائيليين آخرين كانت لهم خلافات مع واشنطن ، لكن لا أحد منهم كان فجًّا مثله ، وفق تعبيرها
وتشير إلى أن نتنياهو يراهن في إدارة علاقته مع الولايات المتحدة على اللوبيات الداعمة له في واشنطن وعلى المشرّعين
وفي سياق آخر ، رصد تحليل لصحيفة “لوموند” الفرنسية تنامي الدعم للعدو الإسرائيلي بين المسيحيين الإنجيليين في الأمريكيتيْن ، ويُشار إلى أن هذا الدعم يُترجم في نشاطات وأعمال ملموسة لصالح كيان العدو الإسرائيلي ، لكنه لا يخرج بمجمله عن المنطلقات الدينية والعقائدية
وفي اسناد لهذا الرصد ، فقد ذكر الدكتور عبدالله معروف “باحث ومتخصص في علوم القدس والمسجد الأقصى” في حوار أخير له ان كيان العدو الإسرائيلي اليوم ليس “اسرائيل الواحدة” ، بل باتت مُنقسمة ، ووصف ذلك [ بإسرائيل الدينية المُتمثلة باليمين المُتطرف كبن غفير وسموتريتش وغيرهم بالإضافة الى الحاخامات… ] [واسرائيل السياسية المُتمثلة بنتنياهو وغيره ] فالأخيرة مطامعها تكمن في الوصول الى دولة اسرائيل الكبرى ، أما الأولى تطمح الى دفع توسيع كرة اللهب قدر المُستطاع واخذ العالم جميعه الى حرب طاحنة كي تتحقق نبؤة ظهور المسيح المُخلص ، حيث انها تجد في هذه الفوضى الحاصلة على اكثر من جهة “الفرصة السانحة” لتحقيق ذلك وخاصة انها اتمت ما سبق الحرب الكبرى من علامات وتحضيرات كتهجين البقرة الحمراء واحضارها الى فلسطين وملابس الكهنة اللازمة وتوفر جميع الشروط المتوجبة لتلك الطقوس
كما اننا نستنتج ، كيف انه لا تختلف اميركا مع مصالح اسرائيل السياسية ، كذلك لا تختلف ايضًا الصهيونية العالمية ومصالح اسرائيل الدينية
لقد سارعت اميركا منذ اليوم الأول للحرب ، للظهور في الصورة بشكل علني وصريح ، وأبدت إدارة بايدن دعمًا استثنائيًا على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والعسكرية ، وروجت لحق اللقيط الإسرائيلي في الدفاع عن نفسه ، كما منحته الضوء الأخضر لتدمير «حماس» وبنيتها العسكرية ، وأخذت تُغذيه بأسلحة متطورة ومساعدات عسكرية غير مسبوقة ، ونشر حاملتي طائرات وغواصة تعمل بالطاقة النووية في المنطقة ، واصطفّت مع إسرائيل في رفض الدعوات الأممية والدولية والعربية لوقف إطلاق النار ، وليس هذا فقط بل عرقلت الجهود في مجلس الأمن لاستصدار قرار لوقف إطلاق النار في غزة وحماية المدنيين من جرائم العدو ، والإبادة الجماعية التي ينفذها بحق الاطفال والنساء ، ” نعم هناك عملية تطهير عرقي لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً “
ومع مخاطر توسع الحرب في المنطقة ، وانتشار حركات التعبير عن المشاعر الجماهيرية الغاضبة ، عبر عواصم العالم في مظاهرات بأعداد غير مسبوقة ، فإن التساؤل المطروح ما الذي يمكن أن يقدم عليه الرئيس الأميركي جو بايدن ، وهو الأكثر قدرة على كبح جماح اللقيط الإسرائيلي واستخدام ثقله السياسي في فرض وقف لإطلاق النار ، وإرساء السلام في غزة ، واستئناف عملية سياسية تحقق للفلسطينيين بعض الحقوق ، وتقوم الإدارة الأميركية بتنفيذ وعودها بالمضي في مسار حل الدولتين كما تتبجح ، لكن الحقيقة هي ان للولايات المتحدة حسابات اكثر من العدو الإسرائيلي “تموج بها احتمالات المكاسب والخسائر” في هذه الحرب ، وتطور الأحداث تفرض عليها مراجعة هذه الحسابات بدقة قبل حسم اي قرار
كما ان هذه الحرب القائمة بمثابة ورقة دسمة يستخدمها كل من بايدن وترامب في حملاتهم الانتخابية ، وكان ملفتًا كيف رد ترامب على سؤال تلقاه من مساعده السابق سيباستيان غوركا عن انتقادات الديمقراطيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن طريقة تعامله مع الحرب على قطاع غزة ، حيث قال ترامب “أعتقد في الواقع أنهم يكرهون إسرائيل ، والحزب الديمقراطي يكره إسرائيل” في محاولة منه للعزف على نغمة معادات السامية التي لن نجد خاتمة لها حتى انتهاء هذا السرطان الذي اوجدوه خدمة لمصالحهم فقط
2024-03-19
