جدوى مستمرة ..! أحمد حمدي
من بين أيام الله الكثيرة التى نحتفل بها، نحن معشر مقاومى قوى العدو الدولى والغطرسة الأستعمارية، يبرز اليوم الثانى عشر من يناير لكن من العام 2016، فهو اليوم الذى أقتحم فيه زورقين تابعين لبحرية العدو الأمريكى، للمياه الأقليمية الأيرانية وهما بكامل العدة والعتاد والتسليح، وعلى متنهما عشرة أفراد من قوات “المارينز” الأمريكى، لتتصدى لهما البحرية الأيرانية على الفور بقوات التدخل السريع، وترغمهما على الأستسلام المهين وتأسرهما بكامل طواقمهم، ويتم أقتيادهم أسرى أذلاء الى تحقيق مكثف ..
من الجدير بالذكر عند سرد تفاصيل هذه العملية، أيضاح وجود حاملة الطائرات الأمريكية “هارى ترومان”، التي كانت ترصد المشهد وبالقرب منها نظيرتها الفرنسية “شارل ديجول”، فقد كانا موجودتين في نفس المنطقة ولكن في المياه الدولية، وحاولت حاملة الطائرات الأمريكية التحرك لأنقاذ الزورقين قبل السيطرة عليهما، فحرّكت منها طائرتين هليكوبتر بإتجاه الزوارق، وأرسلت مؤشرات حربية عن إمكانية التدخل، وقامت بجملة من الحركات الإستفزازية، لترد عليها القوات البحرية الأيرانية، بإجراءات مضادة تؤكد أن الحراك العسكري لإنقاذ السفن سيؤدي إلى اشتباك حتمى، فأنسحبت عائدة الى الحاملة تاركة الزورقين فى أيدى القوات الأيرانية ..
بعد الأسر مباشرة خرجت وكالة “أسوشييتد برس” للأخبار، بتصريح من وزير الخارجية الأميركي فى وقتها “جون كيري”، مفاده أتصاله بنظيره الأيرانى “جواد ظريف” لخمس مرات متتالية، ليشرح له أن الزورقين كانا فى مهمة روتينية مابين “الكويت” و”البحرين”، عندما تعرضا الى مشكلة تقنية أدت لدخولهما المياه الأيرانية، وبالتالى فهو حادث غير متعمد ولامقصود، داعيآ السلطات الأيرانية الى الأفراج عن الزورقين والبحارة، ناقلآ فى الوقت ذاته رد نظيره الأيرانى، بأنه سيتم التحقيق أولآ مع طواقم الزورقين، وفحص أجهزة الملاحة والتوجيه فى الزوارق للتأكد من الرواية الأمريكية، داعيآ فى الوقت نفسه الأدارة الامريكية لتقديم أعتذار رسمى، على تصرف حاملة طائرتها برعونة وتهور ..
بعد الحادث بأيام أعلنت القيادة الأيرانية، أنتهاء التحقيق مع أفراد “المارينز” الأمريكى، وفحص الزوارق وأخضاع بيانتها الى التحليل الدقيق، وتقديم الخارجية الأمريكية الأعتذار والتعهد، بعدم تكرار تصرف قواتها بشكل غير مهنى فى الظروف المماثلة، ليتم أقتياد الزورقين وطواقمهم الى المياه الدولية، تحت حراسة قوات البحرية الايرانية ليتم تسليمهم الى نفس حاملة الطائرات، ليخرج بعدها عدة أفراد من “المارينز” الذين تم أسرهم، فى مقابلات ولقائات صحفية مختلفة، ليشيدوا بشكل التعامل الأنسانى أثناء التحقيق رغم كثافته وصرامته ..
موطن سعادتنا وفخرنا بالعملية ليس لأننا أيرانيون أبدآ، وليس حتى تباهيآ بقوة غيرنا وقدرته على حماية مياهه الأقليمية، بل هو فقط لأن هذه العملية ومثيلاتها من العمليات المشابهة، على طول التاريخ الأنسانى وعرضه، تثبت بما لايدع مجالآ للشك أن الغطرسة الأستعمارية نمر من ورق، يسهل حرقه وهزيمته دومآ متى توفرت أرادة المقاومة، كما تؤكد كمثيلاتها أن من يقاوم لن يمكن هزيمته أبدآ، فهاهو النموذج الأيرانى أمامنا، وقد أستعاض عن المقاومة بالمزيد من المقاومة، فشق طريقه وفرض أرادته وسط حصار خانق، وحرب دولية شعواء، ونجح فى أذلال العدو الدولى وأخضاعه لأرادته، فهل من الممكن أن نستقى من التجربة أفضل مافيها، أم من الأفضل البقاء تحت أقدام العدو الدولى .؟